كشف الجنرال الفرنسي الكورسيكي آلان بلغريني الذي قاد قوات "اليونيفل" خلال
حرب تموز 2006 في حديث لصحيفة "السفير" أن الولايات المتحدة الأميركية
قدمت عرضاً لـ "اليونيفل" خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان لمساعدتها على
القيام بعمليات، وقد صادف هذا العرض اجتماعات في روما درست إمكانية إرسال
قوات دولية تحت أعلام الأمم المتحدة، بحسب ما أورده بلغريني.
وفي كتاب وضعه تحت عنوان "صيف من نار - كواليس نزاع معلن" يروي فيه يومياته
خلال حرب تموز 2006، يقول بلغريني "المحاولة بدأت بمكالمة هاتفية للملحق
العسكري الأميركي في بيروت، وفي ساعة مبكرة من صبيحة السابع والعشرين من
تموز حيث عرض عليّ أن ألحق بأركاني ضابطين أميركيين، وأربعة آخرين، يعملون
كضباط ارتباط، في حال القيام بعملية مشتركة"، مشيرا الى ان الولايات
المتحدة نشرت قبالة السواحل اللبنانية وحدة التدخل البحرية الرابعة
والعشرين، وهي وحدة قادرة على التدخل في منطقة عملياتي، ومستعدّة لتزويدي
بالتعزيزات الضرورية في حال القيام بأي عملية".
وفي السياق نفسه، أضاف بلغريني انه في الوقت الذي كان من المحتمل أن يستوي
لأميركا التدخل العسكري في حرب تموز عبر "الناتو" بعد تعثّر الهجوم
الإسرائيلي ضد حزب الله، كانت تجري مفاوضات في نيويورك لدراسة احتمالات
التدخل عبر قوات الأطلسي، موضحا أن "البلدان الغربية، باستثناء فرنسا، كانت
متفقة في مشاوراتها في نيويورك على لوم "اليونيفيل" لعدم فاعليتها،
وتحاول، بشكل خاص، إحلال قوات أخرى، من دون قبعات زرقاء، يرسلها "الناتو"
أو الاتحاد الأوروبي، قوة متعددة الجنسيات، كان الرئيس الأميركي السابق
جورج بوش يتمنى رسمياً، جمعها بأقصى سرعة، من دون انتظار وقف إطلاق النار".
الى ذلك، أكد بلغريني لـ"السفير" أنه كان من المحتمل أن يتحوّل جنوب
الليطاني إلى منطقة عمليات لقوات من الناتو، قائلاً "لو اضطررنا لأسباب
لوجستية إلى الانسحاب، أو بسبب الجرحى، لما كنا سنعود إلى جنوب لبنان".
وحول حرب التجسس التي تخوضها "إسرائيل" على "اليونيفل" للإستيلاء على ما
تجمعه هذه القوات من معلومات عن حزب الله، قال بلغريني للصحيفة إن "إسرائيل
لا تحصل نظرياً ونظرياً فقط على تقارير "اليونيفل" عن مواقع حزب الله في
منطقة عملياتها خصوصاً أن كتّابها هم من خيرة الضباط الذين تنتدبهم بلادهم
لمهمة شائكة، وهكذا فإن ما يحميها من الوقوع في الأيدي الإسرائيلية، هو
اكتفاء الضباط الدوليين في التقارير الدولية، بعدم تحديدها بدقة على
الخريطة لتضليل الإسرائيلي".
وإذ أكد أن المعلومات التي جمعها ضباط اليونيفل "تصل الى الإسرائيليين إما
عن طريق التنصت، وإما عند بلوغها الأمم المتحدة في نيويورك"، أردف بلغريني
قائلا " نعلم أنه يجري التنصت علينا، للبرهان على ذلك، في كل مرة أرسل
تقريري نصف السنوي للتجديد لليونيفل أرفقه بتفاصيل إلى قيادة قوات الأمم
المتحدة وحدها، وعلى الرغم من أن التقرير مشفّر، كنت أتلقى مباشرة بعد كل
تقرير إلى نيويورك، رسالة من الجيش الإسرائيلي، تحتوي اقتراحات لكتابة
التقرير، أملاً بتعديله".
وفي ما يتعلق بتضاعف الإستخدام الإسرائيلي للقنابل العنقودية، في مناطق
العمليات كافة، أكد بلغريني أنه "لا يوجد أي مبرر تكتيكي لاستخدامها، وهي
لا تبحث عن بلوغ أي أهداف عسكرية، بل تخوم القرى، وحقول الزيتون، التي يبدأ
جنيها في أيلول"، مضيفاً "من الواضح أن إسرائيل تسعى إلى معاقبة لبنان
بأسره، لتركه حزب الله طليق اليدين".
وعمّا إذا جرى استخدام اليورانيوم المنضّب في جنوب لبنان، أوضح بلغريني
لـ"السفير" ان هذا اليورانيوم يستخدم لتقوية رؤوس القذائف لخرق التحصينات،
وأضاف "لقد استخدم الإسرائيليون أنواعاً متعددة من القذائف، وقد جرى تحقيق
بعد أشهر، ولم يعثر الخبراء على أثر لإشعاعات"، لافتاً الى أن "الشك لا زال
يراوده في ذلك، وليس وحده" رغم عدم العثور على دلائل.