عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض: وضعية الجبهات بعد الانسحاب من جبهة كييف
اكّد اليوم الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو من أصدر أمرا بسحب قوات الجيش الروسي من مقاطعة كييف لتهيئة ظروف مواتية للمفاوضات كبادرة حسن نية.
جاء هذا الكلام ليُنهي الجدل حول العرض الذي تقدمه وسائل الإعلام المعادية ومضمونه انّ وحدات الجيش الروسي تلقّت ضربات موجعة من الجيش الأوكراني وهو ما أجبرها على الانسحاب الى أراضي روسيا وبيلاروسيا.
وبمقاربة بسيطة وسريعة كان يمكن للأركان الروسية لو انّ الأمر كذلك ان تعمد الى أكثر من تدبير قتالي يندرج ضمن إعادة التموضع كإجراء تعمد اليه القوى العسكرية في حالتين:
ـ تحسين شروط المدافعة عبر إعادة تجميع للقوات ضمن نطاق اضيق يتناسب مع الظروف القتالية المستجدة.
ـ اسناد مهام جديدة للقوات تصب في خدمة الخطة المركزية ضمن سياق المهمة المعدّة مسبقاً او الطارئة بحسب التطورات الميدانية او السياسية.
وبالنظر الى ما تمّ تأكيده اليوم على لسان الناطق الرئيسي الروسي، وتزامن اعلان وزارة الدفاع الروسية بعد انتهاء جولة المفاوضات في تركيا عن تنفيذ وقف جذري للعمليات على جبهتي كييف وتشيرنيغوف يبدو بشكل واضح بادرة حسن النيّة الروسية لتشجيع القيادة الأوكرانية على ابداء مزيد من الطروحات الإيجابية والتي يبدو انها لا تسير في الإتجاه الذي يرغب به الرئيس بوتين، حيث نشهد تصاعداً في اللهجة الأوكرانية ومن خلفها الأميركية والأوروبية بعد ظهور "مجزرة" مدينة بوتشا ومن بعدها "مجزرة" مدينة موشين والتي يتم اتهام الجيش الروسي بهما.
التصعيد الإعلامي غير المسبوق يهدف في الحقيقة الى تقويض المفاوضات خصوصاً اذا ما ربطنا الأمر بالعقوبات الجديدة المتمثلة بطرد اعداد كبيرة من الديبلوماسيين الروس، وتصريح نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، الذي شبّه العقوبات الغربية الحالية على روسيا بأساليب "محاكم التفتيش" بأوروبا في القرون الوسطى، إضافة الى تصريح سابق له قال فيه ان ما يحصل سيجعلنا نحن والغرب ننظر الى بعضنا من فوهات البنادق.
إضافة الى تقويض المفاوضات من المؤكد ان جولات عنيفة من المعارك ستحصل في الأيام والأسابيع القادمة خصوصاً بعد تصريح قادة الغرب عن نيتهم بتزويد أوكرانيا بكميات كبيرة من الأسلحة وهو ما عبّر عنه المستشار الألماني بقوله: "لن نسمح لروسيا بأن تنتصر في أوكرانيا".
ـ على المستوى العسكري بات واضحاً ان القسم الأكبر من الوحدات الروسية التي انسحبت من جبهتي كييف وتشيرنيغوف تتجه الى الجبهة الشرقية، في حين سيتجه القسم الآخر الى الجبهة الجنوبية وتحديداً منها الجبهة الجنوبية الغربية.
ـ وفي حين تستمر العمليات على جبهتي لوغانسك ودونيتسك مع تحقيق الوحدات الروسية ووحدات إقليم الدونباس تقدماً يومياً، إضافة الى تنفيذ رمايات كثيفة لتدمير تحصينات الجيش الأوكراني على خط الدفاع الأول في محوري مارينكا وسيفرودونييتسك.
ـ التقدم اليومي البطيء نسبياً على هذه المحاور ينتظر على ما يبدو وصول الوحدات المنسحبة من الجبهة الشمالية والتي ستعمل بتقديري على جبهات:
1ـ جبهة خاركوف ـ ايزيوم والهدف هو التقدم نحو مدينتي سيفرودونييتسك وكراماتورسك.
2ـ جبهة لوغانس باتجاهين أولهما لملاقاة الوحدات المتقدمة من ايزيوم للإطباق على كراماتورسك وسيفرودونييتسك والثاني باتجاه الغرب مدينة دنيبرو.
3ـ جبهة فوليغدار ـ اوريخيف ـ فاسيليفكا للوصول الى زابوروجيا وبافلوغراد لملاقاة الوحدات المتجهة الى دنيبرو.
4ـ جبهة خيرسون ـ نيكولاييف وهي الجبهة التي سيتم برأيي تفعيلها بشكل واسع في اتجاه الشمال نحو يوزنو كرانسك وعلى اتجاه الغرب والجنوب الغربي نحو اوديسا.
هذه التطورات القادمة باتت مؤكدة بعد وصول الأمور الى طريق مسدود بين روسيا والغرب والمرشحة الى مزيد من التصعيد السياسي الذي ستتم ترجمته في الميدان الأوكراني مزيداً من العمليات من قبل روسيا ومزيداً من الدعم العسكري من قبل الغرب.