محمد عدوان
لطالما كانت الأفلام هي باب من أبواب الحرب النفسية، لذلك كانت الدول تنتج افلاماً خارقة للطبيعة حتى توجد في نفس الخصوم الوهن والضعف وعدم الثقة، وعليها يترتب ردات فعل مضادة او وقائية، واذا تجاهل الخصم هذه الحرب وهذه الأساليب من المؤكد سوف يخسر جزء من المعركة.
"فوضى" مسلسل ينتجه العدو الصهيوني وله ثلاثة اجزاء وآخرها يحاكي عملية أمنية امتدت من الضفة الغربية المحتلة الى غزة . ومرت بمراحل عديدة متنوعة حاول إظهار العدو فيها المقاومة الفلسطينية بالوهن والضعف وعدم مسؤولية قياداتها وظلمهم وعدم اهليتهم للقيادة وأنهم يفقدون الأخلاق الانسانية.
بعد مشاهدة عدة حلقات من المسلسل تتكشف الرسائل التي يحملها وهي:
١ـ تبييض صفحة مصلحة السجون الاسرائيلية وبالتالي الكيان الصهيوني عبر إظهار علاقة "المودة" بين الاسرى الفلسطينيين مع سجانيهم وتعاملهم مع بعض على انهم اصدقاء .
٢ـ إظهار "الارتباط العاطفي" بين المسؤول الأمني الصهيوني للضفة والمسؤول الأمني للسلطة الفلسطينية، وهو ما يشي بأن العدو لعناصر السلطة الفلسطينية هم أبناء باقي التنظيمات المقاومة وليس العدو الصهيوني.
٣ـ إظهار "المستعرب" بشعور البريء تجاه الفلسطيني والشفقة عليه ومحاولة مساعدته، وهذا إنكار لما يحصل من قبل "قوة المستعربين" التي تعمل على اغتيال وأسر المقاتلين والمتظاهرين وقتل على أيديهم الكثير من ابناء شعبنا ولا مرة تعاملوا مع الشعب الفلسطيني انه إنسان لديه حقوق طبيعية.
٤ـ إظهار المقاومة على انها مجموعة تتصرف بغريزة القتل وعدم الاحترام والمسؤولية في اجراء التحقيقات لتبيان الحقيقة عند المشتبه بتعامله مع الاحتلال، وهذا الامر غير حقيقي لان من ادبيات المقاومة احقاق الحق واظهار العدالة والقصاص من المذنب فقط ، ولا تتعامل كجهة غير منضبطة وثأرية.
٥ـ إظهار تغيير في سلوك الاسرى مع خروجهم من السجن ومنعهم اولادهم من المشاركة بأعمال فدائية الا تحت ظغط التنظيم بـ "أسلوب بلطجي" لتشويه ادبيات المقاومة.
٦ـ إظهار شجاعة قوات المستعربين وقيامهم بأعمال بطولية وشجاعة قل نظيرها وأنهم رجال لا يقهرون ولديهم عقيدة قتالية قل نظيرها حتى يجعلوك تخشى مواجهتهم او التفكير بعمل مقاوم حتى لا تصبح هدف لهم.
٧ـ إظهار قائد حماس على انه شخص غوغائي لا يعمل سوى حباً للثأر، وأنه شخص غير محترم مع عناصره، وله طموح سياسي بعيد عن الهدف الحقيقي وهو ان يكون قائد عسكري لديه تشكيلات جهادية يقاتل معها حتى تحرير الارض، ويسقط في الخضوع للعدو بسبب خوفه على ابنته ويختم كل حياته الجهادية كخائن، وهذا المشهد يعمل على هدم الثقة بين المقاوم والقائد.
٨ـ إظهار عملاء غزة على انهم يتعاملون مع العدو بسبب اجرام المقاومة، والتعامل الغير مسؤول مع الشعب واهمال الحكومة للقطاع عبر مشاهد الشعبية التي صوروا قطاع غزة به مع إغفالهم انهم هم الذين يحاصرون القطاع ويمنعون عنه كل سبل التي تسمح بأعادة أعمال غزة افضل مما كانت وعبر عملية اجلاء عائلات العملاء على يحاولون اظهار إنهم إنسانيون الا انهم يفعلون العكس يتخلون عنهم وفي بعض الأحيان يقتلوهم.
٩ـ إظهار تمرد الناس على مفاهيم الشهادة ، وتعاونهم مع العدو رغم إمكانية الابلاغ عنهم وحبهم للحياة ، هذا يدل على انهم يريدون اظهار ان المواطن الفلسطيني يرضخ تحت حكم ظالم حاقد رجعي مما جعل المواطن الفلسطيني يفضل إنقاذ حياة مستعرب صهيوني على ان يخدم المقاومة.
مع كل هذه النقاط التي حاولنا تسجيلها لإظهار ما يريده العدو في هذا المسلسل يمكن الحديث عن بعض النقاط في كيفية مواجهتها:
اولاً: يجب الحد من مشاهدة هذه المواد التي ينتجها العدو واقتصارها على المتخصصين من أجل نقضها.
ثانياً: السعي إلى انتاج مواد مواجهة في هذه الحرب ونشرها في مجتمع العدو.
نتذكر في كل لحظة، إعدام الشباب الفلسطيني في المظاهرات، اعتقال النساء، الظلم بحق الاسرى والأحكام الكبيرة، ارتكاب المجازر، سحق عظام الأطفال، هدم بيوت المناضلين، سرقة واحتلال الاراضي..لن تتغير نظرتنا تجاه هذا العدو لا بمسلسل "فوضى" ولا بعشرات المسلسلات والأفلام الدرامية التي يحاول ترويجها بمجتمعاتنا.