شكل اجتياح مجاهدي المقاومة الإسلامية بتاريخ 14/9/1986 موقع تلة تومات نيحا قرب عين مجدلين - جزين واحدة من بشائر تحقيق التحرير من رجس الاحتلال الصهيوني للبنان.
يومها أسفر الهجوم عن مقتل عدد كبير من عناصر الموقع، وغنم المقاومون أسلحة وذخائر، وقد اعترفت الميليشيا بمقتل ثلاثة وجرح أربعة من عناصرها، وذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن اثنين من عناصر الموقع فقدا، وحشدت قوات الاحتلال قوة كبيرة وهاجمت الموقع لاسترداده إلا أن المقاومين كانوا قد انسحبوا منه.
واعترف العدو بسقوط قتيلين و4 جرحى من جنوده زاعماً أن قتيلين وجريحين سقطا في حوادث متفرقة، ومقتل 6 وجرح 8 من عناصر العملاء اللحديين، في حين أكدت مصادر المقاومة خسائر العدو البشرية وأعلنت عن مقتل 7 لحديين وجرح 8 آخرين وأسر عميل، ولم تعترف مصادر العدو بذلك.
المقاومة الإسلامية
وأكد مصدر في المقاومة الإسلامية في البقاع "إبادة عناصر الموقع إبادة تامة وأسر أحدهم ونقله بسيارة مدنية وهو معصوب العينين".
وأضاف المصدر أن المقاومين غنموا رشاشاً من عيار 12.7 ملم ومدفع هاون من عيار 60 ملم و12 قطعة كلاشينكوف وملابس عسكرية عليها كتابات بالعبرية، وتم تفكيك الأسلحة الأوتوماتيكية المثبتة على العربات وعددها أربع، ثم إحراقها".
وأطلق المصدر على العملية اسم "عملية شهيد كربلاء ابن الحسين".
وذكر مصدر آخر للمقاومة الإسلامية أن المهاجمين أوقعوا 20 إصابة بين قتيل وجريح بين عناصر الموقع وأحرقوا 3 آليات واستولوا على رشاش من عيار 14.5 ملم ورشاشين من عيار 12.7 ملم ومدفع هاون من عيار 81 ملم و10 رشاشات من طراز ماغ وسبع قاذفات.
"السفير"
وأوردت صحيفة "السفير" معلومات من البقاع الغربي أن مجموعة من المقاومة الإسلامية قوامها 15 مجاهداً اشتبكت مع حامية موقع الميليشيا في تلة تومات - نيحا بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، واستطاعت السيطرة على الموقع.
اعترافات العملاء
واعترفت إذاعة العملاء بالهجوم وقالت إن "مهاجمين بأعداد كبيرة تمكنوا من احتلال الموقع ولكنهم فشلوا في التمركز فيه، ومهدوا لهجومهم بقصف مدفعي لفترة ساعة، بقذائف الهاون وتم الهجوم من جوانب عدة". وأضافت أن "ثلاثة من عناصر الموقع قتلوا وجرح أربعة آخرون بعد معركة عنيفة وتوجهت إلى المكان قوة إضافية للمساندة فانفجر لغم أرضي تحت إحدى الآليات وأدى إلى إحراقها وإصابة أربعة عناصر أخرى".
وأشارت المعلومات إلى أن جثث قتلى الميليشيا بقيت في براد مستشفى جزين دون أن تعلن أسماؤهم ولا أسماء الجرحى الأمر الذي يرجح وقوع عدد أكبر من الإصابات التي أعلنتها مصادر العملاء. وتصدت قوة من اللواء الأول في الجيش اللبناني متمركزة على محور ميدون لقوة مساندة من الميليشيا حاولت نجدة موقع تومات نيحا، واستخدمت في الاشتباك الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية ودام تبادل الرمايات حوالي الساعتين.
بيان المقاومة الإسلامية
وأصدرت المقاومة الإسلامية بياناً حول العملية جاء فيه: "في الوقت الذي استطاع فيه مجاهدونا اقتحام موقع العميل لحد في تومات - نيحا، وإبادة جميع عناصره والاستيلاء على جميع الأسلحة الموجودة فيه، كانت مجموعة أخرى من مجاهدينا تقوم بزرع ألغام على الطريق المؤدية إلى الموقع، وبعد ظهر اليوم التالي بتاريخ 16/9/1986 انفجر أحد الألغام في آلية قادمة نحو الموقع، مما أسفر عن تدميرها واحتراقها وقتل جميع عناصرها البالغ عددهم ثمانية عناصر، وبذلك يرتفع عدد قتلى قوات لحد إلى 23 عنصراً".
