في اليوم الأول من السنة الإيرانية الجديدة (1396 ه.ش) أشاد قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى سماحة الإمام السيد علي الخامنئي خلال كلمته عصر اليوم الثلاثاء (2017/3/21) أمام حشود زوّار مرقد الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام بمدينة مشهد المقدسة، بالوحدة وإلتزام الشعب الإيراني بالقيم الثورية وإلتزام الشعب بالأسس والقضايا الدينبة.
واعتبر سماحته " الأمور المعيشية والإقتصادية"و "الإنتخابات" التي ستجري في أيار/مايو المقبل، قضيتين هامتين للعام الجديد وأكد سماحته على ضرورة حل كافة مشاكل البلاد في ظل " الإدارة المتدينة والثورية والمنتجة والمفعمة بالإندفاع" وأضاف: تركيز المسؤولين على الإنتاج المحلي، ومطالبة الشعب بهذا الخصوص، سوف يؤدي إلى حل مشاكل كثيرة وخاصة "بطالة الشباب" والشعب الإيراني العزيز سوف يحقق مطالبتي الأساسية والهامة وهي المشاركة الحماسية لكل من يستطيع أن يدلي بصوته، ويزيد من عزة واقتدار وسمعة إيران بالتألق الحقيقي في الإنتخابات ويعرض شموخه أمام الأعداء.
واعتبر سماحة آية الله الخامنئي هذا العام (1396) بأنه سيكون عاما هاما بالنسبة للبلاد نظرا لوجود حاجة الى تحرك اقتصادي في البلاد وكذلك نظرا للانتخابات الرئاسية والانتخابات البلدية القادمة، وقبل أن يتطرق سماحته لهذين الموضوعين الهامين، استعرض أوضاع البلاد خلال العام المنصرم (95) وأضاف: رغم المشكلات الإقتصادية التي واجهتها البلاد، الا ان الشعب الايراني تألق جيدا.
وعبرّ سماحته عن "تمسك الشعب والتزامه بقيم الثورة الإسلامية" و" التزام الشعب بالقضايا الايمانية والدينية" مؤشران أساسيان في تقييم حركة الشعب وأضاف: الهمة العالية للشعب خلال المشاركة الحماسية في مسيرات 22 بهمن (10 شباط) ذكرى انتصار الثورة، والمناسبات الدينية خلال العام الفائت وبمعزل عن الأذواق السياسية المختلفة والتي أظهرت التوجهات الثورية والدينية لحركة الشعب الإيراني أمام الصديق والعدو.
وأشاد سماحته بـ"الوحدة الوطنية" التي تجلت خلال العام الفائت، بأنها جسدت التضامن الوطني في القضايا الأساسية رغم تباين وجهات النظر في الأمور السياسية والفرعية وأضاف: الشعب الإيراني موحد في طريق الثورة والنظام الإسلامي.
واعتبر سماحته إستشهاد رجال الإطفاء الأعزاء والمضحين، من ضمن الأحداث المريرة خلال العام المنصرم وأضاف: الأحداث المرة موجودة دائماً، ولكن المهم هو وجود الإرادة التي تبعث على الأمل والتقدم لدى الشعب وإن الحاجة لهذه الإرادة والوحدة الوطنية مازالت مطلوبة وضرورية خلال العام الجديد.
وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم كلمته بالإشارة إلى القضية الرئيسية والأولوية الأولى للبلاد وهي القضية الإقتصادية وأكد سماحته بأن هدف الأعداء هو الضغط الإقتصادي على الشعب الإيراني بهدف خلق الفتور لديه تجاه النظام الاسلامي وخلق هوة بين الشعب والنظام، وأضاف: بالطبع ان العدو الاحمق عديم الدين، يبذل جهوده ومساعيه منذ سنوات، الا انه لم ينجح ولن ينجح.
