بعد اقل من اربع وعشرين ساعة على اعلان اسرائيل ان سربا كبيرا من طيرانها الحربي رمى حوالى عشرين طنا من المتفجرات على مبنى في الضاحية الجنوبية، كان يعتقد ان الأمين العام لحزب الله، بداخله، أطل السيد حسن نصر الله، قبيل منتصف ليل امس، في مقابلة مصورة، مع الزميل غسان بن جدو، عبر قناة "الجزيرة" ليوجه اكثر من رسالة معنوية وسياسية، فضلا عن اقفاله الابواب امام دعوة مجلس الامن الدولي لتسليم الجنديين الاسرائيليين من دون شروط وقال "لو جاء الكون كله لن يستطيع ان يستعيد الجنديين الا عبر تفاوض غير مباشر وتبادل للاسرى"، ناصحا الوسيط الالماني ان لا يتحرك تحت سقف الدعوة الاسرائيلية لإفراج غير مشروط لانه سيكون محكوما بالفشل.
وأكد ان القناة الوحيدة المفتوحة في موضوع الاسرى هي رئيس المجلس النيابي نبيه بري وهو يمثل الجهة التي يتم التكلم معها. وأشار الى ان حزب الله لن يستقبل أية وساطة وليتحدثوا مع الدولة وهي تتحدث معنا ونحن نعطي جوابنا".
وخاطب من يقول إنه فوجئ بعملية الخطف: "لقد أعلنت ذلك أكثر من مرة، وحتى على طاولة الحوار أكدت أننا سنعمل لخطف جنود للعدو من أجل تحرير أسرانا، هل كان عليّ أيضاً أن أبلغهم بالموعد وأنا لا أعرفه؟".
وشدد نصر الله على اولوية اطلاق سراح الاسير اللبناني سمير القنطار ورفاقه وقال ان العملية مفتوحة ومتروكة للتفاوض غير المباشر، وأشار الى ان وفد الامم المتحدة غادر كيان العدو ولم يعد الى لبنان، ما يعني ان الاقتراح الذي قدموه في لبنان قد سقط.
وقال نصر الله ان البنية القيادية للحزب لم تصب بأي أذى، كما ان البنية الصاروخية ممتازة جدا وعند الحزب القدرة على الاستمرار في القتال لوقت طويل، وقال إن "حزب الله" استوعب الضربة أولا وانتقل الى مرحلة المبادرة ثانياً، وهو قدم بعض المفاجآت التي وعد بها ثالثا، ومستعد لان يقدم مفاجآت ما زال يحتفظ بها للمرحلة المقبلة.
أضاف نصر الله: ان الإسرائيليين يراهنون على تفتت الوضع السياسي وتراجع الوضع الشعبي عن دعم المقاومة... ولو كانت في الجنوب ملاجئ لما جاء أهل الجنوب لاجئين إلى بيروت، وأن جمهور المقاومة لا يشعر بالغربة بل هو أشد عزماً.
وراى ان الاسرائيليين بلغوا الذروة جوا وبحرا وصار الخيار البري محتملا ونحن جاهزون له منذ اليوم الاول وهم قد يتمكنون من الدخول الى الاراضي اللبنانية وما نتعهد به هو انهم سيدفعون ثمنا كبيرا في دباباتهم وضباطهم وجنودهم وسنحول الخيار البري الى كارثة عليهم.
وتوقع ان تمتد العملية الاسرائيلية زمنيا لان الامر مرتبط بالتطورات الميدانية والسياسية.
وشكر الشعب اللبناني الشريف والعزيز بكل طوائفه على موقفه المساند للمقاومة، واعتذر من العائلة العربية التي فقدت طفلين في قصف المقاومة على الناصرة.
ورأى ان الموقف الدولي لم يكن مفاجئا ولم نكن نتوقع من الانظمة العربية وقوفها مع الجلاد ضد الضحية وقال إنه لولا بعض المواقف العربية لانتهت الحرب بعد ساعات وخاطب الحكام العرب: "لا نريد قلوبكم ولا سيوفكم. فقط قفوا على الحياد".
وحذر من ان تدمير النموذج اللبناني يهدف الى انهاء القضية الفلسطينية، وقال ان نتيجة المعركة سلبا وإيجابا هي نتيجة للامة كلها وخاصة الانتفاضة الفلسطينية. وشدد على ان المواجهة الحالية اسقطت مشاريع الفتنة الطائفية والمذهبية في لبنان.
ورفض معزوفة ان العملية تمت بقرار ايراني سوري، واعتبر ذلك كلاما سخيفا ومعيبا والهدف منه افراغ المقاومة من مضمونها الوطني وتحويلها اداة ايرانية سورية، وقال ان سوريا وإيران لم تكونا على علم بالعملية وإنه لم يستشر احدا منهما وإن ما جرى انما تم تحت سقف البيان الوزاري للحكومة.
ورأى نصرالله انه اذا كان هناك من علاقة فإن العملية ليست لمصلحة الملف النووي الايراني، رافضا وجود أية علاقة بين العملية وموضوع انشاء المحكمة الدولية وقال ان هذه أسخف المقولات التي قيلت حتى الآن.
وكشف نصر الله أنه على طاولة الحوار وفي اللقاءات مع
بعض الاقطاب السياسيين اشار الى ان هناك موضوعين لا يتحملان التأجيل وهما: الاعتداء على المدنيين اللبنانيين واستعادة الاسرى وإن ما يحتمل التأجيل هما موضوعا المزارع والخروقات الجوية والبحرية.
وأكد نصر الله ان "حزب الله" كان دائما وأبدا يقدم المصلحة الوطنية على اية مصلحة فئوية او طائفية او مذهبية، وكشف انه قال على طاولة الحوار انه ابلغ البعض بأنه حاضر لتحديد ما هي المعارك التي خاضوها لمصلحة خارجية وليس لمصلحة لبنان.
وحذر من أن انتصار اسرائيل يعني ان اية حكومة ستشكل في لبنان يجب ان تحظى بثقة ايهود اولمرت، وأكد ان الحزب وغيره يتحدثون عن جردة حساب وسيأتي الوقت المناسب لذلك، داعيا الى تأجيل النقاش الداخلي والعربي لمصلحة مواجهة العدوان الاسرائيلي.
وأشاد بإمكانات الجيش اللبناني وحيا إرادة الجيش في التصدي للعدوان الاسرائيلي وأشاد بوقوف الجيش الى جانب المقاومة وقال ان ذلك ليس امرا جديدا، ونوّه بموقف وزير الدفاع وقائد الجيش وضباط الجيش وأفراده وبموقف رئيس الجمهورية والحكومة، وقدم تعازيه بكل شهداء الجيش.
وأكد نصر الله أن المحاولات لإثارة فتنة شيعية سنية سوف تفشل، وأن لا مجال لتفجير حرب أهلية في لبنان، لأن شعب لبنان أعظم وعياً من أن يجر إلى الانتحار.