خرج لِتُوِّه من قاعة الامتحان، في إحدى بلاد الغرب، لا زال هناك وقت قبل أذان صلاة الظهر، نزل الى الأسفل وأخذ يتجول في هاتفه بين مختلف المواضع، الى أن وصل به المقام الى حيث عُرِضَت تعليقات الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي جرّاء استشهاد كوكبة من شباب المقاومة الإسلامية - حزب الله، تعليقات مؤثرة وعبارات مُلهِبة، ترمي بسهامها الى ساحة الوجدان العاطفي، حيث التربة تبقى مُهَيَّئة على مدار السنة لاستقبال هذا الفيض النوراني، لا تُفَرِّق بين فصل وآخر، ومناخ وقريبه، ومكان وشبيهه. تَقَطَّع القلب وتحركت منابع الدموع، ما العمل في هكذا مواقف، الوقت لا يسمح للكتابة، المقام ليس مؤاتياً لاستدرار الدمعة التي طرقت باب الخروج، لا يُعتقَد أن يسمعه الشهيد "مهدي أبو حمدان" إذا ناداه من خلف المحيطات، فقد تحوّل الى ملاك يطير بجَناحَيْن يُحَلِّق في عوالم إشعاعية بعيداً عن دنيانا الفانية. إِذاً، مَن ينتشله من هذا الغرق المشجي، والتعليقات أدخلته في دوامة من الاشتعال الباطني، فهذا يُعبِّر - ويا له من تعبير - "الشهيد مهدي أبو حمدان، ١٦ربيعاً... بالأمس تلميذاً في #مدرسةٍ_إسلاميّة واليوم أُستاذاً لأُمّة #الإسلام# ولو_كره_الكارهون #بأمان_الله"، وتلك تكتب - وما أروعه من كلام – "عطوه بدلة صغيرة تلعط اكبر من حجمه اقتنع وطوى الكم، وطوى كل المسافات، حط عمره الجميل بحقيبة صغيرة وعبر الشهيد المجاهد القاسمي مهدي ابو حمدان"، وآخر ينشر - ويا له من معنى مؤثر –"لشهيد البطل مهدي أبو حمدان (١٧عام) سيسبّب مشكلة للمقاومة لأنّ الآلاف من الشباب من عمره سيطالبون بالإلتحاق بالجبهات #النائب_نوّار_الساحلي"، وذلك يغرّد - وما أجمله من تغريد - "#حزب الله عرفت من شوي أنو عمرك 16 سنة... عرفت أديش إنت كبير ونحنا صغار! الشهيد العملاق #مهدي_أبو_حمدان.. هنيئاً"، وغيره وغيرها.
فما عساه يقول أمام هذا التعاطف الجيّاش، وماذا يضيف إن ضاقت المعاني أمام عِظَم هذا المشهد المُبهر.
شكراً لجمهور المقاومة الأبِيّ وناسها الشرفاء، لن تموت أُمَّةٌ هؤلاء أفرادها، طيَّب الله أنفاسكم وسلَّم أناملكم. وأما للشهيد "مهدي أبو حمدان" وإخوته في درب الجهاد، فأيُّ كلمات ستكون لها الجرأة بأن تُعَبِّر عن مشاعرنا الملتهبة، وأي توصيف سيليق في هكذا حدث جَلَل، بطلٌ في مقتبل العمر علَّم العالم درساً يعجز كبار القوم عن إعطائه، ووالداه سطَّرا على جبين الأمة نظريات معارفية قد لا تجد قاموساً يفكُّ رموزَها، كَأَنّي بعاشوراء تعيد حلقاتِها، طوبى لكم أيها العابرون، هنيئاً ل"مهدي" وإخوته في مركب عشق الحسين ولقائه، لا بُدَّ لنا من موعد، عسى أن يكون قريباً، طيَّب الله ثراكم، فخرُ أمَّتِنا وعِزُّ أمجادنا، ستبقون دوماً "أسياد قافلة الوجود".
"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" .
كرار العاملي