واعتبر سماحته بأن مسؤولية الجميع وخاصة المسؤولين أمام هذا المخطط، مهمة جداً موضحاً خطط الأعداء الإعلامية بقوله: إن العدو يسعى في دعاياته الواسعة الى لصق المشكلات الاقتصادية والمعيشية في البلاد بنظام الجمهورية الاسلامية، انه يريد ان يوحي ان النظام الاسلامي غير قادر على حل مشكلات الشعب وحل المعضلات، وهذه الدعايات ناجمة من عدائه وحقده على النظام الاسلامي، وهي مخالفة للواقع.
وأكد سماحة آية الله الخامنئي أن الخدمات التي قدمها النظام الاسلامي الى ايران والشعب الايراني خلال هذه الفترة، كانت خدمات بارزة وممتازة، واذا قارنا هذه الخدمات مع الخدمات خلال عهد الطاغوت البائد، سيتبين كم من الخدمات قدمها النظام الاسلامي.
وتابع قائد الثورة الإسلامية المعظم كلمته بالتطرق إلى بعض نقاط الضعف التي يعاني منها النظام الإسلامي حيث رأى سماحته في الإدارة الساكنة وغير الثورية سبباً لنقاط الضعف هذه وقال سماحته: نعم هنالك نقاط ضعف يعود منشؤها لنوعية إدارتنا، وليس لحركة النظام الإسلامي العامة« وتابع سماحته: أينما كان لدينا إدارة نشطة وفعالة فلقد تطور العمل، وأينما كان لدينا إدارة ضعيفة، يائسة، غير ثورية، تعبة وعديمة الحركة فإن العمل إما توقف أو انحرف.
وطرح سماحة آیة الله الخامنئي حلاً لهذه المشكلة بقوله: أقولها بشكل قاطع: إذا كان لدينا في قطاعات البلاد المختلفة مديرين متدينين، ثوريين ومنتجين فإن جميع مشكلات البلاد سوف تُحل، فليس لدينا في البلاد مشكلة غير قابلة للحل.
وقدّم سماحته بعضاً من الإحصائيات التي تتعلق بإنجازات النظام الإسلامي خلال السنوات القليلة الماضية بالمقارنة مع هذه الإحصائيات قبل قيام الثورة الإسلامية فعلى الرغم من أن تعداد سكان إيران قد قارب ضعفي ما كان عليه قبل قيام الثورة إلا أن الإحصائيات تشير إلى تقدم البلاد في كافة الميادين بمعدلات مثيرة للانتباه حيث أشار سماحته إلى أن طرقات البلاد أصبحت ستة أضعاف ما كانت عليه قبل الثورة، طاقة الموانئ الاستيعابية أصبحت 20 ضعف ما كانت عليه قبل الثورة، السدود السطحية أضحت 30 ضعف، توليد الطاقة الكهربائية أصبح 14 ضعف، الصادرات غير النفطية أصبحت 57 ضعف ما كانت عليه قبل الثورة.
وعلى الصعيد العلمي أشار سماحته إلى أن عدد الطلاب الجامعيين قد أصبح 255 ضعف ما كان عليه قبل الثورة الإسلامية؛ إذ كان عدد الطلاب قبل الثورة 200 ألف طالب، إلا أنه أصبح الآن خمسة ملايين طالب وطالبة جامعية، فيما أصبح عدد المقالات العلمية 16 ضعف ما كان عليه قبل الثورة الإسلامية.
وتابع قائد الثورة الاسلامیة المعظم: لدينا الكثير من الطاقات والقدرات، عندما نقول أنه في المستقبل سوف يتم إنجاز مجموعة من الأعمال فإننا نقول هذا بناء على هذه الطاقات الكامنة.
