19 أيار/ مايو 2000: 13 معتقلا عادوا إلى الحرية
ثلاثة عشر معتقلا عادوا الى احضان عائلاتهم ووطنهم بعد "شلال" من الدموع والدم. الاعوام التي امضوها في الاسر والزنازين "الاسرائيلية" زادتهم قوة ومناعة وتمسكاً اكثر بقضيتهم وعقيدتهم التي آمنوا بها وناضلوا في سبيلها.
عاندوا طوال تلك الاعوام المرّة قرارات المحاكم الجائرة التي لا تعرف القانون والمنطق، فارادة المحتل تخالف كل المواثيق والشرائع.
من معبر كفرتبنيت الى مدينة النبطية وصولاً الى حارة حريك في الضاحية الجنوبية، اقيم لهم عرس شعبي لم يشارك فيه مسؤول رسمي واحد.
تسابق المحررون المكللة اعناقهم بالورد والغار نحو الامين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله لتقبيل عمامته. وكان مبتسماً كعادته، مطمئنا اليهم لانهم لم يسقطوا في مكائد "الاسرائيليين" وافخاخهم.
في السابعة والنصف مساء وصل موكب المحررين الـ13 الى باحة شورى حزب الله في حارة حريك. ونفذت عناصر تابعة للحزب طوقا امنيا محكماً بعدما اخضعت الصحافيين والمصورين لتفتيش دقيق.
اقلت المحررين من معبر كفرتبنيت حافلة للصليب الاحمر الدولي ورافقهم النائب السابق محمد برجاوي، وتقدم الموكب مسؤول الحزب في الجنوب الشيخ نبيل قاووق.
وطوال الرحلة من كفرتبنيت الى بيروت كانوا يسألون برجاوي عن اسماء المناطق التي يعبرونها وعن آخر الاخبار السياسية.
وتهافتت عائلات المحررين نحو الحافلة، واخذ احمد طالب بتقبيل والدته وشقيقته من النافذة ونثر الجيران الارز والورود والعطور فوق رؤوس الحاضرين الذين هتفوا باعلى اصواتهم "يا الله يا الله احفظ لنا نصر الله".
وترجل المحررون من الحافلة في صف واحد يتقدمهم عباس سرور واحمد عمار، وحملهم الشبان على الاكتاف. وكان في استقبالهم الامين العام السيد حسن نصرالله والنائب عبدالله قصير والسيد هاشم صفي الدين.
عباس سرور قال: "اليوم عرس كل لبنان، و تبلغت نبأ الافراج في الثالثة بعد الظهر".
وأرتجل السيد نصر الله كلمة قصيرة قال فيها:"فرضنا على "اسرائيل" الاعتراف بالقرار 425 بعد 22 عاماً عليه. والمقاومة كانت وراء اطلاق هؤلاء الاسرى. ولن نقبل الا باطلاق كل المعتقلين في السجون "الاسرائيلية" ومعتقل الخيام".
اضاف: "كما قلت في ذكرى عاشوراء يجب ان يعود كل هؤلاء الى ديارهم وعائلاتهم". ودان "اسرائيل" التي "تطلق احكاماً غير مشروعة وغير قانونية على الشيخ عبد الكريم عبيد والحاج ابو علي الديراني". وختم "يجب الا نترك اسرانا في السجون".
وبعد القاء كلمته اصطحب السيد نصرالله المحررين الى طبقته في احد المباني وشربوا معاً العصير والمرطبات ولم يسمح جهاز امن الحزب الا لقلة من اقرباء المحررين والصحافيين بالدخول.
جلسوا في حلقة يتوسطهم نصرالله مثل الاب الذي يحضن اولاده. وكانوا يتسابقون على تقبيل جبينه ويديه، فيما يوزع عليهم ابتساماته المعهودة.
وقال احمد طالب: "فرحتي لا توصف وانا الى جانب سماحة الامين العام، لكنها تكتمل عندما يتم الافراج عن الشيخ عبيد والحاج الديراني". اضاف: "آخر مرة شاهدت الشيخ عبيد في احد السجون عام، 1994 وكنا نردد معه الادعية من خلف القضبان".
قوة واعتزاز
وتحدث حسين دقدوق ابن بلدة عيتا الشعب المحتلة بلكنة فلسطينية، وقال: "شعرت بالقوة والاعتزاز عندما صافحت سماحة السيد، وانتظرت هذه اللحظة اعواماً".
وقاطعه حسين رميتي: "السيد تاج فوق رؤوسنا".
اما احمد جلول فقال: "يزعجني فقط بقاء اخوة لنا في المعتقل، ونتطلع الى اليوم الذي يطلق فيه الجميع، الاسبوع الفائت كان اطول ايام الاسر".
واعلن علي سرور ان "القوات اللبنانية" خطفته على حاجز لها في محلة المرفأ وامضى في سجونها عامين واربعة اشهر ثم نقلوه الى "اسرائيل" بواسطة احدى البواخر من مرفأ جونيه".
وقال حسين احمد:"اعتقلني عناصر "القوات" على حاجز لهم في منطقة مونتي فردي وسلموني في ما بعد الى "الاسرائيليين".
انسحاب جدي .. الساعات الحاسمة
وفي القدس مهّدت المحكمة العليا "الاسرائيلية" الطريق امام الافراج الفوري عن السجناء اللبنانيين الـ13 عندما رفضت التماساً قدّمه اقارب الطيار المفقود رون اراد لوقف قرار الافراج عنهم.
