أحيا حزب الله وجماهير المقاومة الإسلامية أسبوع فقيد الجهاد والمقاومة الحاج إسماعيل احمد زهري ـ أبو خليل في بلدته النبطية الفوقا، وقد تحدث في الاحتفال الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله فتعرض لحياة الفقيد مقدماً سيرته العطرة منذ التحاقه بالمقاومة الإسلامية، كاشفاً عن مسؤولياته عن إحد الوحدات الحساسة جداً في حزب الله.
كما تتطرق سماحته إلى الملفات الإقليمية مؤكداً على هزيمة المشروع السعودي الذي يقدم الطبيع مع العدو الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني وبالمجان، مذكراً بخيار الشعب الفلسطين الذي عبرت عنه دماء الشهيد المجاهد محمد الفقيه في بلدة صوريف والذي واجه لساعات طوال جيش الاحتلال الصهيوني..قبل ان يستشهد.
كما أعلن سماحته تضامن حزب الله والمقاومة مع سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم.
وأشار سماحة الامين العام إلى الفكر الوهابي السعودي التكفيري الذي يضرب إرهابه كل العالم من فرنسا إلى المانيا فالعراق وسوريا.. مشيداً بالانتصارات التي تحققت في سوريا.
وهنا أبرز المواقف التي أطلقها سماحته:
ـ الفلسطينيون خيارهم معروف وواضح وهناك وضوح رؤية وخيار الفلسطينيين هو نهج الشهيد محمد الفقيه
ـ في موضوع اسرائيل وفلسطين هناك حق واضح ولا مجال للحيرة بين الحق والباطل في هذا الأمر
ـ السعودية مصرة على مواصلة الحروب في كل الساحات ورفض الحوار في البحرين واليمن وسوريا وهي تبادر فقط باتجاه الاسرائيليين وبلا اثمان
ـ هناك اجرام يحصل بحق اهل اليمن وهناك مجزرة ارتكبها الدواعش بغطاء سعودي في الصراري لان هذه ثقافة السعودية والوهابية وداعش وجبهة النصرة حتى لو تم تغيير اسمها
ـ المعتصمون في البحرين منعوا السلطلة حتى الان من اعتقال الشيخ عيسى قاسم
ـ نحن نعلن تضامننا ووقوفنا مع الشيخ عيسى قاسم
ـ وزير الخارجية السعودي نصب نفسه ولياً وحاكماً على الشعب السوري
ـ العرض الذي قدمه الجبير لروسيا مهزلة ومثير للضحك
ـ هل يظن الوزير السعودي وحكامه انهم قادرون على الضحك على شعوب العالم
ـ أهمية ما جرى في حلب أخيراً ترتبط باسقاط المشاريع الاقليمية والاحلام الامبراطورية
السيد نصر الله للسعودية: مشروعكم لا مستقبل له وامامكم فرصة للتفاوض في اليمن والبحرين وسوريا والا سوف تهزمون
ـ نحن نطالب الحكومة اللبنانية بان تبادر وتتخذ موقفاً مما يجري الان في بلدة الغجر وهي تحت سيادة لبنان
ـ ما يقوم به الاسرائيلي في الجزء اللبناني من بلدة الغجر يجب أن يكون تحت انظار الحكومة والشعب اللبناني وهي أرض لبنانية باعتراف الامم المتحدة
ـ ندعو الحكومة الى تصحيح مواقفها مما حصل في موريتانيا وتصحيح الاساءة التي حصلت لأن الشعب الموريتاني شعب عزيز
ـ يجب التصرف بمسؤولية وطنية في ملف تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون وهذا الملف يخص كل اللبنانيين دون استثناء
ـ اذا كان مطلوب اغلاق المرامل والمعامل يجب ان تغلق للحفاظ على مياه الليطاني
ـ ملف اخر ضاغط بقوة وهو ملف المياه فهناك بعض المدن تعاني من العطش وهذه مسؤولية الحكومة
ـ لماذا التمييع والتزييف في ملف الانترنت غير الشرعي
ـ لا يمكن أن نوافق على زيادة قرش على الضريبة
وهنا النص الكامل لكلمة سماحته:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
الحفل الكريم، الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم، "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً"
صدق الله العلي العظيم.
