خالد رزق (*)
غارت جوية و قصف صاروخي واسع النطاق شنته آلة الحرب العدوانية الصهيونية على سورية المقاومة مساء الأحد الماضي شملت دمشق وريفها والقنيطرة ودرعا نحو الأربعين صاروخاً ذكياً موجهاً أطلقت من الأرض والجو في أقل من الساعة استغرقها العدوان الخاطف الذي توقف و لم تكتمل مراحله إلى تطوير أشمل بعدما أسقطت وسائل الدفاع الجوي للجيش العربي السوري معظمها وتعرضت طائرات العدو لتهديد حقيقي أجبرها على الفرار من الأجواء السورية و اللبنانية غير تلقي قواعد العدوان بالأراضي المحتلة إنذارات بأن القوة الهجومية الصاروخية لسوريا استنفرت بانتظار اتخاذ قرار وشيك باستهدافها ضمن بنك للأهداف الاستراتيجية و الحيوية للعدو.
والحقيقة أن التحذيرات الصهيونية التي خرجت أثناء تواصل تدمير صواريخها (أهداف جوية) بسماء سورية بألا يستهدف الجيش العربي السوري القوات الصهيونية ومواقعها بالأراضي المحتلة، لا يفسرها سوى رغبة جيش العدوان الصهيوني بإعلان قرار سحب قواته من المعركة التي أراد الفرار منها قبل أن تقع لديه خسائر بالقوة الجوية المهاجمة، و ليس كما أولها البعض على أنها لتخويف سورية من توسيع نطاق العدوان إذا ما ردت.
ففي واقع الأمر جاء التحذير الخائب ورغم لغته المتغطرسة، بمثابة طلب لوقف إطلاق النار وبالسماح للقوة المهاجمة بالانسحاب في ظل قواعد فض الاشتباك .. "طلب" فهم مقاصده قادة الجيش العربي، كإعلان من العدو بأنه استوعب بأن توسيع نطاق العدوان سيقود مباشرة إلى مواجهة شاملة واسعة لن يحول دونها تشتت القوة العربية في الحرب الدائرة على امتداد الجغرافية السورية، وهي حرب وفق معطيات القوة القائمة (لمعسكر المقاومة) ستكبد العدو خسائر شديدة الفداحة صعب أن يتحملها، وكانت الاستجابة بعدم إسقاط طائرات للعدو أثناء انسحابها، ذلك أن قرار الحرب الحتمية المتخذ ضد الاحتلال هو وبدوره مرهون بتوقيت مناسب من حيث القدرة والجاهزية لا ينبغي استعجال المواجهة قبل بلوغه.
بعيداً عن العملية نفسها ومجرياتها متى وكيف بدأت ولماذا توقفت، فإننا نفهم أن تسارع وتيرة العدوان الصهيوني المتصاعد على الأراضي السورية والذي يخترق وصولاً إليها السيادة اللبنانية على الأجواء جاء بضوء أخضر من إدارة ترامب الذي أعلن وبوضوح الاستراتيجية التي اعتمدها للتعامل مع معسكر المقاومة في سوريا ولبنان بعد قراره بسحب قوات العدوان و الاحتلال الأمريكية من الأراض السورية وهي توظيف قواته المتواجدة بقواعد بالمنطقة شمال وشرق وجنوب سورية في المرحلة المقبلة من عدوانها " الذي" لم يتوقف على سورية ومحاربة قوة حزب الله الذي قال بكلمات محددة بإنه لا يمكن السماح له بالاحتفاظ بقوة صاروخية في مواجهة (إسرائيل) الكيان الصهيوني وأن هذا الهدف ستشارك فيه الولايات المتحدة كيان الاحتلال إضافة إلى محاربة الوجود الإيراني في المنطقة الذي كشف ترامب عن أن أعراباً بالمنطقة سيشاركونه و الكيان للقضاء عليه غير أمله بتوافق مع مصر و الأردن على الهدف الإيراني.
استراتيجية عدوانية فاجرة في أهدافها ونواياها هي ما نواجه اليوم، استراتيجية علنية فاضحة لأطرافها توابع وأسيادهم ومؤسف أن التوابع أكثرهم ينتسبون كذباً للعروبة، العدو سواء الكيان ومن غرسه بقلب أمتنا من قوى الاستعمار القديم و الجديد، نفهمهم أعداء للإنسانية كارهين لحضارتنا ولصوص طامعين بثرواتنا، ونعرف إن عدوانيتهم جبلوا عليها و لن يغيرها ويبدلها شيء و إلى نهاية الدنيا .. أما هؤلاء الأعراب من يشاركوا بالعدوان وهؤلاء العرب ـ شلت ألسنتهم ـ الذين أصابهم الخرس أمام العدوان واستمرأوا مهادنة الأعداء فلا نفهمهم أبداً..
الانتماء لهذه الأمة له مقتضيات تلزم كل بلد منها ومواطن فرد منا بمبادئ مؤسف أنه صار علينا تذكيرهم بها.
(*) نائب رئيس تحرير جريدة الأخبار (مصر)