د.جمال شهاب المحسن
إنطلاقاً من الدور البشع في العديد من المحطات ولا سيّما في الإجتياح الإسرائيلي للبنان وأثناء عمله سفيراً للولايات المتحدة الأميركية ومرحلة إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وتداعياتها يُلحُّ التساؤل: ما هي الرسائل التي حملها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى بالوكالة دايفيد ساترفيلد خلال زيارته المباغتة وغير المعلَن عنها مُسبقاً إلى بيروت ، والتي بدأها منذ أيام سرّاً بلقاء وعشاء مع وزراء حزب "القوات اللبنانية" الأربعة: (غسان حاصباني، ريشار قيومجيان، كميل بو سليمان ومي الشدياق) والوزيرة فيوليت خيرالله وزوجها الوزير السابق محمد الصفدي.
وهذا يعني قي جملة ما يعنيه بأنَّ حزب "القوات اللبنانية" هو الأقربُ للأميركيين من كل فلول قوى 14 آذار على الساحة اللبنانية.
وجرى التركيز خلال اللقاء على عدد من المواضيع من بينها تصعيد التحريض والتشويش على حزب الله وعلى عملية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم.
وفي اليوم التالي وتحت شعار التمهيد لزيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى لبنان خلال هذا الشهر لإعطاء جرعة دعم أميركية أكبر لحماعة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان قام ساترفيلد بزيارات علنية لبعض المسؤولين والأحزاب في لبنان وتحدث عن " الخيارات الوطنية اللبنانية" وفي إعتباره أن حزب الله وحلفاءه ليسوا في إطار هذه "الخيارات اللبنانية" ... يا للسخرية !!! فالصهيوني ساترفيلد أصبح هُوَ مُن يُعطي الدروسَ في "خيارات لبنان الوطنية".
ومن دواعي الإستغراب الكبير أن يتمَّ هذا التحريضُ الأميركي ضد شرائح وفئات وطنية لبنانية وازنة وفاعلة جماهيرياً وموجودة داخل الحكومة ومجلس النواب خصوصاً وأنه صادرٌ عن شخص من عُتاةِ الصهاينة في الإدارة الأميركية وله باعٌ طويلٌ في التآمر على لبنان في خدمة العدوانية الإسرائيلية.
وأهمُّ رسالةٍ وجّهها ساترفيلد من لبنان هي طمأنةُ إسرائيل بأن حلفاءها الأميركيين ما زالوا فاعلين ومؤثّرين على الساحة اللبنانية ضد محور المقاومة ... وطبعاً كل ذلك في إطار حالة الإنكار الأميركية لتراجعهم على مستوى المنطقة ككل وهزائمهم الكبرى في الميدان السوري.
وأخيراً لا بد من التأكيد أن زيارة الصهيوني ساترفيلد الى لبنان هي لشدّ أَزْرِ بعض المراهنين على الدعم الأميركي في مواجهة قوة وحضور وفعالية الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية وفي مقدمتها حزب الله.
وهنا نقولُ لساترفيلد : لا تطمئن كثيراً على مستقبل دوركم العامل لمصلحة الكيان الصهيوني الغاصب والمعادي لشعب لبنان وقواه الحيَّة ... فالوطنيون والمقاومون اللبنانيون لكم بالمرصاد.
(*)إعلامي وباحث في علم الإجتماع السياسي