ميساء مقدم
الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، اسمٌ لطالما انجذبت اليه الجماهير وحسب له العدو كما الصديق، ألف حساب.
السيد الذي عرفته الجماهير من خلال خطاباته واطلالاته، يعرفه بعض السياسيين عن قرب من خلال جلساتهم الخاصة معه. أمّا ما لا يُعرف عن الأمين العام، فهو شخصيته في الميدان، وتعامله مع العسكر خلال المعارك.
كما في كل الميادين، حاضر دومًا، ليكون الموجّه والقائد، والقريب الى كلّ جنده. صوته ورسمه، منغرسان دومًا في وجدان المجاهدين على الثغور، يستمدون منه الاندفاعة والروح، وكثيراً من الحب الذي يتطلبه ميدان القتال.
يقول قيادي في المقاومة الإسلامية لموقع "العهد" الاخباري: "عام 2013 عندما كان القياديون في المقاومة الاسلامية في إطار التخطيط لتحرير القصير، كانت لمسات الأمين العام حاضرة أيضًا. فالقرار بحسم اتجاه الهجوم على القصير حدده سماحة السيّد بنفسه. بعد حسم القيادة لقرار الهجوم على القصير، كان النقاش يدور حول سؤال: هل تهاجم المقاومة من الاتجاه الشمالي أي من تل مندو باتجاه عرجون ومن عرجون يلتف المجاهدون على مطار الضبعة ويتقدمون نحو القصير أو يبدأ الهجوم من الاتجاه الجنوبي أي من المكان الذي وصل فيه المقاومون الى تماس مع القصير وتبدأ العملية الهجومية من جسر المشتل باتجاه القصير؟".
استمع السيّد من ضبّاط المقاومة حينها الى أدق التفاصيل "كيف سنناور؟ كيف سيتدخل فصيل المشاة؟ كيف سيكون الالتفاف؟ أنواع المناورات .."
هنا جاء دور القيادة. حسم سماحة الأمين العام القرار. أعطى السيد حسن نصر الله الأمر بأن يكون الهجوم من الاتجاه الجنوبي وليس من الاتجاه الشمالي، من نقاط التماس التي وصل اليها المجاهدون مع القصير. وهذا ما كان.
السيّد الذي يرفع اصبعه مهددًا كيان العدو بترسانته العسكرية، وتتجنّد وسائل اعلام ومراكز دراسات لتحليل خطاباته والبحث في طيّات كلماته، هو عينه السّيد الحنون، الضنين على دماء أبنائه واخوانه من المقاومين في الميدان، فلا يلقي بهم كيفما كان. يقول القيادي في المقاومة الاسلامية لموقع "العهد"، إنه في كثير من الأحيان، كان يمكن لبعض المعارك أن تُحسم بسرعة زمنية أكبر، لكن السيد كان يفضل أن تأخذ المعركة مدى زمنيًا أوسع، ما دام ذلك يؤدي الى تخفيض التكلفة البشرية، وعدم ارتقاء المزيد من الشهداء.
السيّد الذي يجيّر ما أعطاه الله من قوة في سبيل الحق، يوجّه غضبه إلى العدو، ورحمته الى المدنيين من نساء وأطفال وعزّل. هذه هي أخلاق الإسلام الأصيل، المتجذّرة في صلب مسيرته. خلال معارك تحرير السلسلة الشرقية لجبال لبنان، التي انتهت بانجاز التحرير الثاني عام 2017، كان سماحة الأمين العام حاضرًا في رسم مجموعة من الحدود والقيود.
على غير عادته، كان سماحة الأمين العام في كثير من المعارك يتدخل في السياقات العريضة للمعركة، لكن في معارك تحرير السلسلة الشرقية، تدخّل السيّد تكتيكيًا، بحسب ما يروي قياديّ في المقاومة الاسلامية لـ"العهد". استمع السيّد من ضبّاط المقاومة حينها الى أدق التفاصيل "كيف سنناور؟ كيف سيتدخل فصيل المشاة؟ كيف سيكون الالتفاف؟ أنواع المناورات ..".
"بقي السيّد معنا في كل العمليات، كان يتابع معنا كل شيء"
خلال جلسة الضباط والقياديين في المقاومة الاسلامية مع سماحة الأمين العام، وضع السيد مجموعة من القيود، أوّلها أن لا يتم التعرض للمدنيين "خاصة موضوع المخيمات، حتى لو طلع علينا نار، نحاول انو ما نرمي". ثاني هذه القيود وفق القيادي في المقاومة هي أنه "اذا اضطرّ المقاومون الى الرد على مصدر نيران من اتجاه المدنيين، كان يجب أن تكون الرماية بأسلحة دقيقة ومركّزة، بحيث يُرد على مصدر النار بشكل دقيق مع عدم احتمال الخطأ، وحتى هذا الرد كان يحتاج الى اذن خاص".
"بقي السيّد معنا في كل العمليات، كان يتابع معنا كل شيء" يؤكد القيادي في المقاومة الاسلامية لـ"العهد"، ويوضح أن الأمين العام خلال الجلسة مع ضباطه "يتحدث بلغة عسكرية، ويتصرف كقائد عسكري يحاكم المشهد الميداني والعسكري أمامه. كان يضع الحدود والقيود، وكان يعطي أوامره للضباط. السيد حينها ترك لنا المساحة الزمنية التي نحتاجها وأكثر، قال لنا لستم "مضغوطين" في الوقت والمهلة الزمنية".
الى الجانب الوجداني والعاطفي، ينتقل القيادي العسكري في المقاومة الإسلامية في حديثه لـ"العهد"، ولأن كلام العسكري عن العاطفة عادةً ما يكون نادرًا، نترك للقارئ تلمّس صورة اللقاء (بين الضباط في المقاومة الاسلامية وسماحة السيد حسن نصر الله قبيل معارك التحرير الثاني)، من خلال الحديث باللغة العامية: "طبعا نحنا انبسطنا انو بسناه وبسنالو ايدو.. وهيك.. هيدا شي طبيعي.. حسينا بدفع معنوي كتير عالي.. وكتير كبير يعني.. طبعًا نحنا كأشخاص كان في عنا حالة شعورية، مثلًا حبينا انو ناخد منو الخواتم بس استحينا، حبينا انو ناخد منو شي بس خجلنا، حبينا بس انو ... في عاطفة جياشة ..".