حجز الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي علي حجازي عقب توليه مهامه القيادية، مكانة مرموقة لحزبه ليس في الصفوف الامامية لمنظومة شخصيات قوى المقاومة والممانعة وحسب، بل في قلب المشهد السياسي اللبنانيبعد ان ظن اصحاب الظنون والمراقبون كما الشامتون والمتربصون والمبغضون ان البعث المتجذر اصلا في لبنان ظاهرة عرضية ظرفية مؤقتة شكلت ظلا لحقبة الوجود السوري، وترعرعت في كنفه استقواء وحضورا وديمومة وذوت في غياهب غيابه عن الساحة اللبنانية عند خروجه، ووسمها الحاقدون بانها مُجسَّم سياسي لقسم الامن وذراع للمفرزة الامنية تقوم مقام العيون والآذان المطلوبة في هذا المضمار.
اما انبعاث البعث من رماد ورمادية والتباسات تلك الحقبة وما تلاها من هزات تنظيمية وانقسامات بالطبع دون انكار ادوار قيادات وقامات تنكبت المهام الطليعية وسط ظروف قلقة ودروب صعبة.
نهضة حزبية وورشة تنظيمية
هذا الانبعاث البعثي اللافت والمفاجئ في ظل موجة الضمور الحزبي الملموسة على الساحة اللبنانية ، تبدى من خلال جهد حثيث وعمل تنظيمي ممنهج دؤوب وخطة هادفة تُرجمت ورشة تنظيمية جدية فاعلة قامت على نقطتي ارتكاز:
الاولى: اعادة استنهاض قدامى البعثيين المنتشرين في المناطق كافة وبين كل الاطياف وتحفيز المترددين وشد عصب المترهلين وجذب وتنشيط جماعة الحياد الايجابي وتوليف هؤولاء مجددا كمثال وقدوة في سياق تعبيرات الجهد النضالي التاريخي تحفيزا لجيل جديد من البعثيين مؤمن بفكره القومي الريادي للمجتمع والأمة سيما وان الخط البياني لمحور المقاومة يتجه صعودا رغم الحصار الاميركي الظالم وتداعياته ورغم الشروخ والتصدعات في الجسم العربي الذي بات احوج ما يكون للقوى الحية الفاعلة الباعثة للنفس الوحدوي و لفكرة الامن القومي العربي والتشبيك على قاعدة المصالح الاقتصادية المشتركة .
اما المرتكز الثاني فتجلى واقعا باقتحام حجازي بكاريزميته القيادية وموهبته وجاذبية حضوره وديناميته ومخزونه الفكري والثقافي المستمد من تجربته الاعلامية وفهمه للتحولات المجتمعية،معاقل الشباب وعقولهم من خلال جلسات حوارية متنقلة ومكثفة في العديد من المناطق تخللها نقاشات لامست هواجس جيل الشباب المشدود لتهويمات تغييرية غير واقعية لا تتواءم مع تاريخنا ومفاهيمنا ومواريثنا الادبية والروحية او انغلاق على مؤثرات فئوية عشائرية او طائفية او مذهبية وبالطبع كان الأساس النظري للبعث محور المداولات الفكرية والتساؤلات حيث العقل يقع على العقل .
زلزال بعثي في بعلبك
والحال فان الجهد المبذول بالتأكيد ومن خلال امناء الفروع في البقاع الغربي والاوسط وزحلة وبعلبك الهرمل والشمال والجنوب وقريبا حالة تنظيمية يعتد بها في بيروت ،ترجم بما يشبه الزلزال في بعلبك ستكون له ارتداداته العميقة في البنى المجتمعية وتبدى في تنسيب المئات من البعثيين جلهم من الشباب الجامعي ما شكل نقلة نوعية في مسار الحزب ستؤسس لجيل جديد وروحية عمل جديدة تتكئ الى ارث نضالي عقائدي تأخذ مداها في رحب نضال طويل وشاق على طريق التحرر من الهيمنة الاستعمارية وسياساتها القائمة على المظالم ونهب الثروات وافقار الشعوب وتفريخ الادوات والوكلاء والمأجورين للتحكم بمصائر الشعوب العربية.
هذه الافكار والرؤى التي تشكل برنامجا نضاليا دائما وثابتا لدى البعثيين ومن يشبههم من ابناء امتنا تدفع بايمان وقوة لابقاء جذوة النضال متقدة حتى تحقيق الاهداف المرجوة وفي مقدمها تحرير الارض والانسان.
