قال "حزبُ الله" كلمتَه، خطَّط وتَكْتَك، حَشَدَ أبطالَه وجَمَعَ فرسانَه الذين لا مثيل لهم، غير آبهٍ لمعارضٍ هنا ومنتقدٍ هناك، فالقضية قضية وطن وأرض وشرف وكرامة، نزل الى الميدان...وما أدراك عندما ينزل "الحزبُ الى الميدان". أياماً معدودة، وانتهت القضية، أعداء الدين وخصوم الإنسانية باتوا خارج اللعبة، وجوه مُلَثَّمة وجِباهٌ شائبة وخيباتٌ تعلو هاماتهم الملتوية وعزائمهم المنكسرة، ما يُسمى بأميرهم بات أكذوبةً من حكايا ألف ليلة وليلة، إماراتهم وخلافاتهم تبخَّرت عند نعال مجاهدينا. أَلَم يخبروهم أسيادهم الذين أرسلوهم بأن في أرضنا مقاومة لا يصمد أي عدو في وجهها، وليوثاً تفزع أسود الغابة عند زئيرها؟ رحلوا وسحابات الخيبة تُظَلِّل رؤوسهم، ورايات المقاومة تُرَفرِفُ على طول الدرب، لِتُمَزَّق صفحةٌ سوداء من تاريخ لبنان، بسواعد أسود مقاومتنا "المخيفة"، لِتَحُلَّ مكانها حكايات مشرقة تفتتحها عودة الأسرى الى أرض الوطن.
أهلاً بالغوالي، ومرحباً بالأحبة، وتحيةٌ لوجوهكم المشرقة وطَلاتكم البراقة، وكأنّي بالقرى والبلدات تتسابق الى استقبالكم، وتتصارع أيها تتشرف بأن تكون أول من تطؤون بأقدامكم الشريفة عليها، وَبِحورِيّات - من العالم الآخر - ترُشُّ الأرز مُهَلِّلَةً لقدومكم، وبطيور أرض الشام ترسل التغاريد لطيور الوطن تسألها إذا اسْتُرِدَّت الأمانة، وبفجر صلاتنا يتمهَّل طلوعَه عندما عَلِم بعودة مأمومين برتبة "مجاهدين" وشهادة "صابرين" و "محتسبين" وما بدَّلوا تبديلا. غَدَوْتُم عِرْساً للوطن، كل الوطن، وأيقونةَ مجدٍ عابرةً تِلال الجرود وهضاب القلمون، لِتَستَوْطِنَ واحات أرضِنا، بين الزهور والورود، وأغصان الشجر ومنابت الثمار، وحُبَيْبات الرمل وكُتَل الحَصى، وعند شواطئ البحر وضفاف الأنهر، الى أن تتربّع في قلوب المحبين عازفةً ترانيم عشق تطوي آلام الإنتظار وتفتح النافذة لإشراقة غدٍ جديد وأَمَلٍ مزدهر.
شكراً، بل وتحية من أعماق القلب لكل مَنْ ساهم في إنجاز هذا العرس الوطني الرائع، شكراً لِلِّواء "عباس إبراهيم" ومساعيه الكريمة. والشكر الموصول، الذي لا يحتاج لأن يُعَرِّفَ عن نفسه، والتحايا المُحَلِّقة فوق سماوات المجد السالكة من خلف المحيطات حيث يتواجد المُتَشَرِّف بكتابة هذه السطور الخجولة، والسلام الأول والأخير، والدائم الذي لا ينقطع، الى مقاومتنا الباسلة والمُرعِبَة، الى أرواح شهدائنا الأبرار ودمائهم الزاكية، أصحاب الفضل - أولاً وآخراً - في تحرير الأرض وإخوتهم المجاهدين، حيث لا مجهود - مع احترامنا لجميع المساعي - يرقى لِما بذلوه وقدَّموه، والذين سطَّروا أروع الملاحم البطولية وتركوا الأهل والعيال وبذلوا الأرواح لكي ينعم جميع أبناء الوطن بهذا المهرجان الوطني الكبير. فلهؤلاء الشهداء الأطهار والفرسان الأبرار، ولحزب الله ومقاومته وجمهوره وسماحة أمينه العام، حِكايات أخرى في قلوبنا وعشق خاص في أفئدتنا وروايات متميزة في عقولنا، لن يستطيع على فكِّ رموزها ﺇلا مَن ركب معنا على متن هذه القافلة النورانية، وستبقون دوماً، وفي كل ساح وعند كل مواجهة، ستبقون "أنتم أسياد النِّزال".
"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" .
أبو تراب كرار العاملي