شارل أبي نادر
لا يمكن لأي متابع لما يقوم به العدو الصهيوني في حربه المجنونة على لبنان، من مجازر وإبادة وارتكابات إجرامية وأعمال تدمير وحشية لم يشهد لها التاريخ من مثيل، ومن اغتيالات صادمة لقادة ولكوادر في المقاومة في لبنان، وعلى رأسهم سماحة امين عام حزب الله الشهيد القائد السيد حسن نصرالله، إلا ويرى أن هذا المستوى من الارتكابات لا بد وأن ينجح في تحقيق أهدافه، على أساس أنه يستحيل على أي شعب أو حزب أو بيئة، تتعرض لما تعرض له حزب الله وبيئته، من أهوال وضغوط وخسائر بالشهداء وبالمصابين وبالدمار الواسع، وتبقى واقفة على قدميها صامدة، ولا تنسحب أو تتراجع من المواجهة والمعركة مع العدو.
في الواقع، هذا الأمر لم يحصل – أي تراجع حزب الله- وقطعًا لن يحصل، ومن خلال إجراء قراءة موضوعية للوضع العسكري والميداني في هذه المواجهة اليوم، يمكن تحديد الآتي:
1. من ناحية العدو، فهو يرفع كل يوم من نمط ارتكاباته ومجازره بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، مدعيًا أنه يستهدف مقاتلين ومواقع وبنى تحتية عسكرية لحزب الله، فيستمر في تنفيذ آلة القتل والتدمير، من دون أن يأخذ بالحسبان المؤسسات وللقوانين الدولية والإنسانية ولقوانين الحرب وللمحاكم المعنية بمتابعة هذه الإبادة الجماعية، والتي أصبحت روتينًا عاديًا ضمن أهداف عملياته الجوية والصاروخية، ومن دون أن يرف له جفن أمام فظاعة ما يُسقِط من شهداء ومن مصابين مدنيين.
2. من جهة أخرى، يهدد العدو بتنفيذ عملية برية ضد الأراضي اللبنانية، مظهرًا على العلن، وبطريقة إعلانية متعمدة، حشودات فِرَقِه وألويته على مقربة من الحدود مع لبنان. وفي ذلك هو يرى أنه بهذا التهديد بالعملية البرية والمواكب لارتكابات جوية تدميرية، يشكل ضغطًا معينًا على حزب الله، كي يدفعه نحو الاستسلام خوفًا من هذه العملية وتداركًا لتداعياتها.
في الواقع، وبمعزل عن الخسائر المؤلمة من الشهداء والمصابين ومن التدمير غير المسبوق، ومن تداعيات وضغوط وصعوبة النزوح الواسع الذي فرضته جرائم العدو التدميرية، ما يزال الوضع الميداني والعسكري للمقاومة الإسلامية في لبنان بالمستوى نفسه الذي سبق عمليات الاغتيال الغادرة الاخيرة، للقائد الشهيد سماحة السيد أو لرفاقه الأبطال الذين سبقوه في الشهادة او الذين استشهدوا بعده. وما تزال وحدات المقاومة تتحكم باستهدافاتها الصاروخية والمسيرة والمدفعية، في أغلب منطقة شمال فلسطين المحتلة بالكامل، وصولاً الى مشارف المنطقة الوسطى ضمنًا "تل أبيب"، وما تزال تأثيرات هذه الاستهدافات للمقاومة، تفرض تهجيرًا متصاعدًا في كل مستوطنات الشمال، مع امتداد هذه التأثيرات نحو العمق أكثر وأكثر، وبقيت قدرة المقاومة في تنفيذ استهداف مركّز، على مروحة واسعة من مستعمرات العدو ومن قواعده العسكرية، في الوقت نفسه تقريبًا، وبنمط متصاعد بشكل لافت، في عدد الاستهدافات، وفي أنواع ونماذج الصواريخ والمسيرات المستعملة .
أمام كل ذلك؛ وحيث إن العدو لم يحقق حتى الآن في الميدان، أكثر من الذي كان دائمًا عند كل مواجهة ينجح في تحقيقه، وهو المجازر والتدمير من الجو فقط بالقاذفات او بالمسيرات، الأمر الذي لم يشك أحد يومًا بأنّه لن يستطع تحقيقه ...وحيث إنّ المقاومة ما تزال تُمسك، بشكل شبه كامل، بإدارة معركتها العسكرية لناحية القدرة الصاروخية والمسيرة، ولتقليدية التي كشفت عنها، أو غير التقليدية التي ما تزال خارج ميدان المواجهة، أو لناحية الانتشار التكتيكي والجهوزية العملانية على الحدود، والمناسبة لأي عملية دفاعية أو هجومية، بمعنى لمواجهة أي توغل بري للعدو، أو لتنفيذ أي عملية توغل داخل الجليل ...
يمكن القول، أمام كل ذلك، إنّ المعركة بمواجهة العدو "الإسرائيلي" ما تزال في بدايتها، وإنّ قدرة المقاومة في التعامل مع أي تطور ميداني أو عسكري، ما تزال على المستوى نفسه الذي عهدناه دائما من التوازن ومن الجهوزية الكاملة .