السيد نصرالله يقتحم الجبهه الداخلية الإسرائيلية ويجعلها مسرح الحرب النفسية
هيلدا المعدراني (موقع الانتقاد. نت)
...وإن كان خطاب سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في 25 آيار /مايو الماضي في العيد العاشر للتحرير أحد فعاليات هذه المناسبة المجيدة عبر إعادة إنتاج معانيها بما يخدم التحديات الحاضرة على كثرتها، إلا أنه دخل مرة أخرى في صلب الموضوع ليسجل نصراً جديداً لمصلحة المقاومة في مجال الحرب النفسية المفتوحة بينها وبين العدو الإسرائيلي حرب تموز /يوليو عام 2006.
في قراءة أولية وسريعة لكلمة سيد المقاومة، يقول خبير استراتيجي أن المفاجأة لم تكن في ما كشفه السيد الثلاثاء الماضي عن قدرة المقاومة على تحقيق إضافة نوعية وجديدة في معادلة الردع مع العدو لجهة الرد على أي حصار بحري قد تفرضه "اسرائيل"على لبنان بحصار مضاد ستفرضه المقاومة على موانئها وشواطئها، إنما المفاجأة في ما افصح عنه الخطاب عن الطريقة الفعالة والناجحة التي تدير بها المقاومة الحرب النفسية مع هذا العدو، وكيف استطاعت أن تربكه في أكثر من مكان وفي عقر احتلاله ولتعدل من موازين القوى لمصلحتها في كسب هذه الحرب، بحيث ظهر في خطاب السيد الأخير أن المبادرة في هذه الحرب تكرس انتزاعها من يد الإسرائيلي وباتت في قبضة المقاومة.
وإذا كانت "إسرائيل" وإلى وقت قريب، قد نجحت في فتح أكثر من جبهة في وجه المقاومة في سياق الحرب النفسية، تجلت أخيرا بإثارة مسألة صواريخ السكود، وإرفاقها بتهويلات أميركية وأوروبية مع ديبلوماسية شارك فيها أكثر من طرف دولي للتهويل على المسؤولين في الدولة اللبنانية من بطش الكيان الصهيوني في حال لم يبادروا إلى وضع حد لتراكم القوة لدى المقاومة، إلا أن الخبير المذكور يرى في ما أورده السيد في كلمته أن المقاومة نقلت بسرعة خاطفة مسرح هذه الحرب من الداخل اللبناني إلى الجبهة الداخلية للعدو.
ويرى الخبير نفسه أن السيد نصرالله في خطابه الأخير أشتغل على ثلاث مسائل، أفقدت العدو المبادرة في الحرب النفسية، وستجبره على إعادة تنظيم صفوفه من جديد مع ما يعني ذلك من تغيير في التكتيك والأساليب التي يتبعها لمحاصرة المقاومة وترهيبها، هذا في حال ما زال يملك الجلد في متابعتها إلى النهاية، وعن هذه المسائل الثلاث يقول:
أولا ـ منذ انتهاء حرب تموز 2006، قام الإسرائيلي بسلسلة من الخطوات لإعادة ترميم جبهته الداخلية ومعالجة العقد النفسية المهددة لتماسك هذه الجبهة، والتي تفشت إثر هذه الحرب، خصوصا لجهة اهتزاز ثقة الجمهور الإسرائيلي بقدرة جيشه على تخليصه من خطر المقاومة، وكان من هذ الخطوات المناورات الكثيفة التي يجريها جيش العدو دوريا، ومنها مناورة تحول 4 الأخيرة، غير أن السيد نصرالله بما لكلامه من صدقية خبرها الإسرائيليون في أكثر من مناسبة، عاد ليزرع الشكوك بقيمة وجدوى هذه المناورات، ويفضح أكاذيب قادتهم وخداعهم للإسرائيليين عندما أكد أن صواريخ المقاومة ستشق طريقها إلى اهدافها على الرغم من كذبة الصواريخ المضادة والقبة الحديدية وغير ذلك من الخدع.
ثانيا ـ في الوقت الذي انهمك فيه قادة العدو بتطمين جمهورهم من الأخطار التي تتوعدهم بها المقاومة على دفعات متتالية، عاد السيد في كلمته الأخيرة ليضعهم أمام خطر جديد لم يكن في حسابهم وهو الحصار البحري على كيانهم الغاصب. فالمناورات التي أجروها لإعادة الاطمئنان لهذا الجمهور لم تأخذ بعين الاعتبار هذا الخطر المستجد، وهذا ما سيفرض على العدو من جديد معاودة الاشتغال على هذا الأمر ما يفقد ما قاموا به من مناورات الحصيلة التي كانوا يتوقعونها، هذا علما أن السيد نصرالله ما زال يحتفظ بمفاجآت أخرى في جعبته بانتظار التوقيت المناسب.
ثالثا ـ نجاح السيد في تثبيت مسرح الحرب النفسية على أرض العدو، فإن كانت الهواجس أو المخاوف من اندلاع الحرب متوزعة على الطرفين، إلا أنه وفي كل مناسبة يتحدث بها استطاع أن يرسم بوضوح الأهوال التي تنتظر الإسرائيليين في حال تورطت حكومتهم في مغامرة مع المقاومة. وبالمقابل، نلحظ تفاعل جمهور المقاومة مع خطب السيد نصرالله لدى حديثه عن أية مواجهة مقبلة، لدرجة تجاوز خوف حدوثها، ما يكشف عن استعداد كبير للتضحية ما دام سيناريو الانتصار كما يصفه السيد ويصدقه شعب المقاومة وهو تغيير وجه المنطقة لمصلحة شعوبها.
وإذ يلفت الخبير إلى أهمية كسب الحرب النفسية، يذكّر أن الأميركيين في حربهم الأولى مع العراق تمكنوا من خلال خدعة البث المباشر عبر محطة (السي إن إن) التي نقلت مشاهد قليلة عن قصف بغداد والدمار الذي تحدثه الصواريخ الأميركية، من تحطيم معنويات الجيش العراقي واستسلامه، ومن هنا يدعو إلى متابعة الفصول المثيرة لهذه الحرب التي ستنعقد على نتائجها التطورات الكبرى في المنطقة.