د.جمال شهاب المحسن(*)
لمَنْ أرادَ ويريدُ التشكيكَ بعلاقة الاحترام والصداقة بين الرئيس رفيق الحريري وحزب الله للوصول إلى شيئٍ مّا ضدَّ مصلحة لبنان أوردُ هنا تصريحاً واضحاً جداً للرئيس رفيق الحريري عام 2002 يقولُ فيه حرفياً: ما دُمتُ في سُدّةِ المسؤولية فلن أفرّط في هذا الأمر (رفض الطلب الأميركي باعتبار حزب الله إرهابياً).
وهنا نُجدّدُ نشرَ التالي:
كتابٌ يُحمِّل مسؤوليةَ اغتيال الرئيس رفيق الحريري للأميركيين والإسرائيليين!
صدَر قبل فترة كتابٌ يحمل عنوان : "النفاق الأميركي" لعمران أدهم الوثيق الصلة بالأميركيين حيث يسلِّط فيه الضوءَ على كثيرٍ من المخططات ألأميركية في الشرق الأوسط وفي العالم.
لكن أخطر ما فيه هو أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" كانتا وراء اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري ويوردُ في هذا المجال شهادات يقول إنها نقلت إليه شخصياً من أصحابها الذين كانوا مسؤولين كباراً في المخابرات الأميركية ويوردُ أسماءهم الصريحة . ويؤكد في الوقت نفسه أنه يملك ما يوثِّق هذه الإفادات وهو مستعد لعرضها إذا لزم الأمر. إذ يقول حرفياً : "إنني أحتفظ بعناية بالمستندات التي رفدتني بالمعلومات والأسرار الكبيرة والصغيرة وأنا على استعداد كامل للكشف عنها إذا لزم الأمر" ص 78.
ثم يقول: "أبدأ بحادثة أغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ، وهي قضية لا تزال مفتوحة في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان".
جون بيركنز ، أحد كبار المسؤولين في المخابرات المركزية الأميركية (قبل تقاعده)، روى لي القصة كاملة وأنقل وقائعها على لسانه وقال: "الصاروخ الصغير الحجم الذي أطلق من البحر باتجاه موكب الرئيس رفيق الحريري ، كان يحتوي على الأورانيوم المخصب، وهو ذو قدرة تدميرية شديدة. وهذا النوع من الصواريخ لا تملكه إلا الولايات المتحدة وألمانيا وإسرائيل. والمسؤول عن موكب الحريري كان يعرف جيدا ساعة الصفر.
ولأنه كان يعرف، فقد امتنع عن مرافقته عندما كان يستعد للأنتقال من مجلس النواب إلى دارته في قريطم ، بل إنه هو الذي أشار على الموكب بسلوك الطريق البحري في طريق العودة".
ثم يضيف: "وبشيء من التفصيل، قال بيركنز إن الأقمار الأميركية والإسرائيلية صورت عملية الاغتيال، إضافة إلى طائرة هليكوبتر إسرائيلية كانت في الجو في محاذاة الشاطئ اللبناني وكانت تراقب سير العملية. وقد رفضت الإدارة الأميركية أن تتولى لجنة تحقيق لبنانية التحقيق في العملية.
وفي تلفيق التهم، تم اختيار المحقق الألماني "ديتليف ميليس" كي يرأس لجنة تحقيق دولية ووافق على تشكيلها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان" . ص 80 .
ويضيف أيضا: "وبالمناسبة، أقول (والكلام لبيركنز) إن سيارة الحريري كانت مزودة بأجهزة رصد تقنية متقدمة لا تستطيع أي دولة ـ باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل ـ تعطيلها. كذلك، مهمة التعطيل هذه أوكلت إلى الباخرة الإسرائيلية التي كانت ترابط على حدود المياه الإقليمية اللبنانية تساندها من الجو طائرة "أواكس" أميركية وهليكوبتر إسرائيلية". ص 81.
