حسين محمد كوراني
لا تقف الإدارة الأمريكية عند حد التآمر على الشعب الفلسطيني الأعزل وقدسه الشريف، بل تسعى للتآمر على الشعب السوري عبر تشريع السيادة الصهيونية على هضبة الجولان المحتلة أيضًا، في انقلاب على التعهدات التي قطعتها الولايات المتحدة بعد التوقيع على اتفاقية فض الاشتباك عام 1974. لم تكتف واشنطن بدعم الجماعات الإرهابية لمحاربة الدولة السورية وقتل الشعب العربي الذي لا زال يتمسك بالقضية الفلسطينية، بل إنها تريد مصادرة حقوقه في الجولان للحفاظ على أمن الكيان الصهيوني تماشياً مع صفقة القرن التي يعمل عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
كشف في الكيان الصهيوني مؤخراً عن خطة أمريكية تم عرضها على مسؤولين صهاينة وأمريكيين تقضي باعتراف أمريكي بهضبة الجولان السوري المحتل كجزء من هذا الكيان، وقد ناقش الكونغرس الأميركي هذه المسألة في جلسة خاصة تحت عنوان "أفق جديد في العلاقات الأميركية الإسرائيلية: من نقل السفارة إلى القدس وحتى الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان"، بزعامة عضو الكونغرس، رون ديسانتس، وذلك حسبما أفاد المركز "الأورشليمي" الصهيوني.
وبادر لعقد الندوة في الكونغرس رئيس المركز "الأورشليمي" لشؤون الدولة والمجتمع، الدكتور دوري غولد، الذي كان بالسابق المدير العام لوزارة الخارجية الصهيونية، وقد ناقشت مدى أهمية الاعتراف الأميركي بالسيادة الصهيونية على هضبة الجولان بالنسبة للأمن القومي الأميركي.
وتتضمن الخطة الأميركية تطبيق الاتفاقيات التجارية الصهيونية الأمريكية على مرتفعات الجولان، وصياغة رسالة "تعترف بالتغييرات التي حدثت على الأرض"، مثل تلك الرسالة التي قدمها الرئيس الاسبق جورج بوش الابن إلى رئيس حكومة الاحتلال أريئيل شارون بخصوص الضفة الغربية المحتلة.
وتتكون الخطة من ستة أقسام هي: تحويل الميزانيات إلى مشاريع صهيونية أمريكية مشتركة في الجولان، وتوسيع نطاق الاتفاقيات بين الولايات المتحدة والكيان الغاصب مثل اتفاقية التجارة الحرة بحيث تنطبق على مرتفعات الجولان، بالإضافة إلى وضع علامات "صنع في إسرائيل" على منتجات المستوطنات في الجولان، وصياغة وثيقة من قبل الكونغرس تنص على أن سوريا لن ترجع إلى مرتفعات الجولان، وإرسال وفود رسمية من الكونغرس إلى الجولان، وصياغة وثائق رسمية في الكونغرس تعترف بالسيادة الصهيونية في الجولان.
وفي هذا الإطار، يؤكد أستاذ العلاقات الدّولية في جامعة دمشق الدكتور بسام أبو عبد الله، في حديث لـ"موقع العهد الإخباري"، أن هذه الخطة الأميركية جاءت كورقة ضغط بعد قمة هلسنكي التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الأميركي دونالد ترامب حيث تمت مناقشة مستقبل سوريا، والخلافات بين الكيان المحتل وإيران، والتموضع الإيراني بسوريا وسبل الحفاظ على مصالح وأمن هذا الكيان، مضيفًا أن بوتين شدّد "على ضرورة إعادة الوضع بالجولان الى اتفاق وقف إطلاق النار بين سوريا والكيان الصهيوني لعام 1974، والتمسك بالقرارات الدولية لعام 1967 و1973 ، مع عدم تعهده بالضغط في إبعاد إيران عن حدود الجولان الى مسافة 40 كلم، في حين أكّد ترامب العمل من أجل أمن الكيان". على ذلك يعتبر الدكتور أبو عبد الله، أن "مطلب الكونغرس هو بالدرجة الأولى صهيوني، وسبق أن عقد رئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتنياهو اجتماعات عدة للمجلس الوزاري المصغر، يطالب بضم أراضي الجولان الى "إسرائيل".
من ناحية ثانية، يؤكّد الخبير في العلاقات الدّولية لـ"العهد"، أن "خطّة الكونغرس في الاعتراف بالسيادة الصهيونية على هضبة الجولان، يندرج ضمن صفقة متكاملة تسعى اليها الإدارة الأميركية لتمريرها في إطار "صفقة القرن"، ويبدو أنّ هذا الوقت المناسب لطرحها والتسويق لها، في سياق ما تسعى اليه من أجل حماية أمن "إسرائيل"".
أبو عبد الله، يشير إلى أنّ إجتماع الكونغرس جاء أيضًا بعد اقتراب إعلان الجيش السوري انتصاره على الإرهاب المدعوم من الولايات المتّحدة وأعوانها في المنطقة، وما حققه مؤخرًا في الجبهة الجنوبية بدرعا وريف السويدة والقنيطرة.
ويشير أستاذ العلاقات الدّولية في جامعة دمشق حديثه لـ"العهد"، إلى أن الشّعب السّوري لن يقبل بهذه الخطّة وخاصة أهل الجولان الذين يطالبون مرارًا بخروج المحتل الصهيوني من أرضهم"، لافتاً إلى أن الدولة السورية ستتقدم بشكوى للأمم المتحدة حيث أن هذه الظاهرة لم تحدث من قبل في تاريخ العلاقات الدولية، وخاصة أن واشنطن ركن أساسي في صياغة القرارات الدّولية المتعلّقة بالجولان السوري وفي الإشراف عليها.