كشف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، أن المقاومة في لبنان تراقب الأوضاع وتطوراتها في غزة، وهي تقدم في حدود معينة المساعدة الممكنة، مؤكدًا أنه "في أي وقت تفرض المسؤولية علينا القيام بأي خطوة أو خطوات لن نتردد، إن شاء الله"، لافتًا إلى أنه رغم الضغوط في الميدان وفي السياسة، فإن المقاومة الفلسطينية لم تضعف، وأن معركة غزة مهمة وتأثيراتها لا تقتصر على القطاع، بل على عموم المنطقة.
ولفت سماحته إلى أن الأمور في سورية تتجه نحو الانفراج ولن تعود الأيام القاسية التي مرت، وأن المطلوب إعادة العلاقات اللبنانية مع سورية في أسرع وقت ممكن، واعتبر أن ملف النازحين السوريين في لبنان لا يُعالج في وسائل التواصل الاجتماعي ولا بالخطابات، بل يجب أن يكون عبر وفد وزاري أمني لبناني يزور دمشق ويتم التنسيق لمعالجة الأزمة، مؤكدًا أن حزب الله لا يحتل بيوتًا أو قرى، ولا يمنع أحدًا من العودة للقرى الحدودية السورية، وكل الدعاية التي تروج لذلك كذب كبير.
لبنانيًّا، نفى الأمين العام لحزب الله الكلام عن فرض مرشحٍ على أحد، وأكد أن الوزير السابق سليمان فرنجية مرشح طبيعي وجدّي، داعيًا لأن يرشح كل طرف أي اسم يريد، ولتذهب الكتل النيابية إلى المجلس لانتخاب رئيس. كما شدد على ضرورة أن تبقى حكومة تصريف الأعمال تمارس أعمالها ضمن حدود الدستور رغم كل الصعوبات، مجددًا رفضه لأي شكل من أشكال التعيين أو التمديد لحاكم مصرف لبنان، ومشددًا على الجميع ضرورة تحمل مسؤولياتهم وعدم التخلي عنها، داعيًا لأن يستفيد اللبنانيون من المناخات الإيجابية في المنطقة.
هذا، وبارك الأمين العام لحزب الله للشعب الفلسطيني ولقيادات المقاومة ولحركة الجهاد الإسلامي بالشهداء الذين سقطوا جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كما عزى سماحته باستشهاد الشيخ خضر عدنان في الأسر.
وخلال الاحتفال الذي أقامه حزب الله بمناسبة الذكرى السنوية السابعة لاستشهاد القائد الجهادي مصطفى بدر الدين "السيد ذو الفقار"، قال سماحته إن "السيد ذو الفقار" حصل على كل الأوسمة، أولًّا وسام المقاتل الذي يحضر في الميدان، وسام الجريح من معركة خلدة، وسام الأسير، وبعد الحرية وسام القيادة وصنع الانتصارات والإنجازات، ثم في الختام وسام الشهادة، وهو الأعلى والأرفع، وأضاف أن الشهيد كان يتمتع بالسعة في الفهم والعمق أو البصيرة والعقل الاستراتيجي، وهذا ما يتمتع به الكثير من قادتنا، مؤكدًا أن الشهيد القائد "السيد ذو الفقار" ورفاقه، ولأنهم كانوا يملكون هذا الفهم الواسع والعميق استطاعوا أن ينتخبوا الخيارات والأهداف الصحيحة وصنعوا هذه الإنجازات، مشيرًا إلى أن بعض اللبنانيين اعتقدوا عام 1982 أن "إسرائيل" باقية في لبنان، وأن لبنان دخل في العصر الإسرائيلي، لكن في النهاية تبين أنهم مخطئون، وأن كل رهاناتهم وثقافتهم انهارت، لأنها بنيت على حسابات خاطئة".
وعن الأوضاع في لبنان قال سماحته "لا نستطيع أن ننظر إلى لبنان بمعزل عن تطورات المنطقة، متسائلًا: هل يمكن أن نقارب الأحداث في لبنان بمعزل عن الأحداث في المنطقة أو نقارب الأحداث في المنطقة بمعزل عن أحداث العالم؟ ثم أردف: علينا مقاربة الوقائع بصدقية، وألَّا نعيش في الأحلام والأماني، وعلينا أن نربط الأحداث بعضها ببعض.
هذا، وأشار إلى أن تغيير بعض اللبنانيين نبرة خطاباتهم حيال سورية وإيران أمر طبيعي، فهؤلاء كانوا مخطئين في فهمهم لمجريات الأمور.
