أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن ما نشرته من نتائج حول تحقيقات عملية السيف شرق خانيونس قبل أسابيع، هو جزء مما تحصلت عليه استخبارات القسام من معلومات مما تسمح الظروف والمعطيات بنشره وإعلانه.
وقال الناطق العسكري باسم القسام أبو عبيدة في مؤتمر صحفي حول ما سمح بنشره من نتائج تحقيقات عملية حد السيف :" نبشر شعبنا أننا قد سيطرنا على أجهزة تقنية ومعدات تحتوي على أسرار كبيرة ظن العدو أنها قد تبخرت باستهدافه لمركبات ومعدات القوة، ويجب على العدو وأجهزته الأمنية أن تقلق كثيرا، كون أن الكنز المعلوماتي الذي تحصلنا عليه سيعطينا ميزة استراتيجية على صعيد صراع العقول مع الاحتلال الصهيوني".
وأضاف "بعد العملية اتخذنا مع فصائل المقاومة الفلسطينية ضمن الغرفة المشتركة قرار الرد على هذا العدوان والغدر الصهيوني بعد ساعات من وقوع الجريمة، وكان الردّ مؤلماً للعدو وحمل رسالة واضحة لا تزال وستظل أصداؤها حاضرة؛ بأن غزة أرض حرام على الصهاينة، وأنها لن تسمح بتمرير أي سلوك للعدو من هذا القبيل، وأن العبث بأمن شعبنا ومقاومتنا خط أحمر لن نسكت عليه تحت أي ظرف، وان اللعب بالنار سيواجه بحدّ السيف".
وشدد على أن هذه العملية تثبت صوابية مراهنة المقاومة على حاضنتها الشعبية ومراكمتها للقوة واعدادها المتواصل على كافة الصعد الأمنية والاستخبارية والعسكرية.
وتابع قائلاً :"إننا إذ أفشلنا الكثير من المحاولات لاختراق هذه البيئة التي أنشأتها المقاومة عبر سنوات طويلة، لنحن قادرون على مواصلة الطريق وكبح عنجهية الاحتلال والرد على عدوانه وبتر أطرافه التي تمتد نحو أرضنا وشعبنا ومقدراتنا بعون الله تعالى".
وأوضح الناطق العسكري أنه وفي إطار هذه الحرب الدائرة بيننا وبين العدو الصهيوني فإننا نعطي الفرصة لكل العملاء الذين سقطوا في وحل العمالة أن التوبة ما زالت قائمة، وأن أي عميل يساهم في استدراج قوة صهيونية خاصة أو ضباط شاباك فإن المقاومة تتعهد بالعفو عنه ومكافأته بمبلغ مليون دولار.
وتقدم بالشكر والتحية لشعبنا وأهلنا في قطاع غزة لتعاونهم في التحقيقات وتقديم كل العون للمقاومة للوصول إلى كشف ملابسات العملية، وتفهمهم لبعض الاجراءات المتعلقة بالتحقيقات.
كما توجه بالشكر من الأخوة في الأجهزة الأمنية على دورهم وتعاونهم المطلق وإسنادهم الدائم للمقاومة، والشكر موصول لجماهير شعبنا في كل الساحات على تواصلهم وتقديمهم للمعلومات وتعاونهم المثمر، وكذلك لشرفاء أمتنا ومحبي المقاومة في كل مكان.
التفاصيل الدقيقة لعميلة حد السيف
وأكد أبو عبيدة أن مقاومتنا لا تزال تسجل كل يوم انجازاً جديداً وإساءة جديدة لوجوه الصهاينة، وتتقدم خطوة بعد خطوة نحو النصر والتحرير وكنس الاحتلال واستعادة الأرض والمقدسات.
وأشار أنه وفي سبيل ذلك تخوض المقاومة غمار معركة مفتوحة مع هذا العدو المجرم الذي لا عهد له ولا ميثاق، وكان آخر فصول هذه المعركة بالأمس القريب عملية حدّ السيف التي أعلنّا لشعبنا عبر ثلاثة بيانات سابقة عن بعض حيثياتها وتفاصيلها، ونقف اليوم من جديد لنضع أمام العالم بعض ما توصلت إليه كتائب القسام حول نتائج هذه العملية مما سمح بنشره وإعلانه.
مضيفاً "الوقت الذي كان يدور فيه الحديث عن وساطات وجهود من أطراف عديدة للتوصل إلى تفاهمات لتفكيك الأزمة الانسانية في القطاع، ظنّ العدو الصهيوني بأن المقاومة في حالة تراخ وانشغال، أو أنها ستقف عاجزة عن الرد على عدوانٍ سافر أو جريمة قذرة، فقرر العدو تنفيذ عملية أمنية استخبارية خطيرة وحساسة، جنّد لها امكانات كبيرة وأوكل مهمة تنفيذها إلى قوة الكوماندوز الأولى على مستوى جيش العدو، والمعروفة بـ وحدة "سيرت متكال" بمشاركةٍ مباشرةٍ من جهاز المخابرات الصهيوني المعروف بالشاباك، حيث تلقت القوة تدريباتها عملياتياً وفنياً بين شهري يناير وأكتوبر من العام 2018م".
وأوضح أن العملية كانت تهدف إلى زراعة منظومة تجسس للتنصت على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة في قطاع غزة، في مسعى متكرر استطاعت المقاومة افشاله وكشفه رغم المحاولات الحثيثة من قبل استخبارات العدو وتجنيدها لذلك كل ما توصلت إليه من منظومات وتكنولوجيا ووسائل وأساليب.
