العهد
هول الصدمة بدا واضحًا على وجه وزير الحرب السابق في كيان العدو أفيغدور ليبرمان. فبعد أيام من الصمت الذي فرضته الرقابة التابعة له على أجهزة المؤسسة العسكرية والإعلامية في التعاطي مع الحملة العسكرية التي قادها حزب الله لتحرير الجرود الشرقية من لبنان في تموز وآب 2017، لم يجد الرجل مناصًا من الإعتراف بوقع الهزيمة. فحزب الله حرر الجرود من إرهاب وكلاء "إسرائيل" من "نصرة" و"داعش".
ومن قلب "تل أبيب"، دعا ليبرمان جنود المقر العسكري إلى الاستعداد لمختلف السيناريوهات، محذرًا من "أن الصراع المقبل مع لبنان سيشمل سوريا أيضًا."
استفاض مسؤول المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، وبتخبط الحائر تحدث عن وحدة الجبهات موجهًا تهديداته لكل من لبنان وسوريا.
"إذا تحدثنا عن الجبهة اللبنانية، فلم تعد هناك جبهة من هذا القبيل، ستكون جبهة واحدة من سوريا ولبنان معًا، حزب الله ونظام الأسد وجميع المتعاونين مع نظام الأسد".
وبعيدًا من التحليل، جاءت الرسالة واضحة إلى لبنان، فمشهد التلاحم بين الجيش اللبناني والمقاومة أرق من يعنيهم الأمر في "إسرائيل". "لقد أصبح الجيش اللبناني جزءًا لا يتجزأ من قوة حزب الله وتحت قيادته. لقد فقد الجيش اللبناني استقلاله وأصبح جزءًا لا يتجزأ من قوة حزب الله".
وعلى قاعدة أن الفضل ما اعترف به الأعداء، نجح حزب الله في استحداث قلق من نوع آخر على الجبهة "الإسرائيلية".
فوجئ مراقبو العدو بمدى السرعة التي تحقق بها النصر، فبحسب "معاريف" " تشهد معارك الجرود الشرقية في لبنان على رسالة واضحة موجهة لثلاثة رؤوس: "إسرائيل" والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومفادها أن المجموعة قادرة جداً على الدفاع عن نفسها ضد كل التهديدات. وأن مهاراتها في القتال تزداد مع الوقت."
رئيس جهاز الاستطلاع العسكري الإسرائيلي هرتزل هاليفي: إنهم حزب الله على مرمى حجر من الحدود الإسرائيلية
من جهته، نشر موقع "نزيفنت " [Nzivnet] الإسرائيلي تقريراً خاصا شرح فيه سير المعارك بدقة: "حزب الله يخوض في جرود عرسال معارك قاسية تضمنت قصفاً مدفعياً وحتى معارك وجهاً الى وجه، بحيث يمكن رؤية حزب الله "يعمل كجيش مدرب ويشغل آليات ثقيلة مثل المدرعات وناقلات الجند المدرعة والمدفعية وقذائف الهاون وغيرها، "في حين أن قوة الرضوان- وهي القوة المخصصة لاحتلال الجليل في الحرب المقبلة مع إسرائيل- تنفذ أعمال كوماندوس معقدة مثل السيطرة على أماكن معزولة وعلى الكهوف".
وبلغة المترقب، أردف الموقع: "لا يبدو حزب الله كمنظمة تعمل وفق حرب العصابات، كما عرفته إسرائيل في تسعينات القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة." متخوفا من " انه يمكن رؤية علمي حزب الله ولبنان يرفرفان سوياً مكان علم "القاعدة" على رأس تلة في منطقة وادي الخيل.. هذه هي صورة نصر حزب الله على الإرهاب. ليس في حلب ولا في درعا. في عرسال، في البيت. حزب الله عاد للقتال في البيت، ويبعث إلينا إشارات أيضاً، وليس هناك أحد يستطيع أن يوقفهم".
القلق الإسرائيلي امتد من أرض المعارك إلى الجبهة السياسية. فوفقًا لـ"هآرتس": "لقد تولى حزب الله مسؤولية المفاوضات كما لو كان الحكومة اللبنانية. نجح الحزب في حصد موافقة الجيش اللبناني على التعاون مع الاتفاق الذي أبرمه لترحيل مقاتلي هيئة التحرير."
وأضافت الصحيفة: "قد لا يكون لهذا التحرك من قبل حزب الله أي نتائج استراتيجية بعيدة المدى من منظور عسكري ، بخلاف إبعاد تنظيم القاعدة عن الحدود اللبنانية ، لكن المنظمة ستعرف كيف تجعل رأس المال السياسي يخرج منه عندما يحين الوقت لمناقشة الأمن في المناطق المجاورة للبنان."
ولعل خوف الكيان تجسد ببضع كلمات قالها رئيس جهاز الاستطلاع العسكري الإسرائيلي هرتزل هاليفي تعليقًا على معارك الجرود بالقول: "إنهم حزب الله على مرمى حجر من الحدود الإسرائيلية".