حينما أرادت فرقة الولاية أن تطور نفسها كان يلزم أن تطعم موسيقاها بألوان جديدة من الآلات الموسيقية، ما يستوجب دفعة من المال لا طاقة لموازنة الفرقة على تحملها، وكان قرار الأخوة أن يتوجهوا الى الأمين العام سماحة السيد عباس الموسوي سيما أنه هو من أطلق عملها في احتفال الامداد عام 88 ومنه كان بيان فتوى الامام المقدس حول الموسيقى.
الثقة الأبوية بالقائد الحبيب السيد الشهيد دفعتنا للذهاب اليه لتلبية طلبنا بشراء آلتين موسيقيتين من النمسا(سيكسفون وكلارينيت).
المهم ذهبت والمهندس نبيل عساف بناءً على موعد وكان حاضراً الحاج حسن حب الله..
بعد عرض سريع لأحوال الفرقة وحديث السيد الشهيد على ضرورة تطوير العمل لنشكل رافداً للمقاومة ونحمل قضاياها الى كل حي وشارع. توجهنا بالكلام لسماحة السيد الشهيد:
سماحة السيد نحنا بحاجة للتطوير، ولازملنا نجيب آلات جديدة لزوم العمل، وبدأ نبيل بشرح الضرورات الفنية لهذا الامر.
رجعت كملت ع طريقتي: سيدنا مابدكم نقوّي هلعمل ونرفع المعنويات ونتطور فيه خلينا نتوكل ع الله ونمشي ع شغلنا
واتطلعت فيه مواربة، ضحك سماحة السيد، وغاب مع نفسو للحظات كنا عم نقرا بوجهو الأبوي القبول بس مش عارفين كيف
المهم اتطلع فيّ وبنبيل وقال: تعو بكرا الصبح
نحنا طرنا من ارضنا من الفرح
اكد علينا انو الله يبارك فيكم انتو سنّيتو سنة حسنة والكم اجرها واجر من عمل فيها. الخ الكلام لكان
طلعنا نحن والحاج حسن حب الله وكان عم يضحك وقال شو عملتو بالسيد تيكون اسرع طلب مجاب..، امين عام حزب الله بس ما معو مصاري، بس تأثر كتير، وبتعرفو حساسية المقاومة، وبالطبع بيعرف حساسية العمل الفني واهميتو للمقاومة.
الشاهد تاني يوم ذهبنا الى الامانة العامة وكان سماحة السيد مش موجود وتارك اعتذار إلنا لكن الظرف موجود وكان 3500 الاف دولار.
تبين فيما بعد انو اخدهم قرض شخصي من القرض الحسن، ويلي انكشف بعد استشهادو انو اتدينو لفرقة الولاية.
ايام ويستشهد السيد عباس.
كنا بهلوقت نحنا موصيين ع الالتين من النمسا عبر شركة ببيروت.
واختصارا وعم حاول اختصر الكثير..
وصلو الالتين السيكسفون والكلارينت..
استشهد سيد شهداء المقاومة.
كان يوماً مهولاً عظيماً علينا.
كل منا كان يعيش قصة على الاقل مع السيد عباس، كنا نرى فيها اخلاق القرآن.
المهم واختصاراً، اجتمعنا واردنا مدخلاً لمرثية تكتب عن السيد الشهيد.. وكان الضغط بدأ علينا من هنا وهناك لنبدأ بعمل فني راق يليق بالسيد. وكان جمهور المقاومة بانتظار النتاج على احر من الجمر.. اجتمعنا وتباحثنا شباب الولاية، وكان الاخوة بانتظار ان اكتب قصيدة لنبدأ، وكما يقال( الراس مقفل) من شدة الحزن على السيد الشهيد
اردناه عملاً مميزا وكبيراً ليشكل حدثاً بذاته..
