من أين؟ وإلى أين؟.. بكلمات الإمام الصدر
يقول الإمام المغيب السيد موسى الصدر أعاده الله ورفيقيه في تقسيمه الجيوسياسي للشعوب والدول: " نحن لا نتأثر بالأفكار المستوردة ولا نقبل بالمصطلحات المستوردة وكمثل على ذلك فإننا نفضل من الناحية الجغرافية ـالسياسية ان لا نصنف ضمن العالم الثالث وان كنا حسب المتعارف ننتمي اليه .. نفضل ان نسمي انفسنا بالعالم الرابع يعني اولئكالذين يستعملون الثورة المؤمنة او النضال الاصيل.
والانتماء الى العالم الرابع هذا لا تقرره حدود جغرافية او نسب وانما ينتمي اليه كل من: 1ـ رفض الاستسلام للواقع او 2ـ الهروب من مواجهته او 3ـ اللجوء الى الاستعارة والتقليد لتغييره وبدل هذه الخيارات الثلاث العميقة احتكم الى اصالته وتصدى لتغيير الواقع بإيمان صادق.
ولا شك ان الاستسلام للواقع هو اسوأ الخيارات سواء كان عن كسل او ايثار للراحة، او عن قدرية وتواكل توهماً بأن هذه ارادة الله عز وجل. اما الهروب من المواجهة فقد يتخذ اشكالاً مختلفة كان يهاجر الإنسان الى مجتمع آخر للتجارة او طلباً للعمل او للتحصيل العلمي، وقد تكون الهجرة نفسية كان يتقوقع الإنسان دون ان ننسى هذا النوع المستهجن من الهروب حيث يلجأ الإنسان الى المخدرات والمسكرات ليهاجر نحو اللاوعي حيث قد يتسنى له الحلم بوضع افضل.
والخيار الثالث يعتبره ـ السيد الصدر ـ افضل من الاستسلام والهروب وان كان خيار الانسان المضلل فهذا الإنسان يشعر انه لا يملك وسيلة للتغيير فيلجأ الى الاستعارة والتقليد ـ يستعير الشيوعية كإيديولوجية ووسيلة للتغيير ليصبح شيوعياً ـ المضلل يبقى في نظري أفضل من الانسان الذي اختار الاستسلام او الهروب اذ صدق فيه قول الامام (ع) "ليس الذي طلب الحق فأخطأ مثل الذي طلب الباطل فأصاب".
نصل الى الخيار الرابع حيث الانسان فرداً كان او مجتمعاً يتصدى للواقع ويمتلك بيده الوسيلة المجدية للتغيير فلا حاجة عنده للتفتيش عن وسيلة ولا سبب للاستعارة والتقليد النضال ينبع من حقيقته هو ومن طموحه هو ليتخذ طابعاً اصيلاً والتوجه يتفق مع الرابط المشترك بينه وبين سائر العائلة الكونية وهو التسبيح لله.
والعالم الرابع هم عالم الخيار الرابع هذا فلا ارتقاء اليه الا بجناحي الايمان والاصالة . وهذا الخيار هو النسب الذي يصل بين ابناء هذا العالم ويجعلهم اشقاء وحلفاء يقول السيد الصدر: " جميع الحركات المؤمنة في العالم نعتبرها حليفتنا وشقيقتنا".
ولكن ماذا لو كان التحرك او الخيار لا يؤهل صاحبه للانتماء الى العالم الرابع؟
ان الوجه السياسي للسيد سيبرز هنا بجلاء كـ: "طب اجتماعي" اي انه لن يتحول الى السلبية وتصنيف الناس بين صديق وعدو ان نصرة الجميع هي القاعدة باعتبارهم اخوة في العائلة البشرية . فمن اخطأ الخيار هو ايضاً أخ ولكنه بحاجة ماسة للعلاج والإنقاذ مما ألم به من إنحراف في التوجه الفكري والمسلكي.
وتماما ًكما يهتم الطب الجسماني بمعالجة اي انحراف في صحة الجسد هكذا يهتم العمل السياسي عند السيد بمعالجة اي انحراف في مسار المجتمع.
ولا بد للطبيب من الاتصال بمن هم بحاجة اليه كي يتسنى له مؤازرتهم او معالجتهم ومن هنايقول السيد :"يجب ان تتسع نفس عالم الدين لملتقى الجميع وان يكون هو سنداً للكل لا ينحاز لفئة دون فئة ولا لحزب دون حزب ولا لتيار دون تيار لا محلياً ولا اقليمياً ولا عالمياً".