ثم يقول في الصفحة 84: أعود إلى اغتيال الحريري، على لسان بيركنز إياه، لأتوقف عند ما قاله المحقق السويدي في طاقم المحكمة الدولية "بو أستروم"، وهو كبير المحققين ونائب رئيس فريق التحقيق، من أن الإسرائيليين والأميركيين رفضوا تزويد التحقيق بالصور التي التقطتها الأقمار مما يحمل دلالات مهمة على أن واشنطن لا تريد الإسهام في كشف الحقيقة. لقد اكتفت الحكومة الأميركية بالقول إن مشاكل تقنية حصلت خلال فترة إغتيال الحريري. ولهذا السبب، لم نحصل على أي معلومات حيوية ولعل الأمر مجرد سياسة.
ثم يتوقف صاحب الكتاب أمام إفادة لمسؤول سابق آخر في المخابرات المركزية الأمريكية هو "دافيد وين" الذي يصفه بأنه كان مسؤولا طوال ثماني سنوات على إمتداد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حتى آخر أيار 2014، فيروي التالي:
قال لي "وين" إن أسبابا عدة تجمعت وأدت في النهاية إلى اتخاذ القرار . وأبرز هذه الأسباب أقتناع إسرائيل بأن "الحريري" يقف حجر عثرة في وجه خططها الإقتصادية والسياسية على السواء ، وبأنه شخصية عربية قوية تتمتع بحضور مؤثر على المستويين الإقليمي والدولي. كما أنّ هذا الرجل نسَج شبكة علاقات بالغة الأهمية، عربيا وأوروبيا وأميركيا، وظفها في مساندة المقاومة ومساندة سوريا، كما وظفها في خدمة لبنان وتعزيز دوره المالي والإقتصادي كقطب جاذب للرساميل والاستثمارات الخليجية. وما حصل عقب الإكتشافات النفطية الأخيرة ، أن لجنة أمنية ـ سياسية نبهت الحكومة الإسرائيلية إلى أن وجود الحريري في الحكم سوف يتسبب بمتاعب لـ"إسرائيل"، خصوصا في عملية ترسيم الحدود بين قبرص ولبنان، الأمر الذي يضع الدولة العبرية أمام ما يشبه "الأمر الواقع" في ما يتعلق بحجم ثروتها النفطية والغازية".
وقد ورد في التقرير بالحرف الواحد : لا بد من التخلص من هذا الرجل ، لأن تطلعاته وطموحاته لا تنسجمان مع تطلعاتنا وطموحاتنا ونظرتنا إلى مستقبل المنطقة ودور "إسرائيل" في المدى الإقليمي.
ويضيف بعد ذلك : وفي هذا الصدد، يقول "ديفيد وين" أن المشاورات كانت تجري بين أعضاء الحكومة التي تعتبر المصدر الأساسي لكل القرارات الإسرائيلية الكبرى والتي أدت إلى إقتناع متزايد بأن بقاء الحريري على قيد الحياة يشكل خطراً حقيقياً على مطامع "إسرائيل" المستقبلية . لكن أي قرار بأغتياله يفترض أن يأخذ في الإعتبار التداعيات السياسية المحتملة لأن العلاقات التي نسجها عربيا وإسلاميا ودوليا بالغة التأثير.
وطوال أسابيع عدة، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يتشاور مع القيادات الأمنية في الصيغة الفضلى لتصفية الحريري من دون إلحاق الضرر بـ"إسرائيل".
وبعد مداولات طالت، إستقر الرأي على إغتيال الرجل في بلد أوروبي أو عربي.
لكن خبراء "الموساد" رفضوا هذا التوجه لأنه قد يرتب عواقب وخيمة على "إسرائيل".
هنا إقترح رئيس الوزراء "أرييل شارون" إستبدال كل الخطط الموضوعة بخطة تقضي بتنفيذ العملية داخل بيروت وبذلك تصيب إسرائيل عصفورين بحجر واحد : التخلص من الرجل والتأسيس لصراع داخلي طويل في لبنان بين أنصار الحريري من جهة ومؤيدي سوريا و "حزب الله" من جهة أخرى ، ما يؤدي إلى إنسحاب القوات السورية في نهاية المطاف ومَذْهَبَة الصراع السياسي الداخلي . ص87.
إنطلاقاً من كل ما تقدم يُرجى من الجميع الإهتمام والعناية بمعلومات عمران أدهم لأهمية هذا الموضوع الهام لبنانياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً.
(*) الإعلامي والباحث في علم الاجتماع السياسي