أيلول 1998
شهد شهر أيلول/ سبتمبر 1998 عملية إخلاء موقع تومات ـ نيحا وتفجير دشمه وتحصيناته نتيجة تعرض الموقع لسلسلة من العمليات الموجعة التي نفذتها المقاومة الإسلامية، ورفض عناصر ميليشيا العملاء التواجد داخله خاصة بعد عملية عين مجدلين ـ تومات نيحا ومقتل 4 من العملاء، وعلّق مصدر مسؤول في المقاومة الإسلامية على عملية الإخلاء بالقول "إن الضربات الموجعة والمتكررة التي وجهناها للفوج العشرين في ميليشيا لحد لا سيما في الآونة الأخيرة، وبالتحديد لموقع تومات نيحا كانت سبباً أساسياً لتداعي معنويات الجنود، خاصة أن قوات العدو الإسرائيلي قد استنفدت كل أساليب الدعم المادي والمعنوي لرفع معنويات اللحديين المنهارة دون جدوى".
الإنسحاب وإخلاء الموقع
وحسب معلومات نشرتها جريدة "السفير" في عددها الصادر بتاريخ 18/9/1998 أن خطة الانسحاب من الموقع بدأت قبل 48 ساعة على الشكل التالي:
ـ صباح الأربعاء 16/9 بدأت عملية تفكيك المعدات العسكرية من الدشم ومواقع المراقبة، وعصر اليوم نفسه بدأت عملية سحب الآليات على دفعات وبمعدل 3 سيارات في كل دفعة، وعند السابعة مساءً وصل إلى الموقع قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال "غابي أشكينازي" على رأس وفد عسكري ومكث في الموقع حوالي 3 ساعات وانسحب بعدها بواسطة مروحيتين وتحت غطاء من الطيران الحربي.
ـ فجر يوم الخميس 17/9 تم سحب آخر مجموعة مع آخر المعدات وأدخل إلى الموقع فريق من سلاح الهندسة عمل على تلغيم دشم الموقع من الباطون المسلح وأبراج المراقبة وتم تفجيرها عن بعد عند الساعة 3.30 عصراً، وتألف الفريق الهندسي الذي تولى التفجير من 12 عنصراً انسحبوا من محيط الموقع بعد حوالي الساعة، وسبق هذه الإجراءات تحليق مكثف للطيران الحربي في سماء المنطقة.
وأفادت المعلومات أن قوات الاحتلال استحدثت موقعاً جديداً انتقلت إليه القوة المنسحبة من تومات نيحا، ويقع بالقرب من قرية عين مجدلين في قضاء جزين، وهو يبعد حوالي 4 كيلومترات جنوب موقع تومات نيحا، وتمكن عدد من مجاهدي المقاومة الإسلامية بتاريخ 17/9/1998 عصراً من الوصول إلى مسافة أمتار قليلة من الموقع الذي تم إخلاؤه دون أن تتعرض لإطلاق نار.
تاريخ وجغرافيا الموقع
أنشأ جيش الاحتلال لموقع في العام 1985 إثر انسحابه من البقاع، وكان الموقع الرئيسي والوحيد على جبهة البقاع الغربي ويشرف على قرى المنطقة، ولذلك شكلت عملية الانسحاب منه إلغاء العدو لخط مواجهة مباشر مع أماكن تواجد المقاومة في هذا القطاع، وبالتالي باتت بلدات السريرة والقطراني ومزرعة المحمودية في منطقة جزين خارج المنطقة المحتلة، ويبدو واضحاً أن العدو قرر إخلاء هذا الموقع بعدما رفضت قيادة الميليشيات اللحدية في جزين تولي مهمات الموقع بمفردها خاصة بعدما سقط لها خلال السنوات الخمس الماضية حوالي 50 عنصراً بين قتيل وجريح، وبات من المستحيل تأمين عناصر الخدمة في الموقع.
وقالت مصادر أمنية إن الانسحاب من تومات نيحا فتح الطريق أمام المقاومة إلى محور كفرحونة ـ عرمتى وإلى الطريق المؤدي إلى جزين عبر هذا المحور وباتت كل هذه المواقع مكشوفة أمام المقاومة وكذلك وصول المقاومين إلى تلال السريرة، ويعني أن منطقة مرجعيون وشمال فلسطين المحتلة باتت كلها مكشوفة ويمكن مراقبتها بالعين المجردة.