لم يكن تاريخ 13 نيسان/ أبريل 1984 عادياً بالنسبة اليه. كان موعده مع تحقيق هدفه، الذي لطالما سعى اليه ببصيرته اليقظة. في الخامسة عشرة من عمره، حين كان أبناء ذلك الجيل يلهون في أزقة الأحياء، كان يتابع بعشق متناهٍ دروس شيخ المقاومة الشيخ راغب حرب، الذي أسر حديثه عن الشهادة قلب الفتى، في وقتٍ كان صدره يضيق ذرعاً بانتهاكات الصهاينة وأفعالهم الإجرامية.
انتهج الشاب درب المقاومة باكراً محدداً بوصلته نحو الاتجاه الصحيح. أتقن فنون القتال حتى صار جلّ همه تسديد ضربةٍ قاصمةٍ لظهر العدو المحتل لأرضه. كان يبلغ من العمر 18 عاما حينما حسم خياره بأن يكون فداء للقضية والنهج والوطن.
في الثالث عشر من نيسان/ أبريل 1984، انطلق الاستشهادي علي حسين صفي الدين بسيارته التي جهّزها من ماله الخاص ليلقى الله مجاهداً بماله ونفسه. قاد السيارة باتجاه بلدة دير قانون النهر، بعد أن ودّع أزقّة قريته وأهلها ببسمته التي لم تكن تفارق محيّاه. مرّ وقت قصير قبل وصوله الهدف. التحم علي بموكب اسرائيلي ليرتقي استشهادياً بطلاً من جنوب لبنان.
علي وُلد في قرية الحلّوسية، فكان الابن الأول لوالديْن صالحين مؤمنْين. عاش مع إخوته طفولةً هانئة كدّر صفوها الاجتياح الإسرائيلي عام 1982م، وكان شاهداً على ظلم المحتل الذي سرق منه ومن إخوته المروج والأزهار التي أحبّوا، وصارت لعبته بندقية خشبية ومتراساً يبنيه بيديه لمواجهة المحتل.
غادر علي قريته تاركاً مدرسته، حيث نزحت أسرته إلى منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت طلباً لحياةٍ كريمة، فأكمل دراسته في مدرسة "الأمين" التي تميَّز فيها بتقدير أساتذته. لكنه عاد مع عائلته إلى القرية أملاً بتأمين الراحة لوالده الذي ألّم به المرض، غير أنّ مشيئة الله قضت بأن يرتحل والده عنه ليُصبح وإخوته أيتاماً. وبدأ الشهيد العمل في الخامسة عشرة من عمره متنّقلاً بين بيروت والحلّوسية، حيث استقرّت به الحال على مزاولة مهنة (البلاط). وكان في الوقت عينه، متابعاً لدروس شيخ المقاومة، الذي كان له تأثير كبير على شخصيته، ما قاده باكراً نحو طريق الحق والتحرر.
الصور المرافقة للمقالة من أرشيف "العهد" تنشر للمرة الأولى، ويظهر في إحداها اللافتة التي وضعت مكان تنفيذ العملية.
بطاقة الشهيد
الاسم الثلاثي: علي حسين صفي الدين
محل وتاريخ الولادة: الحلوسية – 30/9/1966م
الوضع الاجتماعي: عازب
مكان وتاريخ الاستشهاد: دير قانون النهر – 13/4/1984م