وأشار سماحته إلى أن عدد الشباب في الجمهورية الإسلامية الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 400 سنة يبلغ 33 مليون شخص؛ أي أن إيران بلد شاب لديها القدرة على العمل، وفي إشارة منه إلى احتياطات الجمهورية الإسلامية من النفط والغاز قال سماحته: وصلني مؤخراً إحصاء يفيد بأننا الدولة الأولى في العالم في احتياطي الغاز، ولا توجد أية دولة في العالم لديها من الغاز بقدر ما لدينا.
وحذر قائد الثورة الإسلامية من مؤامرات الطامعين بثروات الجمهورية الإسلامية بقوله: هذه البلاد بلاد غنية، وإنه ليس أمراً عبثياً أن ينظر الأعداء لهذه البلاد بعين الطمع ويريدون أن يخضعوها لسلطتهم. طبعاً هذه هي أمنيتهم الدائمة والتي لن يحققوها أبداً.
وتابع سماحته كلمته بقوله: نريد لبلادنا العظمة الوطنية المستمرة، الرفاهية العامة، الأمن المستمر، امتلاك عملة قوية وزيادة القوة الشرائية للناس. ورأى سماحته أن تحقيق هذه الأمور يتطلب توفر إدارة قوية، إنتاج قوي واقتصاد قوي ومستقل لا نحتاج من خلاله لمد أيدينا للآخرين؛ ونتمكن من خلاله من الاختيار، الحركة، والتأثير على قيمة النفط...لا يمكن تحقيق هذه الأهداف من دون الاتحاد، ومن دون الثقافة الثورية، ومن دون المسؤولين الشجعان والنشطين.
ووصف قائد الثورة الإسلامية المعظم بطالة الشباب وخصوصاً الشباب المتعلمين بالفراغ الذي تعاني منه الجمهورية الإسلامية. كما تناول سماحته في كلمته، الوضع المعيشي للطبقة الضعيفة وركود الإنتاج بقوله: إننا مطلعون على الوضع المعيشي للناس، يعاني الناس من الناحية المعيشية من مشاكل عدة.
وقال سماحته لقد تمَّ في العام الماضي إنجاز عدة أعمال جيدة، والحق يقول أن نتطرق للجهود التي بذلها المسؤولون وأن نتوجه بالشكر لهم.
وأضاف سماحته: ما أوصي به وأطالب به هو الاعتماد على الإنتاج الداخلي. الإنتاج الداخلي كلمة مفتاحية، على المسؤولين أن يلتفتوا لهذه القضية ويعتمدوا عليها، وعلى الرأي العام الشعبي أن يطالب بهذا الأمر ويلتفت إليه.
وقال سماحته: أعتقد أن العمل الأساسي اليوم يتمثل في الالتفات إلى الإنتاج الوطني والإنتاج الداخلي. وتابع سماحته: إذا تمكنا من تطوير الإنتاج الداخلي فإن ذلك سوف يثمر عدة ثمار.
ولخّص قائد الثورة الإسلامية المعظم فوائد تشجيع وتطوير الإنتاج الداخلي بعدم استهلاك القطع الأجنبي في البلاد من أجل شراء البضائع الإستهلاكية، زيادة الصادرات، قلة الاهتمام بالتفاخر بالماركات الأجنبية، إيجاد نشاط وطني، إيجاد فرص عمل وحل مشكلات البطالة وتفتح قدرات الشباب.
وفي معرض إشارته إلى متطلبات الإنتاج أشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى وجود أربعة متطلبات أساسية هي المهارة، الموارد البشرية، رؤوس الأموال وأدوات العمل اللازمة والمتطورة؛ بعضها تمتلكها الجمهورية الإسلامية والبعض الآخر يمكن لها امتلاكه من دون أية مشاكل.
كما نوّه سماحته بقدرات الشباب الإيراني بقوله: البعض يقول ليس لدينا الأدوات. وأنا أقول الشاب الإيراني الذي يمكنه خلال مدة وجيزة تطوير تخصيب اليورانيوم من 3.5 بالمئة إلى 20 بالمئة والذي يمثل عملاً كبيراً للغاية، يمكنه بسهولة إيصال نسبة التخصيب هذه إلى 99 بالمئة. هذا أحد الأمثلة عن المشكلات التي واجهناها والتي تمكن شبابنا خلال مدة وجيزة من حلها.
