28 آذار/ مارس 1984: جبشيت تواجه الاحتلال من جديد
بلدة جبشيت في الجنوب اللبناني تقف مرة أخرى في مواجهة الاحتلال الصهيوني. أكثر من ثلاثة آلاف جندي صهيوني وعناصر من الميليشيات العميلة للاحتلال اقتحموا البلدة وأطلقوا مدفعية الدبابات ورشاشات المروحيات العسكرية على أهلها العزّل. أدت المواجهة إلى استشهاد سبعة أشخاص وجرح عشرات آخرين ، واعتقلت القوات المهاجمة المئات من شباب البلدة.
شاهد عيان من الذين عاشوا هذه المواجهة يقول: "بلدة جبشيت اقتحموها من عدة مداخل من عدشيت وعبا ومن حاروف ، طوّقوا البلدة كلها ، بحدود ما يضاهي خمسة آلاف جندي . طبعاً في الشوارع كان لهم تواجد مع آليات . وجرت مواجهة مع الأهالي على إثرها سقط شهداء وجرحى، أذكر الشهيدة صبحية التي استشهدت على هذا المدخل هنا، والقوات الإسرائيلية كانوا يعملون على تطويق بيت الشيخ عبد الكريم عبيد ، وكانت الحجارة تنهال عليهم مثل المطر ، الشهيدة صبحية مع ابنتها والكثير من الأهالي كانوا يعطون الإخوان والشباب الحجارة ويساندونهم ويعطونهم المعنويات . جنود الاحتلال بملالاتهم لم يستطيعوا اقتحام بيت الشيخ عبد الكريم ، تراجعوا إلى هنا وبدأوا بإطلاق النار على الأهالي مباشرة من الملالات فأصيبت برأسها الشهيدة صبحية ووقعت، سقطت شهيدة في سبيل الله".
شاهدة عيان أخرى تقول: "بدأنا بالحجارة، وهم بدأوا بإطلاق النار، رأيت أخي ينحني فظننت أنه ينبطح تحاشياً للرصاص، تقدمت، حركته فوجدته ميتاً، تركته وعدت إلى البيت، كذلك امرأة تكون أمها بنت خالتي استشهدت على الطريق فوراً، وامرأة أخرى وغيرها أصيبوا، وإلا يأتي ضابط، يرتدي لباساً مدنياً ولا يظهر عليه أنه إسرائيلي، قال لي هذا البيت لكم، قلت له نعم لنا، فقال اخرجوا من البيت، وأولادي مختبئين بداخله، وبينهم شخص اسمه محمد داوود، قال لي نريد أن نهدم البيت، صرت أفكر ماذا أفعل، إن تركتهم سيموتون وإن أخرجتهم سيأخذونهم. أخرج من البيت فلا أجد إلا الجنود الإسرائيليين، لا أجد إلا أنا والبنت الصغيرة، فقلت لأخرجهم ويأخذونهم أفضل من أن يموتوا داخل البيت. خرج الأولاد من البيت وهدّوا البيت وأنا طوال اليوم أدور فيه ولا يوجد إلا عباءتي البالية على رأسي ، آخر أمر أرادوا تصويري بينهم ، فقلت له أقتلك وأقتل نفسي إن أمسكت العباءة بيدك، عندها صوروني وأنا أغطي وجهي بالعباءة".