هربت تل أبيب على مدى اليومين الماضيين من الرد على معادلة السيد
حسن نصر الله، وتهديده بفرض حصار بحري على إسرائيل في حال إقدامها على
حصار الشاطئ اللبناني. وفيما فضل عدد محدود من الساسة التعليق بصورة غير
مباشرة، عبّر إسرائيليون عاديون عن خشيتهم و«تصديقهم» للمعادلة الجديدة
التعليق الإسرائيلي الأول على المعادلة الأخيرة للأمين العام لحزب
الله السيد حسن نصر الله، صدر عن وزير البنى التحتية عوزي لانداو، الذي
بالغ في التهديد من دون أن يذكر حزب الله بالاسم. وفي حديث للفضائية
الإسرائيلية أمس، رداً على سؤال يتعلق بـ«التهديدات الأخيرة التي يطلقونها
ضد إسرائيل»، قال لانداو إنّ «من الواضح لدى السوريين، وأيضاً لدى الجميع
من حولنا، أن من يتجرأ على توجيه ضربة لنا فسيعود مئات السنين إلى الوراء،
وليس لديّ أي شك في ذلك»، مضيفاً أن «أي نظام يقوم بضربنا، لن يبقى
موجوداً. الدولة التي تقوم بذلك لن تبقى على حالها في المستقبل، كما هي
عليه الآن».
ورداً على سؤال مباشر عن الجهة المقصودة بكلامه، وإن «كان الكلام موجهاً
إلى سوريا ولبنان»، قال لانداو: «لا أريد أن أذكر الأسماء، لكن يجب أن
يكون واضحاً للجميع، أن الدولة العبرية ترى أن سوريا هي المسؤولة عمّا
يمكن أن يصيبنا في المستقبل انطلاقاً من لبنان، فسوريا هي التي تقف خلف ما
يحدث هناك».
من جهته، تهرب نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، متان فيلنائي، من التطرق إلى
«المعادلة البحرية الجديدة»، وحاول إعطاء تفسير «للتهديدات الصادرة عن نصر
الله والسوريين»، لكنه شدد في المقابل على أن «ليس لديه اهتمام بما أدلى
به»، وقال: «أنا دائماً أطرح السؤال نفسه، وأتحقق من المعلومات الحقيقية،
وأرى ما يحصل، فهم أيضاً لديهم دعاية ويخاطبون جمهورهم بلغة معينة، وأيضاً
يخاطبون جمهوراً آخر بلغة أخرى».
وعن تقديره لإمكانات وقوع الحرب في الصيف المقبل، وإن «كانت هذه السنة
ستشهد تساقط الصواريخ على إسرائيل»، قال فيلنائي: «على قادة الدولة، وأنا
واحد منهم، أن نبذل كل ما في وسعنا لتأجيل الحرب، بل وأقول إن أفضل الحروب
هي التي ننجح في الحؤول دونها، لكن من دون الإضرار بالمصالح الأساسية
لدولة إسرائيل». وأضاف: «أقول لمن يركض إلى ميدان المعركة تروّ قليلاً،
فمن كان في ساحات المعركة يدرك جيداً أنّ من الأفضل ألّا نكون هناك، ذلك
أن على إسرائيل أن تنتصر انتصاراً واضحاً، وبالتالي أفترض أنه لن تتساقط
الصواريخ في العام المقبل، لكن إذا أراد الناس (في إسرائيل) أن يخافوا من
الصيف المقبل، فأنا لا أستطيع أن أمنعهم».
وفي السياق نفسه، قال الوزير بلا حقيبة عن حزب الليكود، والقائد السابق
للمنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، يوسي بيليد، إن الجمهور الإسرائيلي
غير مستعد تماماً لمواجهة سيناريو يتساقط فيه 50 إلى 60 ألف صاروخ. لهذا
السبب «يجب إشراكه في المناورة وتنمية الوعي لديه، كي يكون مدركاً
للتهديدات القائمة».
وأضاف بيليد، في حديث للإذاعة الإسرائيلية أمس، إنه «في تقديراتي السابقة،
قلت إن الحرب حتمية مع لبنان، وهذا جرّ بلبلة كبيرة». لكنه عاد واستدرك
قائلاً إن «الطرف الآخر غير قادر على تقسيم قدراته، وإذا كنتم تسألونني عن
تهديد وجودي من حزب الله ومن حركة حماس وأيضاً بمشاركة من سوريا، أقول لكم
إن المسألة لا تتعلق بتهديد وجودي لنا، لكن نعم هناك تهديد بدمار وأضرار
هائلة في الأرواح والممتلكات».