أرحب بكم جميعاً، الإخوة والأخوات الأعزاء والعزيزات الذين اجتمعتم في هذه البلدة الطيبة لتكريم قائد جهادي كبير من قادة هذه المقاومة. وفي البداية أود أن أتوجه بالشكر إليكم، للحضور والمواساة، وأتوجه إلى عائلته الشريفة والكريمة، إلى عائلته كلها بأحر التعازي والتعبير عن مشاعر المواساة لفقدهم وفقدنا هذا الأخ العزيز والحبيب والقائد والمجاهد، وأتقدم من أرحامه ومن أصدقائه ومن رفاقه ومن إخوانه في المقاومة وأيضاً أتقدم من أهل بلدته النبطية الفوقا، بلدة التعايش بين أتباع الأديان والمذاهب، والبلدة السبّاقة إلى إحياء شعائر الإمام الحسين عليه السلام والتمسك بها. إلى البلدة التي لها تاريخ في العلم والحوزة العلمية والعلماء وفي مقدمهم السادة من آل نور الدين. البلدة المقاومة في الخط الأمامي منذ الاحتلال حتى العام 2000، تواجه، وتصمد، وتكابد، وتعاني من مواقع الصهاينة والعملاء في علي الطاهر وسجد وغيره. البلدة المعطاءة في رجالها ونسائها المقاومين في حزب الله، وفي حركات وأحزاب المقاومة. البلدة التي ضحّت من رجالها ونسائها وأطفالها في المجازر الصهيونية في أكثر من حرب وعدوان، والبلدة التي لم تبخل ولن تبخل، وها هم المقاومون من أبنائها ورجالها مازالوا يتواجدون في كل الميادين وحيث يجب ان نكون كما قال أخي المجاهد العزيز قبل قليل.
هؤلاء هم إخوة أبي خليل وأبناؤه وأحباؤه وأعزاؤه من أبناء هذه البلدة الطيبة.
أود في البداية أن أتحدث عن فقيدنا القائد وبعد ذلك أتطرق إلى بعض المسائل والهموم في المنطقة وعلى المستوى المحلي.
أبو خليل عنوان لجيلٍ من الإخوة المقاومين والمجاهدين الذين التحقوا بمسيرة حزب الله والمقاومة الإسلامية عام 1982 منذ أيامها الأولى وفي ريعان الشباب كأفراد ومجاهدين، وحضروا في الميدان، وجمعوا بين العلم والعمل وبين الإيمان والجهاد، وترقوا في مواقع المسؤولية إلى أن وصل بعضهم إلى ما وصلوا إليه، وقضوا أعمارهم وشبابهم وزهرة شبابهم في هذه المقاومة، فمنهم من توفاه الله سبحانه وتعالى كأبي خليل وأخوة له من قبل يشاركونه في الكثير من المواصفات كالقائد الفقيد الحاج مصطفى شحادة والشيخ المجاهد الشيخ محمد خاتون والشيخ المجاهد الشيخ مصطفى قصير وآخرين. ومنهم من استشهد ومنهم من ينتظر ويواصلون طريق الأحبة ويتابعونه حتى النهاية.
هذا الجيل من الإخوة لم يكن له حياة خارج هذه المسيرة وخارج هذه المسؤولية وخارج هذا الهم. لم تكن لهم حياة خاصة. كثير من شباب هذا البلد وشبان وشباب عالمنا العربي والإسلامي وعلى الرغم من كل ما جرى خلال عقود على فلسطين وعلى لبنان وعلى دول المنطقة وعلى شعوب المنطقة وعلى مقدسات المنطقة كانت لهم أمزجتهم وثقافتهم، مناخاتهم، ولكن أيضاً كثير من هؤلاء الشباب، وهنا لا أتحدث فقط عن شباب حزب الله وإنما عن كثير من القوى التي حملت الهم والمسؤولية، إخواننا هؤلاء لم يعيشوا شبابهم كما هو من الطبيعي أن يعيش الشباب. باكراً حملوا البندقية، وغادروا البيوت إلى الجبال، ودخلوا في مواجهات قاسية.