احتفال البعثيين في بعلبك والذي شارك فيه الآلاف (قدرت الجهات الامنية الحضور بـ13 آلف) وتحدث خلاله الوزراء وئام وهاب ومحمود قماطي وحسن مراد قد توج بكلمة غنية بالافكار للامين العام للبعث علي حجازي أكد من خلالها ان ما انجز ما هو الا القليل القليل من خطة مدروسة واستراتيجية ثابتة وتوجه لسيد المقاومة باسم البعثيين: "لن تكونوا لوحدكم في مواجهة مقبلة فنحن شركاؤكم في اي معركة تفرض علينا سواء كانت من تكفيري او صهيوني".
جددا التمسك بالثوابت القومية التي ارساها القائد الخالد حافظ الاسد والسير خلف حامل الامانة الرئيس المقدام بشار الاسد نحو العز والسؤدد.
ان احتفال مدينة الشمس بعلبك، عامود من اعمدة القلعة سيبقى الشاهد الناطق على حدث تؤام للتاريخ وشامة على خد الزمن وعبق عروبة يفوح فوق جفرافيا امة قدرها ان تنبعث كما الفينيق من رماد الأزمات والمحن لتحتل مكانها اللائق تحت الشمس.
قماطي: لا سبيل لنا إلا التوافق والحوار
وتخلّل المهرجان كلمة لعضو المجلس السياسي في حزب الله الحاج محمود قماطي، أكَّد فيها أنَّ المقاومة الطريق الوحيد للدفاع عن لبنان وفلسطين والقضية.
وأضاف قماطي: "مقاومتنا لم تكن يومًا للفتنة والاستقواء على الآخر، طريقنا الواضح هو الاستقرار للداخل اللبناني والخارج لكنه ضد التكفير. لا سبيل لنا إلا التوافق والحوار مع التركيبة الخاصة التي نفتخر بها، فالمقاومة هي قوة لبنان والشعب اللبناني وكل شرائح الوطن للحفاظ على الثروة النفطية والغاز منعًا من أن تسيطر عليه "إسرائيل"".
وأشار إلى أنَّ "علينا الاستفادة من ثرواتنا الوطنية وحمايتها من السرقة والنهب والفساد الداخلي، ولن نسمح أن تمتد يد فاسدة على هذه الثروة في الأيام السابقة والغابرة أيًّا كان هذا الفاسد والناهب لأن شعب لبنان يراهن على هذه الثروة للخروج من ازماته".
وتابع قماطي: "ندافع عن فلسطين كما ندافع عن الوطن بكل إخلاص، ومن أوفى منا لهذا الوطن ودفع الدماء في سبيل تحرير الأرض. أما الذين يطعنون بالسلاح، فنقول لهم: السلاح هو شرف لنا وحماية للوطن والأمة، وهو جزء من محور المقاومة".
ولفت إلى أنَّ "الرئيس السوري بشار الأسد لم يستسلم ويتراجع ومضى بطريق المقاومة وضحى في سبيل فلسطين وفي سبيل الأمة وما زال يدفع الثمن، ونحن مع الشعب السوري على أوثق العلاقات، هذا الشعب الذي دفع الثمن المعيشي والاقتصادي بسبب مواقفه وبسبب مواقفه كانت العقوبات والإرهاب الأميركي".
وشدَّد على أنَّه "يجب أن نواجه الإرهاب الأميركي، ونحن ضد الاحتلالات الأجنبية الغريبة على أرض سورية، ونطالب هذه القوات سواء كانت أميركية أو غيرها أن تخرج فورًا وإلا فإن المقاومة السورية قد بدأت بمواجهة هذه القوى التي تسرق النفط السوري، وهذه هي البوصلة، مشيرًا إلى أنَّ حزب الله "مع كل تقارب عربي عربي وكل تقارب غير عربي في سبيل المصلحة ومع التقارب الإيراني السعودي والسعودي السوري الخليجي الذي ما يزال خجولاً، ويجب أن يكون هذا التقارب أفضل وأقوى في سبيل مصلحة أمتنا العربية والإسلامية".