هرب إسرائيلي
من جهتها، كتبت صحيفة «هآرتس» أن «إسرائيل تجري مناورة واسعة النطاق
لحماية نفسها من الصواريخ، بعد انقضاء عشر سنوات على انسحابها الأحادي
الجانب من لبنان، والمناورة لا تهدف إلى تخليد الحدث، بل إلى أن نتعلم كيف
نقلص الأضرار في حال تساقط الصواريخ المتوقع تساقطها على إسرائيل، ولا
سيما تلك التي سيطلقها حزب الله على الجبهة الداخلية». وأضافت إن تراجع
مكانة إسرائيل يعود إلى الأسلوب الذي خرجت به من لبنان عام 2000، إذ «كان
عليها أن تنهي وجودها في جنوب لبنان بإجراء ردعي، لا بهروب مخز يستدعي
استمرار العدوان عليها».
وتضيف الصحيفة: «لقد ألقى نصر الله خطاباً في ذكرى ما سمّاه مرور عشر
سنوات على الهرب الإسرائيلي المذعور، وإسرائيليون كثر يوافقونه (الرأي)
على توصيف أكبر أعداء إسرائيل (نصر الله)، أن مناورة قيادة الجبهة
الداخلية ليست إلا ثمرة الخوف من الصواريخ التي يملكها، وإذا هاجمته
إسرائيل، فإن السفن الراسية في الموانئ الإسرائيلية أو الآتية إليها،
ستكون عرضة للقصف، لا الجبهة الداخلية والمنشآت العسكرية وحسب، وهذا الذي
يردع إسرائيل، لا النقيض من ذلك».
وهاجمت الصحيفة باراك، الذي «يواصل الحديث عن مزايا استراتيجية مهمة
لانسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000»، وتساءلت كيف تشمل هذه المزايا «تزوّد
حزب الله بأسلحة من دون أن تحرك إسرائيل ساكناً، وبنحو من خمسين ألف
صاروخ، من ضمنها صواريخ ذات مدى استراتيجي، قادرة على أن تصيب، كما يقول
نصر الله، تل أبيب وديمونا والمطارات العسكرية ومطار بن غوريون، ومن
المحقق أنها تتضمّن صواريخ سكود زوّدت سوريا حزب الله بها، وأيضاً صواريخ
إيرانية مضادة للطائرات». وخلصت الصحيفة إلى القول: «هذا هو الهرب، وهذا
هو عقابه».
نصر الله صادق
وعبّر الإسرائيليون خلال اليومين الماضيين عن ردود فعلهم الخاصة على
صفحات المواقع الإخبارية الإسرائيلية على الإنترنت، بين إطلاق الشتائم،
كالعادة الإسرائيلية المتبعة، والإعراب عن تصديقهم لما يقول نصر الله الذي
«عادة ينفذ كل ما يعد به». وفضّل عدد كبير من رواد المواقع مهاجمة وزير
الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، الذي «يتحمل المسؤولية بسبب انسحابه من
لبنان عام 2000».
أما في موقع صحيفة «هآرتس»، فشدد أحد الرواد على وجوب تصديق ما يقوله نصر
الله، وطالب بـ«وجوب الاهتمام بأقواله جدياً، لأنه الوحيد الذي وعد ونفذ
ما وعد به»، بينما قال آخر: «علينا في الحرب المقبلة أن نقضي عليه
نهائياً». وأشار أحد الرواد إلى أن «استهداف سفينة غير إسرائيلية في عرض
البحر، من شأنه أن يضع حزب الله في مواجهة مع نصف دول العالم».
وفي عيّنة من الردود، قال أحد رواد موقع صحيفة «معاريف» على الإنترنت إنهم
«في لبنان يحتفلون بذكرى هربنا، في الوقت الذي ما زال لدينا من يفتخر
بذلك»، في إشارة إلى إيهود باراك، بينما قال آخر: «نجري هنا المناورات
ويصاب الجميع بالذعر، بسبب نصر الله الموجود في الشمال. هنا مناورات وهناك
تصعيد ضدنا».
وكتب أحد رواد موقع القناة العاشرة الإسرائيلية يقول: «على حكومتنا أن
تتعلم من العدو كيف تقوم بالحرب النفسية»، فيما قال آخر: «أنا يهودي، لكن
أحبك يا نصر الله، لأنك شجاع وقوي». أما في موقع واللا الإخباري على
الإنترنت، فقال أحد الرواد: «عليكم أن تعيروه اهتماماً كبيراً، فهذا الرجل
يقول الحقيقة، وهو لا يخاف من الهزيمة». وقال آخر: «أين الموساد؟ يجب في
المرة المقبلة أن نمحو لبنان عن الخريطة».
وكانت إسرائيل قد أنهت أمس مناورة الجبهة الداخلية الكبرى، نقطة تحول-4،
التي بدأت يوم الأحد الماضي، لاختبار جهوزية الدولة العبرية في مواجهة
ضربات صاروخية محتملة من سوريا ولبنان ومن قطاع غزة. وبحسب وسائل الإعلام
الإسرائيلية، تخللت المناورة ثُغَر كبيرة جداً، وعدم تجاوب من
الإسرائيليين، على نحو مشابه لمناورة نقطة تحول-3، في العام الماضي.