بقلم د.جمال شهاب المحسن (*)
الجدارُ الإسمنتيُ الحدوديُ الذي بدأت قوات الاحتلال الصهيونية اليوم ببنائه فعليًا في منطقة رأس الناقورة التي يُزعم بحُكمِ الأمرِ الواقعِ البعيدِ عن الحقوق التاريخية بأنها منطقةٌ " مُتنازعٌ عليها " هو إعتداءٌ صهيونيٌ صارخٌ على السيادة اللبنانية واستمرارٌ وقحٌ للعدوانية الصهيونية وأخطارها على جنوبي لبنان منذ ما قبل قيام الكيان الصهيوني الغاصب عام 1948 ...
إن هذا الإعتداء الصهيوني هو بَرسْمِ الأمم المتحدة وقوات اليونيفيل وكل المجتمع الدولي ... وبرسم القليل من اللبنانيين الذين يشوّشون على المقاومة وسلاحها ليل نهار ولا يُشيرون ولو بخجل الى الإنتهاكات "الإسرائيلية" اليومية للأراضي والأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية ..
وعلى الرغم من خطورة هذه الخطوة "الإسرائيلية" إنني وبرأيي المتواضع أرى فيها نُقطةَ ضعفٍ إضافية في بيت العنكبوت الصهيوني أمام تنامي قوة المقاومة بعد انتصاراتها العظيمة في عامي 2000 و 2006 .. حيثُ أصبحنا نسمعُ عن انجازات للمقاومة تُجاري تقدُّمَ العدو الصهيوني العلمي والتكنولوجي وتتفوق عليه في بعض المجالات.. وهنا نُشير الى أن المقاومة قد كسرت في العديد من المحطات كل الإجراءات والعوائق العسكرية والأمنية والتكنولوجية الإسرائيلية والأميركية المتطورة ، من دون أن ننسى ما يُسمَّى " القبة الحديدية " التي يتحدَّون بها أمتنا ..
في الماضي البعيد ، كنا نستعرضُ إمكانات العدو الإسرائيلي في محاولة لمعرفة أخطاره ولم نصل إلا إلى النصف الموجع والبشع من الحقيقة ، وهو التطور والتفوق العلمي والعسكري الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية والغرب الإستعماري كله ، وذلك على الرغم من محطات قليلة مضيئة عرفها العرب في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي كان أهمها حرب تشرين التحريرية عام 1973 ... وكان ينقُصُنا النصف المشرق من الحقيقة التي عبَّر عنها خيرَ تعبير قائدُ المقاومة سماحةُ السيد حسن نصرالله حين قال : "لقد وَلّى زمنُ الهزائم وبدأَ زمنُ الإنتصارات " وحين أكد مراراً أن ما يستطيعُ فعلُهُ أبطالُ المقاومة بإرادتهم الإنسانية ومعنوياتهم العالية وأدمغتهم وإمكاناتهم في وجه أعداء الإنسانية كبيرٌ جداً تجسيداً لقول الله في القرآن الكريم ( وفي أنفُسِكم أفَلا تُبصرون ) الآية 21 من سورة الذاريات، أي أن لدى الإنسان طاقاتٍ كثيرةً لا تُعدُّ ولا تُحصى، ولكن يجبُ توظيفُها وتشغيلُها في سبيل خير البشرية، فالعلمُ مع الضمير الذي يجسّده المقاومون الأبطال هو الذي يصنع الخيرات والإنتصارات العظيمة، أما الجهالةُ المرتبطةُ بالأنانية المتوحّشة والعنصرية هي التي تصنعُ الشرور والعدوان وتخدم القوة الإسرائيلية الأميركية الغاشمة في هذا العالم ..
ولا بُدَّ من التأكيد أن قوة لبنان تزداد في إطار تطبيقات ثلاثية ( الجيش والشعب والمقاومة) التي تجسّدتْ واختُبِرتْ في العديد من المعارك ضد الخطرين الصهيوني والتكفيري ..
أن هذا الجدار الإسمنتي كما كل الإجراءات الصهيونية لن تمنعَ من اعتبار أن "إسرائيل" التي جعلها الإستعمارُ العالمي في قلب العالم العربي ستصبحُ وِبالًا وعِبئاً ثقيلًا على من صَنعها بفعل مَن اعتبَروا أن الأولوية هي لمقاومة الخطر الصهيوني الإرهابي ودحره ...
وإلى النصرِ دائماً وأبداً
(*) إعلامي وباحث في علم الإجتماع السياسي