التطورات في فلسطين
وحول التطورات في غزة، بفلسطين المحتلة، قال سماحة الامين العام لحزب الله، إن من بدأ العدوان في هذه الجولة في فلسطين هو "نتنياهو" باغتيال القادة الشهداء من سرايا القدس وعوائلهم من نساء وأطفال، إلا أن العالم قد سكت عن هذه الجريمة، ولفت إلى أن الولايات المتحدة الاميركية منعت إصدار بيان إدانة لقتلها النساء والأطفال في غزة، مؤكدًا أن لرئيس وزراء حكومة العدو بنيامين نتيناهو دوافع عدة من هذا العدوان، وهي استعادة وترميم الردع، والهروب من المأزق الداخلي، ومعالجة التفكك الحاصل في ائتلافه الحكومي وتحسين وضعه السياسي والانتخابي، مذكّرًا أن حساباته كانت خاطئة، حيث كان القرار الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي وتحييد باقي الفصائل وإحداث فتنة في بيئة المقاومة، وضرب البنية القيادية لسرايا القدس، وتفكيك القيادة المباشرة للقوة الصاروخية، ملمحًا إلى فشل رهان نتنياهو الذي كان يعتقد أن هذه الخطة كفيلة بالقضاء على القيادة العسكرية للجهاد الإسلامي وإعادة ترميم منظومة الردع مع غزة، وعودة سياسة الاغتيالات، وتوجيه رسائل الى حزب الله في لبنان.
وتابع الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله حديثه قائلاً، إن العدو كان ينتظر رد فعل من حركة الجهاد الإسلامي، وعندما لجأت قيادة الفصائل للهدوء، اضطّرب العدو، منوِّهًا بتعاطي قيادة الجهادالإسلامي الهادئ مع الأحداث، حيث بادرت إلى الاتصال بقيادة حماس وبقية الفصائل، حتى يكون الموقف السياسي والعسكري في غزة موحدًا في مواجهة المخطط الإسرائيلي.
هذا، وركز السيد نصر الله على أن من بين نقاط قوة حركات المقاومة في المنطقة هي قدرتها العالية على ترميم بنيتها القيادية بسرعة، وهذا ما فاجأ الاحتلال، كما أن وصول الصواريخ إلى جنوب "تل أبيب" وإلى القدس أربكه. وأكد سماحته أن المقاومة الفلسطينية لم تضعف ولم تتخلخل قدراتها بالرغم من كل الاغتيالات التي طالت قادتها، بل على العكس تمامًا، فقد أعطت هذه الدماء الزكية دفعًا للأمام، كما أكد أن موقف المقاومة في غزة اليوم قوي ومتماسك وصامد، ويرفض الخضوع والاستسلام.
وفي السياق نفسه، شدد سماحته على أن أي عملية اغتيال في المستقبل لن تمر، وإنما ستؤدي إلى مواجهة واسعة، معتبرًا ان هذه النتيجة هي ببركة الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، متوجهًا إليها بالتقدير على تعاونها وإدارتها الحكيمة لهذه المعركة، لافتًا إلى أن معركة غزة مهمة وتأثيراتها لا تقتصر على القطاع بل على عموم المنطقة.
وختم الأمين العام لحزب الله حديثه عن الوضع في غزة قائلاً: نحن على اتصال دائم مع قيادات الفصائل، ونراقب الأوضاع وتطوراتها، ونقدمّ في حدود معينة المساعدة الممكنة، ولكن في أي وقت تفرض المسؤولية علينا القيام بأي خطوة أو خطوات، فلن نتردد إن شاء الله.
الأوضاع في سورية
وحول الاوضاع في سورية وما يجري من مشاورات في المنطقة قال السيد نصر الله، إن دعوة الرئيس بشار الأسد إلى الجامعة العربية هي خطوة مهمة جدًا، مؤكدًا أن سورية بقيت في مكانها، ولم تغيّر موقفها ولا استراتيجيتها.
وأردف سماحته قائلاً: نحن نتلقى التبريكات مع عودة العلاقات بين سورية والدول العربية، معتبرًا أنه مع كل نصر سياسي أو معنوي في سورية نرى وجه مصطفى بدر الدين وكل الشهداء واضحًا، وتابع: مع كل تطور وتقدم نحن من بين الذين يُبارَك لهم.
