ياسمين مصطفى
مع إعلان منطقة البقاع جاهزة للتعامل مع الإصابات بفيروس كورونا، يخوض حزب الله معركة مواجهة الـ"جائحة" بخطة متكاملة قائمة على هيكلية تنظيمية شاملة، رصد الحزب لتنفيذها عديدا ضخما من طواقمه البشرية، العاملة والمتطوعة، قوامه 3530 شخصا في مختلف المجالات العلمية والطبية والرعائية والعمل البلدي لتغطي المنطقة، انتظمت في 266 لجنة صحية واجتماعية لمكافحة عدوى الفيروس على مستوى محافظة بعلبك-الهرمل، فضلا عن استحداث غرفة عمليات 24/24، ومراكز صحية ومراكز حجر للمصابين وتأمين 20 سيارة إسعاف تابعة للدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية لنقل الحالات.
مسؤول منطقة البقاع في حزب الله حسين النمر تحدث بإسهاب لموقع "العهد" الإخباري عن الخطة فيقول:"في البدء كان لا بد من إجراء هيكلية على مستوى الموارد البشرية تغطي المنطقة ككل، تطلبت استحداث لجنة صحية على مستوى المنطقة، ولجان صحية على مستوى كل قطاع وكل شعبة، فضلًا عن لجنة تكافل اجتماعي في كل منطقة وفي كل قطاع وفي كل شعبة، حتى وصل عدد اللجان إلى 266 لجنة على مستوى منطقة البقاع ككل".
كما استحدث حزب الله بحسب النمر 13 مركزًا صحيًا ستكون على تنسيق مع غرفة العمليات في الهيئة الصحية، وتتوزع على قرى تمنين التحتا، النبي شيت، بريتال، علي النهري، شمسطار، بوداي، بعلبك، مقنة، النبي عثمان، القصر ووصولاً إلى زيتا داخل الأراضي السورية، وستكون حاضرة لاستقبال أية حالة محتمل إصابتها بالفيروس ولديها العوارض، ليصار إلى نقلها فورا إلى المشافي الحكومية والجامعية المعتمدة في حال ارتفاع نسبة الشكوك بالإصابة.
الجهود الحكومية الحثيثة لمواجهة الجائحة وفي طليعتها جهود وزارة الصحة، لاقتها جهود حزب الله في هذا المجال. وحتى يكون للدفاع المدني اللبناني كتف يستند إليه، رصد حزب الله 20 سيارة إسعاف تابعة للدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية، مجهزة بالفريق الطبي والتمريضي من 200 شاب مدرب، وبالمعدات اللازمة لنقل الإصابات المشتبه فيها إلى مستشفيي بعلبك والهرمل الحكوميين ومستشفى دار الأمل الجامعي في دورس، وهي بحسب النمر على أتم الجهوزية لتلبية أي نداء واستيعاب أي ارتفاع محتمل في عدد الإصابات بالفيروس.
أما تنسيق حزب الله مع الجهات الحكومية فهو بحسب النمر على أعلى المستويات. وإذ لفت الى تخصيص مستشفى بعلبك الحكومي بالكامل لاستقبال مرضى كورونا بقدرة استيعابية تصل إلى 105 أسرّة، وتخصيص جناح في مستشفى الهرمل الحكومي للمصابين، أوضح أنه تم الاتفاق في المرحلة الأولى مع مستشفى دار الامل الجامعي، الذي أفرد أيضًا جناحًا خاصًا لاستقبال مرضى كورونا بهدف إجراء فحص الـPCR لهم، في انتظار وصول أجهزة الفحص من الخارج إلى كل من مستشفيي الهرمل وبعلبك في غضون عشرة أيام، بحسب ما وعد وزير الصحة حمد حسن.
يستبشر النمر خيرا بخلو منطقة بعلبك الهرمل من الإصابات، عدا الإصابات الأربعة التي تقطن خارجها، موضحا أنه تم استقبال 64 حالة مشتبه بإصابتها بفيروس كورونا في المشافي المعتمدة في المنطقة وجاءت نتيجتها سلبية.
هيئة صحية علمية من كوادر جمعية الأطباء المسلمين
وتابع النمر في حديثه للموقع أنه جرى تشكيل هيئة صحية علمية مؤلفة من كوادر من جمعية الأطباء المسلمين، تزود المعنيين باستشارات علمية وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية، وترفدهم بتقارير ومستجدات علمية يومية حول الوباء وكيفية مكافحته.
التكافل الاجتماعي بأسمى تجلياته
يؤكد النمر لموقعنا أن الحزب انطلق قبل وصول كورونا إلى لبنان حتى بنظام تكافلي اجتماعي تحت عنوان "من أحسن العطاء"، يعنى بجمع التبرعات من القرى والتي بدورها تعود بالنفع على أهاليها، تسهر على إيصالها لجان اجتماعية تعمل ليل نهار.
