لم يتوقف الاستنزاف الذي تتعرض له قوات العدوان السعودي الامريكي ومرتزقته في الساحل الغربي منذ بدء التصعيد قبل اكثر من ثلاثة اشهر بقيادة الامارات، وتباعا ينشر الاعلام الحربي مشاهد موثقة لحجم الخسائر التي يتكبدها العدوان ومرتزقته هناك.
وفي حين يظن الغزاة والمحتلون ان العوامل الموضوعية ولا سيما مساحة المعركة الشاسعة للساحل الغربي والمترامية الاطراف ميزة الانتقال من جبهة إلى أخرى، وفتح عدة جبهات في نفس الوقت، الا ان هذه الميزة وبفعل الابطال المجاهدين من أبناء الجيش واللجان الشعبية وأبناء تهامة الشرفاء وتكتيكاتهم القتالية المتنوعة تحولت الى عامل استنزاف كبير ومحرقة واسعة لالياتهم وجنودهم.
وان كانت وسائل اعلام العدوان قد سوقت بشكل تضليلي مكشوف وهم انتصاراتها وانجازاتها وسيطرتها على منطقة كيلو 16 الا ان كامير الاعلام الحربي قد كشفت زيف تلك الترهات والاباطيل وفضحتهم كما حصل سابقا في مطار الحديدة وظهر انها مجرد سراب بقيعة، فقد وثقت كاميرا الاعلام الحربي عددا من المدرعات المحترقة والمدمرة في منطقة كيلو 16، وتؤكد مصادر عسكرية اندحار مجاميع الارتزاق بعد تكبدها خسائر كبيرة في الارواح والعتاد .
وخلال الاسبوع الماضي شهد الساحل الغربي هجمات متكررة ومتوالية للجيش واللجان الشعبية على تجمعات المرتزقة المتناثرة في الساحل الغربي والمشتتة في تلك الصحاري والقفار، اخرها الهجوم على مواقع وتجمعات للغزاة والمرتزقة في قرية المنظر.
الواقع الميداني اذن يؤكد ان عمليات الجيش واللجان الشعبية قد انتقلت من الدفاع الى الهجوم في مختلف مناطق الاختراق التي وصلت اليها مجاميع الارتزاق، وان تلك العمليات قد تم التخطيط لها بشكل دقيق ومتأن استعدادا لمثل هذا العدوان، الامر الذي دفع بطيران العدوان للانتقام باستهداف المدنيين ومخازن الغذاء.
الجدير بالذكر هنا ان التصعيد العسكري الاخير لتحالف العدوان شرق الدريهمي وجنوب شرق مدينة الحديدة بقيادة رئيس أركان القوات الغازية الإماراتية، جاء عقب زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى، الجنرال جوزيف فوتيل، لمدينة عدن المحتلة والتي وصلها برفقة وفد عسكري رفيع، وعقد خلالها جلسة مغلقة مع رئاسة أركان مرتزقة العدوان، يقول مراقبون إنها تلقي الضوء بوضوح على الدور الأميركي وتؤكد ان معركة الحديدة والسواحل الغربية كانت ولا تزال معركة أمريكية بامتياز.
وهنا نستحضر ما نشر في موقع معهد واشنطن للكاتب مايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج مشددا ان المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة تقتضي "ألا ينتهي أي اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة إلى خط ساحلي على البحر الأحمر خاضع لسيطرة الحوثيين، أو رحلات جوية مباشرة غير خاضعة للتفتيش تهبط في المناطق الحوثية".
هذا الكاتب هو نفسه الذي كتب في الخامس عشر من أيار/ مايو الماضي بالمشاركة مقالا يغري دويلة الامارات على الاقدام على غزو الحديدة، وحاول اقناعها بان الطريق معبد امامها الى ميناء الحديدة من خلال الاعتماد على التضاريس السهلية من جهة، ومن جهة ثانية التقليل من قوة المدافعين المتمثلين بالجيش واللجان الشعبية، وقلة اعدادهم، وثالثا من خلال محاولة تشبيه الحديدة بعدن وماجرى فيها، بل وذهب بعيدا لتشبيهها بالمكلا التي سقطت بيد الاحتلال الاماراتي دون ان تطلق رصاصة واحدة.
مايكل نايتس تناسى وتجاهل طبيعة الحديدة المدينة الشمالية واختلافها عن عدن الجنوبية، على الاقل من حيث ضعف الحاضنة الشعبية في عدن الامر الذي يختلف كليا عن الحديدة، بالاضافة الى الدرس الذي تعلمه الجيش واللجان الشعبية في عدن والذي يستحيل تكراره في الحديدة، والاهم هنا هو ان مدينة الحديدة تقف قلبا وقالبا في صف الوطن ضد الغزاة والمعتدين، وابناء تهامة في مقدمة الصفوف لمواجهة هذا العدو، وقد قدمت خيرة شبابها في سبيل الدفاع المقدس.
بقي شيئ راهن عليه العدو وخسر رهانه عليه في اللحظات الاولى، وذلك عندما حصل الاختراق وكادت قوات الغزو تحتل مطار الحديدة كانت اذ ذاك تنتظر اشارة من بعض خلاياها التي كانت زرعتها في مدينة الحديدة لتفجير الوضع داخل المدينة، الامر الذي لم يتم، نظرا لليقظة التي يتحلى بها اجهزة الامن في المدينة.
وبعيدا عن تقديرات نايتس والتي هي ايضا فيما يبدو تقديرات القيادات العسكرية لتحالف العدوان، فان الشهور الاربعة الماضية قالت الكلمة الفصل في طبيعة المازق الذي دخلته مجاميع العدوان في الساحل الغربي بشكل عام، اكاد اجزم من خلال متابعة مشاهد الاعلام الحربي فقط للاعداد الكبيرة من المدرعات المدمرة هناك، بان ما حشده العدو في الهجوم البري قد تم تدميره بالكامل، وان الالات العسكرية التي يدفع بها الان هي غير تلك التي دخلت مع بداية التصعيد الاخير في الساحل الغربي، وان الايام القادمة ستكون اياما سوداء تنتظر تحالف العدوان ومرتزقتهم، وان ربك لبالمرصاد.