وهاب: سلاح المقاومة سيبقى طالما بقي صراعنا مع "إسرائيل"
بدوره، أكَّد رئيس حزب "التوحيد" وئام وهاب أنَّ "سلاح المقاومة سيبقى طالما بقي صراعنا مع "إسرائيل"، وهذا لا ينتهي إلا برحيل العدو الصهيوني من فلسطين، فهذا السلاح له علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي، ولا أحد يملك شرعية التنازل عن القدس".
وأشار وهاب إلى أنَّ من يريد إقفال المعابر بين سورية والعراق يريد أخذ المنطقة للمواجهة، لافتًا إلى أنَّ محور المقاومة بات على أهبة الاستعداد للتصدي لهذا الأمر في حال حصوله.
مراد: الجبان من يرفض دعوات الحوار المتكررة
من جهته، رأى النائب حسن مراد في كلمة ألقاها ممثلًا الأحزاب والقوى الوطنية أنَّ لبنان يمر بأصعب أزمة اقتصادية تهز بنيانه، وهناك مشاكل اقتصادية تعبث بالوطن والمواطنين وأصبح القرار الحر غير حر والمؤتمن على أموال الناس ومدخراتها ليس على قدر الأمانة.
وأشار مراد إلى أنَّ الجبان هو من يستغل الأزمات البنيوية من أجل حساباته السياسية الصغيرة بالعلن في القاعات المغلقة، وهو لا يفكر يومًا سوى بالقوقعة ولم يضع يده بيد غيره من أجل إحياء مشروع وطن حقيقي، بل مبني على الفتنة والكنتون، مضيفًا أنَّ "الجبان هو من يرفض دعوات الحوار المتكررة التي تفرز رئيسًا للجمهورية وتنقل لبنان من حالة المراوحة والفراغ التي وحدها ممكن أن تعزز الثقة بين أبناء الوطن وقيادته السياسية".
عطايا: المؤامرة التي ضربت من عين الحلوة ستفشل
من جانبه، لفت ممثل حركة "الجهاد الإسلامي" في لبنان إحسان عطايا إلى أنَّه "عندما نتحدث عن مؤامرات لم تتوقف نتحدث عن فلسطين، لأن هناك من يسعى إلى شطب فلسطين عن الخارطة من أجل التطبيع ونهب الثروات فالمؤامرة استهدفت سورية والعراق ولبنان وفلسطين واليمن وكل منطقة ترقع بوصلتها نحو فلسطين والقدس".
وبيَّن عطايا أنَّه "عندما فشل الأعداء في تحقيق مؤامرة 2006 وحققت المقاومة والأحزاب الفلسطينية وحركة "أمل" الانتصار وأوقفوا مشروع الشرق الأوسط الكبير، وعندما فشلوا في ضرب المقاومة وصمود سورية وضرب لبنان جاؤوا من زاوية خبيثة من عين الحلوة لينقلوا سمومهم إلى المخيم ليضربوا سلاح المقاومة الموجه نحو العدو، وليضربوا بنية المقاومة من أجل تمرير التطبيع وشطب قضية اللاجئين".
وشدَّد على أنَّ "المؤامرة التي ضربت من عين الحلوة ستفشل كما فشلت المؤامرات السابقة وسيبقى السلاح موجهًا نحو العدو الصهيوني من أجل تحرير فلسطين".
حجازي للذين يرفضون الحوار: "ماذا تنتظرون ما بدائلكم؟"
من ناحيته، دعا أمين عام حزب "البعث العربي الاشتراكي"علي حجازي للاستعجال بانتخاب رئيس للجمهورية وسأل الذين يرفضون الحوار "ماذا تنتظرون ما بدائلكم؟".
وأضاف: "نحن بحاجة إلى رئيس يعيد دور المؤسسات الدستورية في البلد، رئيس يجيب على أسئلة واضحة تتعلق بقضايا الناس وبالوضع المعيشي والاقتصادي، وعن الجامعات والمدارس والقطاع الحكومي، ونريد جوابًا إذا ما ستتم الموافقة على شروط صندوق النقد الدولي بشطب ودائع الناس وبفرض ضرائب ويبدو أن الموازنة الجديدة تقوم بتلبية كل شروط صندوق النقد الدولي".
وشدد حجازي على ضرورة قدوم رئيس ينهي ملف النازحين بالتواصل مع سورية، ويقفل دكاكين الـ"ngo’s" بالتواصل المباشر والضغط على السفارة الأميركية والسفارات الأوروبية التي تؤخر عودة هؤلاء النازحين".