وكشف أن العملية بدأت قبل التنفيذ بعدة أشهر من خلال إدخال المعدات الفنية واللوجستية والسيارات المخصصة لها تهريباً على مراحل مختلفة عبر المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، وخاصة معبر كرم أبو سالم المخصص للبضائع والاحتياجات الانسانية والمعيشية وتم تخزين هذه المعدات في بعض الأماكن التي نتحفظ عن ذكرها لدواعي أمنية.
وتابع قائلاً :"مساء يوم تنفيذ العملية تسلل أفراد قوة الكوماندوز وقوامها خمسة عشر فرداً جميعهم من الجنود الصهاينة ليس بينهم أي عميل وبعضهم يهود شرقيون، موزعين على مجموعتين، أحداهما مجموعة تنفيذ، والأخرى مجموعة تأمين، وقد تسللوا من إحدى المناطق الوعرة في السياج الفاصل، مستغلة وجود الضباب الكثيف، وكانت القوة مجهزة بأدوات متقدمة ومنظومة قيادة وسيطرة، ومعدات طوارئ، وكل ما يلزم لعمل قوة عسكرية خاصة.
وأوضح أن القوة كانت قد أعدّت كل الوثائق اللازمة للتمويه والغطاء لتنفيذ مهمتها، فزورت بطاقات شخصية باسم عائلات حقيقية في قطاع غزة، و استخدمت مركبتين بأوراق مزورة، وزورت أوراقاً لجمعيةٍ خيرية استخدمتها القوة كغطاء لعملها، وكانت إحدى الضابطات المشاركات في المهمة قد دخلت سابقاً إلى القطاع وخرجت تحت غطاء مؤسسة دولية عاملة في القطاع.
موضحاً أن القوة استأجرت إحدى الشاليهات السياحية في منطقة خانيونس من مواطن فلسطيني لعدة ساعات كنقطة التقاء، مستخدِمة الغطاء المذكور والأوراق المزورة، وأثناء تحرك القوة لتنفيذ مهمتها اعترضتها قوة أمنية لكتائب القسام بعد الاشتباه بها، ولاحقت المركبة التي كانت تقل قائد القوة الخاصة الصهيونية شرقي خانيونس.
وأردف "بعد تحقيق الشهيد نور بركة وضباط استخبارات القسام مع أفراد المركبة اشتبهوا بالقوة وقرروا احتجازها، وعندما باشرت دورية القسام باعتقال أفراد القوة، أشهرت القوة السلاح وأطلقت النار، الأمر الذي أدى إلى استشهاد القائد الميداني نور بركة والمجاهد القسامي محمد القرا، فيما قام المجاهدون بالرد على القوة وقتل قائدها وإصابة آخر على الفور، فيما تمكن بقية أفراد القوة الصهيونية من سحب القتيل والمصاب والهروب من مكان الحدث، قبيل قدوم التعزيزات من كتائب القسام".
مضيفاً "بدأ مجاهدونا على الفور عملية مطاردة القوة وإغلاق السياج الفاصل شرق قطاع غزة، والانتشار والسيطرة على المنطقة، وتأمين جميع محاور قطاع غزة، وتم أثناء المطاردة الاشتباك مع القوة الصهيونية الخاصة، وبالتزامن مع ذلك حصل تدخل الطيران الحربي والمروحي وطائرات الاستطلاع والمدفعية الصهيونية، ونُفذت عشرات الغارات على محاور الطرق وضد المجاهدين الملاحِقين للقوة الخاصة الهاربة، فعزلت بالنيران قواتنا عن القوة المعتدية".
واشار إلى أن القوة الخاصة تمكنت من الهروب بالقتيل والاصابات تحت هذا الغطاء الناري وبمساعدة طائرة مروحية تدخلت لإخلائها، وقد أقدم العدو مباشرة على قصف المركبات التي استخدمتها القوة داخل قطاع غزة في محاولة لتضليل المقاومة عن هدف العملية أو تفاصيل عمل القوة.
موضحاً أنه قد ارتقى في عمليات المطاردة والاشتباك التي أعقبت هروب القوة خمسة من المجاهدين، وهم: علاء الدين فسيفس ومصطفى أبو عودة ومحمود مصبح وعمر أبو خاطر و خالد قويدر رحمهم الله تعالى وأعظم أجر ذويهم.
وتابع أبو عبيدة قائلاً :"بعد الافشال الميداني المباشر للقوة الخاصة شرق خانيونس، بفضل الله تعالى، بدأنا بالعمل الحثيث الفوري والتحقيق الواسع، وبجهد أمني واستخباري وميداني استطعنا بحمد الله كشف خيوط هذه العملية، وتمكنا من كشف أفراد هذه القوة بأسمائهم وصورهم وطبيعة مهماتهم والوحدة التي يعملون فيها، وأساليب عملها، كما تعرفنا على نشاط هذه القوة الاستخباري والتخريبي في العديد من الساحات الأخرى، فقد نفذت هذه القوة العديد من المهام الخارجية في الأقطار والساحات العربية والإسلامية".
وشدد أن العالم قد شاهد كيف أن نشر صور أفراد هذه القوة قد شكّل صدمة لهذا العدو وحالة ارتباك كبيرة، مما اضطره لاتخاذ كل التدابير في حظر نشر الصور ومحاولة محاربة انتشارها بالتخويف والضغط على الأفراد والمؤسسات وحجب وسائل الاعلام والمواقع والصفحات والتآمر مع بعض شركات مواقع التواصل الاجتماعي للتقليل من حجم الخسارة الأمنية والاستخبارية لوحدة تعدّ بنظر العدو الأهم والأخطر، ويعدّ هذا الاخفاق والفشل الذريع لها من الحالات النادرة في تاريخها، لكن حالة التعتيم لم تفلح في كبح رغبة أبناء شعبنا وأمتنا في اسناد المقاومة بكل ما يستطيعون.