وأردف سماحته: هذا الشاب الذي تمكن في مجال الصواريخ وعلى الرغم من العقوبات المفروضة من إنجاز إنجازات دفعت أحد المسؤولين العسكريين الصهاينة إلى القول: أنا أُكنُّ العداء للإيرانيين ولكني لا أستطيع أن لا أمتدحهم لأجل العمل الكبير الذي قاموا به.
وأكد قائد الثورة الإسلامية المعظم على أهمية ارتباط الجامعات بالصناعة والذي يعود بالنفع على تقدم الأبحاث العلمية وعلى تقدم صناعة البلاد على حد سواء وقال سماحته: ليس لدينا طريق مسدود، ليس لدينا طريق لا يمكننا سلوكه، ينبغي علينا أن نتحرك قليلاً.
وأعاد السيد الخامنئي التأكيد على دور السلطات الثلاث في تشجيع الإنتاج الداخلي والاستثمار من خلال تشجيع الناس على الإنتاج والإدارة الجيدة لهذا الملف وضمان الأمن الاقتصادي وسن التشريعات والقوانين التي تصون عمليات الاستثمار وتُشجعها.
وفي جزء آخر من كلمته تطرق قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى دور الناس في تشجيع الإنتاج الداخلي من خلال استهلاك البضائع الوطنية، وأن يسعى الشباب إلى العمل بكل جدية وأن لا يكونوا عديمي المسؤولية أو فاقدي الرغبة والدافع.
وشدد سماحته على منع استيراد البضائع التي يُنتَج شبيهها في الداخل بقوله: استيراد البضائع التي تُنتج في الداخل يجب أن يصبح أمراً حراماً شرعاً وقانوناً.
كما حذَّر قائد الثورة الإسلامية المعظم من خطورة التهريب على اقتصاد البلاد وطالب سماحته المسؤولين بالتصدي بكل جدية لعصابات التهريب المنظم.
وفي الجزء الثاني من كلمته أشار قائد الثورة الإسلامية المعظم إلى الانتخابات التي سوف تشهدها الجمهورية الإسلامية خلال الأشهر القليلة القادمة بقوله: الانتخابات سبب للعزة الوطنية، وسبب لتقوية الشعب الإيراني، إذا أردتم أن تهتفوا بشعار "هيهات منّا الذلة" فلتهتفوا بشعار "هيهات من عدم إجراء الانتخابات".
وأردف سماحة الإمام الخامنئي: الشيء الذي يأتي في الدرجة الأولى بالنسبة لي هو المشاركة العامة في الانتخابات، ينبغي على كل من يستطيع أن يدلي بصوته أن يحضر ويشارك في عملية التصويت.
وأكد سماحته على ضرورة الالتزام بقانون الانتخابات مهما كان مُرّاً، وعلى وجوب تقبُّل نتيجة الانتخابات مهما كانت.
وأضاف سماحته: لم أتدخل في الانتخابات في وقت من الأوقات، وحتى أنني لا أقول لمن تدلوا بأصواتكم؛ إنني أتدخل في مكان واحد فقط وهو عندما يريد البعض أن يقفوا في وجه أصوات الناس ويحطموها، سوف أقف بوجه كل من يريد أن يتلاعب بنتيجة أصوات الشعب. ففي السنوات الماضية حصل ذلك في سنوات 1997 و2005 و2009 و2013، وقد واجهت ذلك.
وفي ختام كلمته أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم: سيخرج الشعب الإيراني مرفوع الرأس مرة أخرى بإقامة إنتخابات جيدة، وسوف يمضي إلى الأمام ولن يتمكن أعداء الشعب كما في السابق من إرتكاب أي حماقة.