12 عاماً مرت على النصر الكبير الذي حققه رجال المقاومة الإسلامية في تموز 2006.
12 عاماً على النصر الراسخ في وجدان اللبنانيين وعقولهم.. بكل تفاصيله.
12 عاماً على النصر، استطاع عبرها رجال المقاومة وقادتها، تحويل مسار الحرب، وقلب المعايير، وتحقيق نصر مؤزر، ما زال رافعاً لمعنويات وكرامة وعنفوان الأمة الإسلامية والعربية عموماً واللبنانيين على وجه الخصوص.
وكما كان لكل لبناني حصة من ذلك النصر، كان لطرابلس وأبنائها حصة أيضاً. وهم ما زالوا حتى يومنا هذا يروون الأحداث التي حصلت معهم، وكيف استقبلوا اخوانهم من الضاحية وفتحوا لهم بيوتهم بكل رحابة صدر.
إبان تموز 2006، اضطر أبناء الضاحية الجنوبية ومعظم القرى في الجنوب، الى البحث عن ملجأ آخر يأويهم وعائلاتهم من حفلة الجنون الصهيونية، بعد نجاح المقاومة الإسلامية في أسر جنديين من الصهاينة. حينها جن جنون العدو، وأخذ يلقي جام غصبه في كل شبر من لبنان، من الناقورة الى عكار. ما دفع مئات آلاف اللبنانيين الجنوبيين والبقاعيين وأهالي الضاحية إلى النزوح شمالاً، نحو طرابلس، وسرعان ما اندفع الطرابلسيون والشماليون الى فتح بيوتهم للنازحين. البعض رفض نزول النازحين في المدارس، واعتبرهم ضيوفاً، وأصر على أن تكون البيوت مأوى لهم إلى حين انتهاء الحرب.
33 يوماً من العدوان عاشت خلالها طرابلس تناغماً مع تاريخها الداعم للمقاومة
رغم كل ما جرى إبان عام 2005، اثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري وما رافقه من موجة تجييش طائفية ومذهبية ومناطقية غذّاها أهل الفتن، إلا أن ذلك لم يمنع وحدة الشعب، ففتح أبناء طرابلس وباقي المدن الشمالية أبواب منازلهم ومدارسهم لأبناء الضاحية والجنوب. 33 يوماً من العدوان عاشت خلالها طرابلس تناغماً مع تاريخها الداعم للمقاومة. لم يبخل ابناء المدينة من تقديم ما يلزم لإخواتهم في الوطن، حتى أن العديد من المستلزمات الشخصية، قسمها الطرابلسيون بينهم وبين النازحين، محاولين بذلك المساهمة ولو بجزء بسيط في دعم المقاومة وأهلها في الدفاع عن لبنان بوجه الاعتداءات الاسرائيلية.
لا يزال أبناء طرابلس يستذكرون "قصف المدمرة الإسرائيلية ساعر"، تلك القصة التي لن تمح من الذاكرة. تُستذكر عند كل محطة ترتبط بالمقاومة والانتصار. يستحضر أهالي طرابلس كيف خرج الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله عند قرابة الساعة 8:45 دقيقة، من مساء يوم الجمعة في الرابع عشر من تموز 2006، برسالة صوتية عبر قناة "المنار"، معلناً أن "المفاجآت التي وعدتكم بها، سوف تبدأ من الآن، الآن في عرض البحر في مقابل بيروت، البارجة العسكرية الإسرائيلية التي اعتدت على بنيتنا التحتية وعلى بيوت الناس وعلى المدنيين، أنظروا إليها تحترق وستغرق ومعها عشرات الجنود الإسرائيليين الصهاينة".
لم يكن وقع ذلك المشهد هيناً على أهل طرابلس، بل شكّل موجة من الإندفاع والعنفوان لدى الأهالي، حيث هب الشبان لرفع رايات المقاومة، ولم يهدأ صخب مكبرات صوت في سماء ساحة التل، وهي تبثّ مقاطع أناشيد المقاومة وخطابات الأمين العام لحزب الله، ووُزِعَت الحلوى فرحاً ونظمت المسيرات الداعمة والمؤيدة للمقاومة في حربها ضد العدو الصهيوني.
ومن الصور التي لا تزال راسخة في الأذهان إبان الـ2006، تطوع عشرات الشباب الطرابلسي، في مساندة شباب هيئة دعم المقاومة بأزيائهم وراياتهم في ساحة التل وسط طرابلس، وهم يجمعون التبرعات، على وقع الأناشيد المؤيّدة للمقاومة والتي كانت تُبَثّها مكبرات الصوت، وكيف كان الإقبال كثيفاً من أبناء المدينة للتبرع بكل ما يملكون.
12 عاماً مرّت على طرابلس بعد حرب تموز، حصل خلالها العديد من الأحداث السياسة والتطورات الأمنية، وموجات التكفير والتضليل، والتجييش المذهبي والطائفي، إلا أن ذلك لم يغير من نظرة أبناء المدينة اتجاه المقاومة، وهم اليوم وغداً، وكما عهدناهم سيقفون الى جانب المقاومة وأهلها ورجالها عند كل إعتداء أو حماقة يفكر أن يرتكبها العدو الصهيوني.