الهدف إيصال معونات لـ22 ألف عائلة فقيرة
واضعا نصب عينيه هدف إيصال المعونات والمساعدات الغذائية لـ22 ألف عائلة من الأكثر فقرا على صعيد منطقة البقاع، أوصل حزب الله بحسب ما يوضح النمر حتى اليوم 8000 حصة غذائية، مؤكدا الاستمرارية في هذا العمل بسعي وجهد لاستكمال المهمة.
وبالنسبة للمشمولين بهذه المساعدات، أوضح النمر أنها للأكثر فقرا، والعائلات دون معيل، والذين تعطلت مصالحهم جراء التزام قرار التعبئة العامة، فضلا عن العمل التكافلي لجمعية الإمداد، التي تمد الفقراء بالمساعدات اللازمة منذ زمن.
التعاون يتخطى الانتماءات الحزبية والدينية
ورغم تفشي وباء يكاد يكون أخطر من كورونا في لبنان، يقبع في عقول نفوس مريضة بالطائفية والمذهبية، بدا لافتا ما أعلنه النمر من تنسيق عال في إطار لجان "مع إخواننا السنة والمسيحيين في قرى المنطقة"، مؤكدا استعداد حزب الله لتلبية أي نداء من هؤلاء الشركاء في الوطن لإسعاف المصابين بالفيروس، دون تفرقة.
استحداث مراكز حجر في القرى
النمر أوضح أنه تم أيضا استحداث مراكز للحجر في قرى المنطقة، مشروع دورس وفي بدنايل وسعته152 سريرا، ومشروع في جناح خاص في مجمع المرتضى في بوداي، ومشروعان في الهرمل وفندق "لازورد"، لمن لا يملك مكانا لحجر نفسه بعيدا عن أهله، وفي حال عدم استيعاب هذه المحاجر سيتم في مرحلة لاحقة الاستعانة بمركز لجنة الإمداد في الطيبة والمدينة الكشفية في رياق.
اتحادات البلديات في البقاع تعمل هي الأخرى ليل نهار لمحاربة انتشار الفيروس، رئيس اتحاد بلديات شرقي بعلبك المهندس علي شكر أكد لموقعنا أنه مع إعلان أول إصابة بدأ العمل في الاتحاد بالتنسيق مع جمعية الأطباء المسلمين والهيئة الصحية الإسلامية، تم عبره إخضاع مجموعات متخصصة في كل البلديات لورش تدريبية على يد كوادر طبية، وذلك قبل إعلان حالة التعبئة العامة.
المشاركون في الورش التدريبية بحسب شكر توزعوا بدورهم على مدارس قرى اتحاد البلديات والجامعات وتوجهوا للطلاب بالتوعية من فيروس كورونا وسبل التعقيم والوقاية منه، وكانت هذه المجوعات فاعلة بحيث تم نشر الوعي على أوسع نطاق بين الناس.
ورش توعوية في مخيمات النزوح السوري في المنطقة
وفي الوقت الذي تركت فيه المنظمات الدولية النازحين السوريين في مخيمات المنطقة لمصيرهم، أكد شكر أن حزب الله لم يغفل عنهم، ولذلك أقام بالتعاون مع الهيئة الصحية الإسلامية ورش عمل متخصصة تتعلق بملفي التوعية والترصد الوبائي للحالات المشتبه بإصابتها بفيروس كورونا، وقال "بهدف نشر الوعي بين أهلنا أطلقنا بالتعاون مع الهيئة حملة بعنوان "درهم وقاية"، كان روادها من الكوادر الصحية المتخصصة من قرى الاتحاد بمثابة رُسل لأهالي القرى. وقد خضع هؤلاء لدورة طبية مكثفة حول الفيروس على أيدي أطباء من جمعية الأطباء المسلمين، فضلا عن سبل الحماية الشخصية من انتقال العدوى للكواد الطبية وللمواطنين المخالطين لهم في الورش التوعوية، وقد استهدفنا عبر هذه الورش القرى الحدودية لسوريا لأهمية نشر التوعية فيها لجهة وجود مخيمات نزوح منتشرة في محيطها تحوي ما يقارب 5000 نازح سوري في قرى الاتحاد، فضلا عن وجود معابر غير شرعية، ولذلك كان المقصود التركيز على ورش توعوية يخضع لها هؤلاء عن أهمية الوقاية واعتماد كل السبل لمنع انتشار العدوى بين المواطنين والنازحين، والتنسيق مستمر مع الأمن العام للاطلاع على شؤونهم وتوعيتهم وتقديم ما يلزم من المساعدة على صعيد نشر الوعي والثقافة للوقاية من العدوى بفيروس كورونا بينهم".