وصرّح مسؤول في المحكمة طلب عدم كشف هويته ان المحكمة اعطت الضوء الاخضر لاطلاق المعتقلين الاداريين برفضها طلب استئناف اخير يهدف الى الاستمرار في احتجازهم.
واوضح مصدر عسكري ان عملية الافراج عن المعتقلين الـ13 تمت في الثالثة فجراً بالتوقيت المحلي من سجن ايالون حيث كانوا معتقلين ادارياً، الى مقر توقيف في كيشون قرب حيفا ووصلت سيارتا جيب عسكريتان وحافلة تغطي نوافذها اوراق الصحف في الخامسة والنصف صباحاً الى سجن كيشون، ونقلت السجناء موثوقين ومعصوبين الى قاعدة عسكرية قرب الحدود مع لبنان الى حين صدور قرار المحكمة.
ويذكر ان قرار اطلاق الـ13 أرجئ مرتين.
... الى أرض الوطن
قافلة بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر المؤلفة من سيارتي جيب وسيارة سياحية وباص وصلت في الثامنة صباحاً الى "الجدار الطيب" عند معبر فاطمة في كفركلا. واقلت في الرابعة والثلث بعد الظهر المفرج عنهم الـ13 باشراف مندوب البعثة في الشريط بشارة حنا الى خارج الشريط الحدودي عبر معبر كفرتبنيت. ورفع الاسرى شارات النصر عبر النوافذ وهم يغادرون المعبر.
... ومعبر الحرية
ذوو المحررين الـ13 واقرباءهم احتشدوا بالمئات منذ ساعات الصباح الاولى، عند حاجز الجيش قرب معبر كفرتبنيت. وانضم اليهم مئات من المحررين السابقين والشخصيات السياسية والحزبية.
الانتظار كان طويلا وثقيلا. والاستعدادات لاستقبال العائدين من الأسر كانت قائمة: رايات حمر وصفر وخضر، وأناشيد وطنية وحزبية بثتها مكبرات للصوت رفعت على سيارات. ورفع عدد من ذوي المحررين صور أبنائهم ولافتات شكر لـحزب الله.
ساعات الانتظار امتدت حتى الرابعة بعد الظهر عندما تأكد خبر الافراج عنهم فدبت "الروح" في مكبرات الصوت وعادت الرايات لترفرف. ومعها بدأ تدافع المحتشدين في اتجاه حاجز الجيش في كفرتبنيت والتقدم منه نحو معبر كفرتبنيت.
وقرابة الخامسة الا ربعا عصرا، وصل المحررون في باص وسيارتي رانج روفر وبيجو تابعة للجنة الدولية للصليب الاحمر يرافقهم رئيس البعثة في لبنان هنري فورنييه. وانضم اليهم عند معبر كفرتبنيت النائب السابق محمد برجاوي والمسؤول عن حزب الله في الجنوب الشيخ نبيل قاووق.
وشق الموكب بصعوبة طريقه بين الحشود التي اعتلى بعضها الباص رافعا عليه رايات واعلاما، ومرددا هتافات التكبير والدعاء للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله. ونثرت نساء وردا وأرزا. ولوحظ ان المفرج عنهم ربطوا رؤوسهم بعصبات كتبوا عليها "المقاومة الاسلامية". وانطلق الموكب نحو النبطية ولحق به اكثر من 200 سيارة. وفوجئ كثيرون من المستقبلين باكمال الموكب طريقه الى حارة حريك، اذ تردد ان لقاء مع المحررين سيعقد في حسينية النبطية.
وترافق مرور الموكب في النبطية مع اجواء فرحة، اذ اطلق السائقون العنان لمنبهات الصوت، وانتشرت "حواجز محبة" لعناصر من حزب الله وزعت حلوى على المارة.
وكان قاووق اعلن قبل وصول المفرج عنهم الى كفرتبنيت "ان تحرير الاسرى هو انتصار للمقاومة وهزيمة للعدو".
المفرج عنهم
المفرج عنهم هم:
- محمد عبد الهادي ياسين (37 عاماً) من مجدل سلم. امضى 14 عاماً في الاعتقال.
- علي حسين عمار (34 عاماً) من ميس الجبل. اعتقل 14 عاماً.
- احمد محسن عمار (33 عاماً) من ميس الجبل. اعتقل 14 عاماً.
- حسن حجازي (30 عاماً) من ميس الجبل. اعتقل 14 عاماً.
- بلال عبد الحسن دكروب (36 عاماً) من تبنين. اعتقل 14 عاماً.
- عبد الحسن حسن سرور (31 عاماً) من عيتا الشعب. اعتقل قبل 13 عاماً.
- يوسف يعقوب سرور (31 عاماً) من عيتا الشعب. اعتقل قبل 13 عاماً.
- حسين فهد دقدوق (31 عاماً) من عيتا الشعب. اعتقل قبل 13 عاماً.
- احمد محمد طالب (34 عاماً) من عديسة. اعتقل قبل 10 اعوام.
- احمد بهيج جلول (35 عاماً) من برج البراجنة. اعتقل قبل 10 اعوام.
- حسين احمد رميتي (37 عاماً) من المجادل. اعتقل قبل 10 اعوام.
- حسين بهيج احمد (33 عاماً) من الغبيري. اعتقل قبل 10 اعوام.