وأوضح، أن زيارة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي إلى سورية هي تأكيد على العلاقات الإستراتيجية الإيرانية السورية على مختلف المستويات، لافتًا إلى أن سورية اليوم حاضرة بقوة في الانتخابات الرئاسية التركية، ويتنافس المرشحون على تقديم تصوراتهم حيال دمشق، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة "القوة العظمى في العالم" تسرق النفط والغاز الخاص بالسوريين بالشاحنات وتصرّ على الحصار وعلى فرض قانون قيصر.
الأوضاع في لبنان
هذا، وطالب السيد نصر الله الحكومة اللبنانية بإقامة علاقات سياسية طبيعية مع سورية، معتبراً أن مصلحة لبنان تكمن في إعادة ترتيب العلاقات معها، ومشددًا في الوقت نفسه، على أن حزب الله لو كان ممسكًا بالقرار في لبنان، لكانت العلاقات مع سورية قد عادت منذ زمن.
عودة النازحين
وعن عودة النازحين، قال الأمين العام لحزب الله، إن ملف النازحين السوريين لا يُعالج في وسائل التواصل الاجتماعي ولا بالخطابات، مطالبًا بتشكيل وفد وزاري أمني يزور دمشق، ومشددًا على ضرورة الإسراع في اتخاذ قرار سيادي وعدم الانصياع للضغوط الخارجية، ومشيرًا إلى أن تبدل موقف بعض القوى السياسية من النازحين السوريين يؤكد أن موقفهم السابق كان سياسيًّا لا إنسانيًّا.
وفي هذا السياق، شدد السيد نصر الله على أن أكثر من كان متحمسًا لإعادة أهالي القصير وقراها إلى بيوتهم هو حزب الله، مؤكدًا على أن الحزب لا يحتل بيوتًا أو قرى، ولا يمنع أحدًا من العودة للقرى الحدودية السورية، وكل الدعاية التي تروج لذلك كذب كبير.
اتهام حزب الله بتجارة الكبتاغون
وحول اتهام حزب الله بتجارة الكبتاغون قال: بعد كل حادثة تقع يتم اتهام حزب الله، وكل ذلك كذب وخيانة وقلة أخلاق، داعيًا إلى كشف أسماء تجار المخدرات ومروجيها، كي يعرف الناس إلى أي جهات ينتمي هؤلاء. وسأل، لماذا لا يتم نشر أسماء من يتلقى المخدرات في السعودية والكويت والأردن وغيرها؟ مؤكدًا أن موقف حزب الله الشرعي والجهادي ينهى عن الاستعانة بمهربي المخدرات من أجل نقل سلاح المقاومة، مشيرًا إلى أنه لولا مساعدة حزب الله لما تمكنت السلطات اللبنانية من مواجهة عدد من تجار المخدرات.
في ملف الاستحقاق الرئاسي
وحول الموضوع الرئاسي تحدّث السيّد حسن نصر الله قائلاً: إن التطورات الأخيرة في ملف الاستحقاق الرئاسي إيجابية، وإن الوزير السابق سليمان فرنجية ليس مرشح صدفة بالنسبة إلينا، بل هو مرشح طبيعي وجدّي، ونحن لا نفرض مرشحًا على أحد، ولْيرشح كل طرف أي اسم يريد، ولنذهب إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس، موضحًا أن الأبواب لا زالت مفتوحة للنقاش والحوار والتلاقي في ملف رئاسة الجمهورية.
من جهة أخرى اعتبر الأمين العام لحزب الله، أن على حكومة تصريف الأعمال أن تبقى تمارس أعمالها ضمن حدود الدستور، رغم كل الصعوبات. وقد توجه للوزراء بالشكر على القيام بذلك، مضيفًا أن المجلس النيابي قادر على التشريع بشكل طبيعي، متمنيًا عليه أن يعمل بشكل طبيعي، ومؤكدًا في الوقت نفسه أن ذلك لا يؤثر على حافزية انتخاب رئيس للبلاد.
وختم السيد نصرالله حديثه قائلًا: لا تعيين ولا تمديد لحاكم مصرف لبنان، وعلى الجميع تحمّل مسؤولياته، وعدم التخلي عنها. وعلينا كلبنانيين أن نستفيد من الأجواء الحالية الإيجابية في المنطقة، مؤكدًا أن حكومة تصريف الأعمال لا تعيّن شخصًا في منصب حاكمية مصرف لبنان.
لمشاهدة الكلمة كاملة بالفيديو
اضغط هنا
لقراءة نص الكامل لكلمة السيد نصرالله