استمارة الترصد الوبائي
وأقامت الهيئة الصحية الإسلامية بالتعاون مع البلديات ورشة عمل حول الترصد الوبائي الهدف منها بحسب شكر كان إيجاد خطة على صعيد الاتحاد لترصد الحالات المحتمل إصاباتها لجهة العائدين من السفر أو المخالطين لهم، وتطور العمل ليطال كبار السن في قرى الاتحاد ومرضى السكري ومرضى غسيل الكلى والمصابين بالأمراض المزمنة والمستعصية من ذوي المناعة الضعيفة، وجرى مسح لأعدادهم بهدف حمايتهم بشكل أكبر وتوجيه الاهتمام نحوهم كي لا يصابوا بالفيروس وتحدث لديهم مضاعفات تشكل خطرا على حياتهم، ولذلك كانت فرق من الهيئة الصحية الإسلامية تقصد منازلهم بشكل دوري للكشف عن حالتهم الصحية والنفسية في آن، وتم عبر هذه الزيارات تعبئة استمارات تتعلق بوضعهم الصحي والنفسي والاجتماعي، وكانت النتيجة أن أصبح لدينا "داتا" ومسح صحي شامل لهؤلاء في قرى الاتحاد.
وإضافة إلى ما تقدم، يشير شكر إلى عمل البلديات في قرى الاتحاد بشكل يومي على تعقيم الشوارع والأرصفة والمحال الغذائية والصيدليات والمؤسسات المسموح لها بالفتح، فضلا عن وجود مراقبين على مداخل القرى لأخذ حرارة الداخلين والخارجين منها تحسبا لوجود مصابين ولمنع انتشار العدوى.
ولم يغفل شكر الإشارة الى الكوادر المتطوعة من الشبان والشابات الذين كرسوا وقتهم وخبراتهم وخاطروا بحياتهم لحفظ حياة الناس وشاركوا لاجل ذلك في كل الانشطة الصحية من مسح وارشاد وتعقيم، أكان من خلال الاتحاد ام الجمعيات الاهلية او الكشفية، وهؤلاء بحسب شكر هم عماد كل الاعمال التي تم انجازها حتى اليوم. وفي هذا السياق يشير إلى إطلاق مشروع التطوع للممرضين والممرضات والأطباء عبر الهيئة الصحية الإسلامية بهدف مساندة مستشفى بعلبك الحكومي في هذه المرحلة ووضع الإمكانيات المطلوبة كافة بتصرفها.
اتحاد بلديات بعلبك هو الآخر كان العمل فيه جارياً على قدم وساق لمحاربة فيروس كورونا في قراه، وتم أخذ التوجيهات من وزارة الصحة وبدأت بتعقيم القرى، فضلا عن نشر التوعية بين الناس وأصحاب المصالح المفتوحة لجهة كيفية الوقاية من العدوى بفيروس كورونا.
وفي هذا السياق، قال رئيس اتحاد بلديات بعلبك جمال عبد الساتر لموقعنا: "لدينا مجموعات من المتطوعين نرسلهم مع عناصر من شرطة الاتحاد في جولات على التعاونيات والمحال التجارية المفتوحة للحيلولة دون الاكتظاظ في هذه الاماكن المقصودة من قبل المواطنين، فضلا عن توعية أصحاب هذه المصالح لجهة ضرورة التزام إجراءات الوقاية والتعقيم الدائم".
مستشفى الهرمل يستحدث جناحًا خاصًا لاستقبال مرضى كورونا
مدير عام مستشفى الهرمل الحكومي الدكتور سيمون ناصر الدين أكد لموقعنا أنه تم تجهيز المستشفى بمدخل خاص لطابق معزول بالكامل عن باقي أقسام المستشفى لاستقبال الحالات المحتمل إصابتها بالفيروس وتلك المؤكدة، حتى لا تنتقل العدوى للمرضى الآخرين، مشيرا إلى استمرار أقسام غسل الكلى وعناية الأطفال وحديثي الولادة والاستشفاء العادي والنسائي.
وأضاف ناصرالدين:"جهزنا 30 سريرا في القسم المعزول لاستقبال مرضى كورونا، كما جرى تجهيز 4 غرف للعناية المركزة و4 غرف للضغط السلبي negative pressure للعزل مجهزة بأجهزة التنفس الاصطناعي للحالات المستعصية، وبالموازاة، تم إعداد كادر طبي خضع للتدريب في مستشفى بيروت الحكومي ومعه جهاز تمريضي خاص وعدد من الأطباء المتخصصين، ويعتمد هؤلاء أقصى درجات الوقاية لمنع نقل العدوى إلى الفرق الطبية أو المرضى غير المصابين.
غرفة عزل Triage
وتحدث ناصرالدين للموقع عن غرف الـ"triage" المستحدثة بين الطوارئ وقسم كورونا، وقال "لدينا ممرضات وممرضون يستقبلون كل المرضى ومن تتضح عليه أية عوارض شبيهة بعوارض فيروس كورونا يتم احالتهم الى غرف الـtriage وليس الطوارئ وبعدها يتم القيام بالإجراءات اللازمة".
يختم ناصر الدين بالتأكيد على بدء استقبال حالات الإصابة المحتملة والمؤكدة بفيروس كورونا، وينوه بخلو المنطقة حتى اليوم من الإصابات، كما يوضح أن المستشفى في انتظار وصول أجهزة الفحص PCR في غضون عشرة أيام.