قصة "إنزال بوداي" سيرويها جنود نخبة العدو الى زملائهم لأخذ العبر مستقبلا.. بهذه العبارة ختمت "العهد" تحقيقها المفصل عن عمليات الإنزال في بعلبك في آب /أغسطس 2006.. "العهد" دائمًا في المرصاد.. وهي التي واكبت عمليات المقاومة الإسلامية منذ انطلاقتها، شريكة التضحية وموثقة بطولات المجاهدين، اليوم كشف إعلام العدو الصهيوني بعض ما كانت العهد قد نشرته في اسبوعيتها قبل 17 عامًا عن "إنزال بوداي" الفاشل.. وعن خسائر العدو فيها، وما زال في جعبتنا بعض تفاصيل نتركها للأيام التي ستكشف يقظة ووعي بواسل مقاومتنا وسهرهم الدائم على أمن البلاد والعباد.
إنزال بوداي
لا يبدو أن دان حالوتس تعلم الدرس، فبعد أن أعلن وقف العمليات العسكرية في لبنان وبعد ان تكشفت هزيمة العدو خلال 33 يوما، حاول ان يعوض بعض ما فاته بإنزال دار الحكمة, فأقدم فجر السبت الواقع فيه 19/8/2006 على عملية انزال كبيرة في منطقة بوداي الواقعة غربي مدينة بعلبك وسط تحليق مكثف للطيران الحربي والمروحي، فأرسل قوة كومندوس خاصة إلى منطقة سهل بوداي ظنا منه ان المقاومين بعد وقف العمليات الحربية قد استسلموا للراحة، الا ان المجاهدين كانوا ما يزالون على أهبة الاستعداد، فوقعت القوة الخاصة الصهيونية في كمين محكم ودارت اشتباكات عنيفة استخدم خلالها المجاهدون مختلف انواع الاسلحة، سقط نتيجتها للقوة المهاجمة قتلى وجرحى، وتأكد مقتل ستة منهم, بينهم المسؤول المباشر عن عملية اختطاف الأسير المحرر الحاج مصطفى الديراني. وعندها تدخلت طائرات العدو لمساندة القوة المستهدفة ولإخراجها من ساحة المعركة.
وتحت غطاء كثيف من النيران عملت هذه الطائرات على إجلاء المصابين والقتلى، ومن ثم الانكفاء عن المنطقة مخلفة وراءها الكثير من الأدوات الطبية التي استخدمت في إسعاف جنود العدو المصابين، فيما لم يصب أي من المجاهدين بأذى.
تفاصيل إنزال بوداي
بدأ التمهيد لعملية الإنزال بعد سلسلة من الغارات الوهمية نفذتها الطائرات الحربية بدءا من الساعة التاسعة والنصف من مساء الجمعة على علو منخفض جدا شملت كل قرى غربي بعلبك، ثم ما لبثت ان أنزلت مروحيات العدو مجموعة من نخبها العسكرية في المنطقة الواقعة بين عيون السيمان وأفقا، وبقيت هذه القوة مرابطة حتى حوالى الساعة الثالثة من فجر السبت، ثم انطلقت بسيارات من نوع شيفروليه عسكرية ويرتدون لباس الجيش اللبناني، انطلقت تحت ظل طائرات الاستطلاع متخذة طريقا ترابية قريبة من مزرعة الضليل وصولا الى بلدة السعيدة.
وعند الساعة الثالثة وخمس وأربعين دقيقة رُصدت من قبل مجاهدي المقاومة الاسلامية الذين نصبوا لها كمينا عند مثلث السعيدة بوداي العلاق، وعند وصول القوة الى نقطة المكمن حاولت إيهام احد عناصره بأنها قوة صديقة، لكن الامر لم يلتبس على عناصر الكمين، فبادروا الى اطلاق النار على السيارتين فأصابوهما اصابات مباشرة وأوقعوا فيهما ثمانية اصابات بين قتيل وجريح، ما أجبرهما على تغيير وجهة سيرهما. وهنا تدخلت باقي الكمائن المنتشرة في سهل بوداي وباشرت بإطلاق النار باتجاه القوة الاسرائيلية، وعلى الفور تدخلت المروحيات والطائرات الحربية بعنف وقصفت محيط القوة وأمنت حزاما ناريا حمت خلاله قوة الكومندوس من محاولات الإجهاز على من تبقى منها.
وألقت المروحيات عشرات الصواريخ على كل الأجسام في محيط وجود القوة، وبسبب كثافة النيران التي أطلقها المجاهدون باتجاه الطائرات والكومندوس لم تتمكن مروحيات الأباتشي برغم حداثتها وقدرتها القتالية من اصابة أي موقع او أي فرد من أفراد المقاومة، برغم استمرار المواجهات ستا وأربعين دقيقة.
وبعد افشال الانزال الذي بحسب الظاهر كان يهدف الى عملية أمنية, عمل مجاهدو المقاومة على الكشف على مكان الاشتباكات ومكان هبوط المروحية وسط حصيد القمح، فعثروا على تسع بقع دماء كبيرة في أماكن مختلفة وبعض الأشلاء المتناثرة وبوصلة لتحديد مكان القوات وأدوات لتركيب الأمصال وأجهزة للتنفس الاصطناعي ومخدر للألم ومضادات حيوية وضمادات جروح وأدوات متنوعة، اضافة الى حقن وأنابيب.
ولا شك في ان قصة "إنزال بوداي" سيرويها جنود نخبة العدو الى زملائهم لأخذ العبر مستقبلا.