النفس مجيشة وخاصة انني كنت على معرفة شخصية بسيدنا الشهيد..لانني عملت لفترة في بعلبك منها كنت مذيعا في المستضعفين، رغم اني كنت صغير السن.. ذهبت الى زيارة روضة السيد في البلدة التي اعشق، النبي شيث، وانا ابحث هنا وهناك عن مدخل شعري للعمل المنتظر.. المهم وانا واقف على قبره الشريف، واذا بإمرأة مسنة تقترب منا وتنعى السيد واذ بها تقول: "يا هلشوق ل راح من عيوننا.."
نظرت اليها وابتسمت مع انني كنت ابكي بحرارة. قلت في نفسي هيدي هي، هيدي هي.. لَحْقوني بورقة وقلم. يا اهل الله ورقة وقلم..
نزلت الى بيروت وكانت ليلة مع السيد الشهيد فكتبت اربع صفحات هي مجمل قصيدة الشعب استيقظ ياعباس.
في فجر اليوم الثاني اتصلت بمحمد ونبيل عساف وهما ابوا الموسيقى في المقاومة.. وابو يعقوب وناصر والمهندس حسين عسيلي ومصطفى وضامن قلت لهم القصيدة جاهزة. اجتمعنا سريعا. وشكلنا خلية عمل لا تتوقف رغم اشغال بعضنا في الاذاعة وتلفزيون المنار والبعض في شركات هندسية.
المهم: المهندس محمد عساف اقترح ان يقسم النشيد الى تقسيمات وكل صاحب آلة يعمل على تلحين المقطع الذي ستعزفه الآلة الموسيقية ومن ثم يتم التشييك عليه بمقدمة وختام.. وبدأ العمل المضني وكان محزناً لنا كثيراً ان وصلت الآلتان التي دفع حقهما السيد الشهيد ان تستخدما اول مرة في نشيد عنه.
فُتحت لنا كل الاماكن التدريبية وقدمت كل المساعدات ليكتمل المشروع.
مؤسسة الامداد، اذاعة النور قدما التسهيلات الكبيرة.
عمل المهندس محمد عساف والمهندس نبيل عساف والموزع المبدع عبد الكريم خشاب ومصطفى شعلان وناصر كلاس بكل ما لديهم من ثقافة موسيقية ومشوا بين الغام ال يجوز واللا يجوز حتى اخرجوا العمل بحلة رائعة.
شهران ليل نهار من العمل الدؤوب، شهران بلا نوم. كان العمل بداية لببنة الانشودة المقاوِمة. وكان لدينا استحقاق تمثل في ان حزب الله سيدخل الى المجلس النيابي.. وطلبنا موعدا مع القائد الحبيب ووريث السيد الشهيد عباس الموسوي. وكان اللقاء مع الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله فديناه من حبيب. ومع آخرين ليستمعوا الى اوبريت السيد عباس قبل اطلاقها في المهرجانات.
وبدأ ناصر كلاس بالعزف فأبدع وشرعتُ بـ: هو يبحر في اعيننا الشوق
فٱنهمر الدمع من عيون سماحة السيد وبكى، وبكى الحاضرون. وبكينا ولم نكمل النشيد الا بعد وقت...
وقال سماحته على بركة الله..
وكان اول مرة منستعمل "هلألتين" بالنشيد الخالد: الشعب استيقظ ياعباس.
اكتفي بهذا لاقول ان هذه المرثية صارت في عداد المكتبة الموسيقية للحرس الثوري في ايران. وهي مدرجة للعزف مثل مرثية الامام الخميني قدس سره والضوء المشذى.
ترجمت الى عدد من اللغات وانشدت باللغة الفارسية والاوردية واعادت بعض الفرق العربية انتاجها ببعض الالات الموسيقية القومية المحلية.
ما زال حتى الان وبعد مرور 26 عاما على اطلاقها، مازالت مرثية الشعب استيقظ يا عباس، الاكثر مبيعا في المكتبات.
وحينما اقول الاكثر مبيعاً يعرف القاصي والداني ان فرقة الولاية لم تقبض قرشاً واحدا على اي احتفال ابدا ولم تاخذ دولاراً واحداً ابدا، بل طلبنا من المؤسسات التي تنتج ان تحول المبالغ التي تستحقها الفرقة الى هيئة دعم المقاومة.