لم يترك الغزيّون بيوتهم وأعمالهم بعد ليفترشوا شاطئهم بانتظار وصول
«أسطول الحرية». الوقت لم يحن بعد. فالموعد المنتظر هو صباح غدٍ السبت،
بعدما انطلقت صباح أمس أربع من السفن التسع المشاركة ضمن الأسطول من ميناء
جزيرة رودوس في اليونان، فيما بدأت سفنٌ أخرى رحلتها إلى قبرص في الساعة
الحادية عشرة من ليل أمس.
تكاد رمزية الحدث تغلب الحدث نفسه. يكثر الحديث عن حماسة المتضامنين
لتحقيق هدفهم وكسر الحصار، غير مكترثين بالتهديدات الإسرائيلية. يستمدّون
عزمهم من كم الدول المشاركة، وخصوصاً تركيا، التي قيل إنها تستعدّ لمرافقة
السفن عسكرياً، خلال انطلاقها من قبرص إلى غزة. إلا أن أحداً لم يؤكد
الخبر.
ومع أنه مقرر للأسطول، المزود بأجهزة بث مباشرة، أن يصل إلى غزة غداً،
إلا أن رئيس الحملة الأوروبية، رامي عبده، قال إنه «في حال وصول جميع
السفن إلى قبرص ظهر اليوم، ستتجه مباشرة إلى غزة لتضمن وصولها صباح غد.
أما إذا وصلت بحلول بعد الظهر، فقد تؤجل الانطلاق لتصل بعد غد الأحد». في
المقابل، يشير عضو الحملة الذي انطلقت من رودوس، أمين أبو راشد، إلى أن
«قائد السفينة أبلغهم أن الوصول إلى قبرص سيكون صباح اليوم»، الأمر الذي
يتطابق مع المخطّط.
هذا الإصرار قوبل بحملة دبلوماسية إعلامية إسرائيلية، تهدف إلى إضفاء قدر
من المشروعية على الإجراءات التي تنوي القيام بها حيال الأسطول. وزير
الدفاع، إيهود باراك، أكد لعدد من وزراء الخارجية الأوروبيين أن «قافلة
السفن ليست سوى عملية استفزاز واضحة»، متعهداً أن «تُنزل الشحنات الموجودة
على السفن في ميناء أسدود، وتُنقَل إلى القطاع بعد فحصها».
وركز باراك على أن «حماس تحكم في قطاع غزة، وهي منظمة إرهابية تعمل على
تهريب وسائل قتالية وصواريخ هدفها المسّ بإسرائيليين. لذا ينبغي لنا
مراقبة المنطقة البحرية».
والتقى المدير العام لوزارة الخارجية، يوسي غال، عدداً من السفراء
الأوروبيين، مؤكداً أن «قوات الأمن الإسرائيلية تنوي منع إدخال الأسطول
إلى غزة».
وفي السياق، قالت صحيفة «هآرتس» إنّ «سفن أسطول الحرية ستُوَجَّه نحو
ميناء أسدود، الذي أحضر قوات كبيرة، بالقوة إذا تطلب الأمر، على أن
تُفَرَّغ المساعدات وتفتَّش وتُنقَل بعد ذلك إلى غزة». وقال متحدث باسم
جيش الاحتلال «إنه سيتوجه أكثر من مرة إلى هذه السفن ليطلب منها أن تعود
أدراجها. وإذا واصلت إبحارها، فسيعترضها ويسيطر عليها»، كاشفاً عن تجهيز
مركز احتجاز لاستقبال نشطاء القافلة.
هذه التهديدات لم تثنِ المتضامنين، وقال عبده إنه يعوّل على الجنسيات
الأوروبية الكثيرة التي يضمها الأسطول، والتي قد تمنع إسرائيل من تنفيذ
تهديداتها. وفي ما يتعلق بالزخم الإعلامي الذي يرافق هذا الأسطول مقارنة
مع سفن كسر الحصار السابقة، شرح عبده أن «عوامل نجاحنا تكمن في البعد
الإعلامي. وقد حققنا نسبة جيدة من النجاح من خلال هذا الزخم، لأننا نهدف
إلى تسليط الضوء على الحصار الذي تفرضه إسرائيل وصولاً إلى كسره». ويتحدث
عبده عن فرص وصول تصل إلى «مئة في المئة»، مشيراً إلى أنها نسبة صالحة
للنشر في الصحيفة.
من جهته، تحدث أبو راشد عن التدريبات التي خضع لها المتضامنون الـ750
لمواجهة التهديدات الإسرائيلية. قال إنه «إذا صعد الجيش الإسرائيلي إلى
السفن لاعتقالنا، فسنحاول التصدي له من خلال سلسلة بشرية ستمتد على كامل
أطراف السفينة». وفي حال اختطاف السفينة، «ستُفعَّل خطة الطوارئ التي
اتفقنا عليها في أوروبا والعالم العربي، حيث سيتظاهر الناس أمام السفارات
الإسرائيلية إلى أن يُطلَق سراحنا، إضافة إلى استعداد عدد من المحامين
لرفع دعاوى عاجلة في حال تعرُّضنا لأي مكروه».
وكان رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، النائب جمال الخضري، قد أكد أن
«خيار المتضامنين الوحيد هو الوصول إلى شواطئ غزة حتى لو اضطروا للمكوث في
عرض البحر أطول فترة ممكنة».
من جهته، رأى رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار في غزة، أحمد يوسف، أن
«نجاح أسطول الحرية في الوصول إلى غزة هو بداية نهاية الحصار الإسرائيلي».
وأضاف أن «اللجنة الحكومية لكسر الحصار، بالتنسيق مع اللجنة الشعبية لفك
الحصار، تعمل على ترتيب فعالية استقبالية للمتضامنين، من خلال تسيير 100
قارب فلسطيني».
وإضافة إلى كمّ البرلمانيين الأوروبيين الموجودين على السفن، أشارت
التقارير الإعلامية الإسرائيلية إلى «وجود مطران الكنيسة اليونانية
الكاثوليكية، هيلاريون كبوتشي، الذي اعتقله خلال السبعينيات جهاز الشاباك،
على خلفية اتهامه بتهريب مواد متفجرة من لبنان إلى إسرائيل».