أثبتت معركة "إسناد غزة" و"أولي البأس" التي خاضتها المقاومة الإسلامية جنوب لبنان بمواجهة العدو الصهيوني، أن خلف هذه المقاومة جمهورًا واعيًا ومثقفًا يعلم عمق خياره، والأهداف التي يقاوم من أجلها، وهو ليس كأي جمهور يؤيد مشروعًا سياسيًا عاديًا من أجل منصب هنا أو منفعة هناك، بل هؤلاء ساروا في طريق الجهاد والنضال من أجل هدف واحد وهو نصرة الحق ونصرة المستضعفين خصوصًا في فلسطين في ظل ما يتعرض له أهلها من همجية صهيونية.
الهدف الأول والأساسي لجمهور المقاومة هو حماية أوطاننا من الخطر الصهيوني، فالشهادة التي نالها الآلاف من شباب المقاومة الواعي والمثقف، تثبت للعالم أجمع أننا أصحاب الأرض الحقيقيين وأن تراب وطننا الغالي بات مجبولًا بدماء أحبائنا الشهداء في مختلف المناطق، وخصوصًا في معركة طوفان الأقصى التي امتزج فيها الدم المقاوم لأبناء الجنوب والبقاع والضاحية بدم أبناء عكار والكورة وجبيل، في سبيل الدفاع عن الأرض ومواجهة الغطرسة الصهيونية التي تسعى لفرض مشروعها بدعم أميركي ومن كل أشرار العالم.
وهنا لا بد أن نستذكر المعيصرة في قضاء كسروان التي افتدى الوطن بدماء أبنائها الشهداء الذين لبوا نداء الدفاع عن شعبهم فكانوا منارةً تضيء أمامنا الطريق الصحيح للانتصار، إذ سقط منهم عدد من الشهداء في معارك العز في جنوب لبنان، وكان للبلدة المعيصرة الجبيلية الشهداء المقاومون الثلاثة: علي مصطفى عمرو، وحسين مصطفى عمرو، وعيسى عبد الله عمرو، إضافة إلى استهداف العدو الصهيوني لبلدة المعيصرة من خلال المجزرة الأولى التي سقط خلالها 16 شهيدًا. وهنا نذكر مختار البلدة مصطفى عمرو الذي افتدى الوطن بتقديمه 11 فردًا من أفراد عائلته في هذه المجزرة المروعة التي استهدفت المدنيين، فما كان من أبناء البلدة إلا أن أعلنوا من اللحظة الأولى لوقوع المجزرة أنهم متمسكون أكثر من أي وقت بالمقاومة وسلاحها الشريف.
كما إن المعيصرة نالت الحصة الأكبر من المجازر البربرية، حيث استهدفت أيضًا وللمرة الثانية على بعد أيام من المجزرة الأولى، إثر قيام طائرات العدو الصهيوني بقصف منازل لمدنيين نازحين من البقاع إلى ربوع البلدة فسقط أيضًا 16 شهيدًا من الأطفال والنساء والشيوخ، في مخالفة من جانب العدو لكل الشرائع والقوانين الدولية التي تدعو لحماية المدنيين أوقات الحروب.
جمهور المقاومة الذي قدم آلاف الجرحى والشهداء على طريق القدس والذين تقدمهم سيد المقاومة وسيد شهداء الأمة الشهيد الأقدس السيد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه)، هذا اجمهور المجاهد الذي لم ولن يبخل أبدًا بتقديم أغلى الدماء في سبيل الدفاع عن عزة وكرامة الأمة العربية والإسلامية، مهما بلغت التحديات ومهما طال أمد المعركة المفتوحة مع العدو المدعوم بأقوى الأسلحة الفتاكة، والذي يواجه مقاومة باسلة ورجال أشاوس عقدوا العزم على تحقيق النصر مهما طال الزمن.
التمسك الصلب لشعب المقاومة بهذه المسيرة هو رسالة قوية للعدو وكل من يسير في ركبه ويروج لأفكاره في وطننا الذي لم يستطع أحد أن يحوله إلى وطن مهزوم أمام المشروع الصهيوني، لأن الدماء الطاهرة التي سالت من شهداء المقاومة هي السد المنيع أمام كل مشروع معادٍ يستهدف هوية لبنان الذي سيبقى وطنًا عزيزًا ومقاومًا رغم أنف القوى المنبطحة أمام الهيمنة الصهيو - أميركية.