شباب جاءوا من بيوتهم ومدارسهم وحقولهم ليواجهوا أقوى جيش في المنطقة وليصنعوا الانتصار.
أبو خليل انخرط في المقاومة العسكرية منذ البداية ومن أوائل الذين تخصصوا في سلاح المدفعية. عندما نتحدث عن أهم وكبار ضباط المدفعية في المقاومة الإسلامية نتحدث عن الحاج أبو خليل الذي تحمّل المسؤوليات في هذا الاختصاص. وأيضاً مسؤوليات قيادية على مستوى بعض القطاعات والمحاور، وقاتل وشارك شخصياً في الكثير من العمليات، من الحقبان إلى سجد إلى بئر كلاب إلى عملية بدر الكبرى في إقليم التفاح العملية المعروفة والمشهورة ولم يخرج من الميدان حتى عندما أصبح مسؤولاً لوحدة مهمة وحساسة في المقاومة الإسلامية بقي ابن الميدان وحاضراً فيه. كان حريصاً على أن يتطور علمياً في اختصاصه وفي المجال العسكري، وحريصاً على المشاركة في الدورات العسكرية وتنمية قدراته العلمية وهو الذي كان يتمتع بالذكاء وبالعقل وبالفهم وبالقدرة على التخطيط. وكان أيضاً من القيادات الميدانية الأساسية في حرب تموز التي نحيي في مثل هذه الأيام ذكراها العاشرة. وكان من أولئك القادة ومن أولئك المجاهدين الذين كان لهم شرف صنع الانتصار والمساهمة في صنع الانتصار في حرب تموز عام 2006.
إلى أن منذ سنوات تولى مسؤولية إحدى الوحدات الصاروخية الأساسية في المقاومة إلى حين وفاته. هذه الوحدة من الوحدات التي تؤمن مستوى عالٍ من الجهوزية للمقاومة التي تؤمن مستوى عالٍ من الردع للعدو الإسرائيلي والمساهمة في حماية لبنان وفي حماية جنوب لبنان وفي منع العدو حتى من أن يفكر من أن تمتد يده ليس إلى بيروت أو إلى عمق لبنان بل حتى إلى البلدات والبيوت المرابطة والرابضة على الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة.
كل من يعرف أبو خليل عن قرب، يعرف أنه كان إنساناً طيباً نقياً صافياً متواضعاً، بل شديد التواضع، حنوناً على الجميع، قريباً من الجميع، باراً بوالديه رحمهما الله تعالى، خادما لهما، معتنياً بأيتام الشهداء، شجاعاً مقداماً، حاضراً في الميدان، دؤوبا في عمله، جاداً فاعلاً لم يهمل وظائفه الجهادية حتى في مرضه وحتى عندما اشتد به المرض كان يتابع تفاصيل العمل في وحدته ومع اخوانه المسؤولين، وكان صاحب علم ومعرفة، حتى في مرضه الشديد كان يواصل دراسته للحصول على ماجستير في العلوم السياسية.
كان القائد المسؤول حتى آخر ساعات قبل دخوله في الغيبوبة. كان عاشقاً للقرآن، دائماً التلاوة له. منذ حوالي خمس سنوات نذر نذراً ان يقرأ في كل يوم جزءاً من القرآن، ومنذ ذلك اليوم وفا بنذره، حتى لحظة الغيبوبة كان حليف القرآن وكان عاشقاً أيضاً للحسين عليه السلام يبكيه ويفديه ويشتاق إليه ويواصل دربه.
هكذا كان ابو خليل، وبأمثال أبي خليل، ليعرف الناس شيئاً أساسياً في مسيرتنا، بأمثال أبي خليل ننتصر، بأمثال أبي خليل نصرنا الله، بأمثال أبي خليل أنزل الله علينا النصر لأن الحرب سجال فيوم لنا من عدونا ويوم لعدونا منّا حتى إذا رأى الله صدقنا أنزل علينا النصر وبعدونا الكبت كما كان يقول أمير المؤمنين عليه السلام.
بالقادة الصابرين الصادقين المتواضعين الطيبين المخلصين لله العاشقين لله ولرسول الله ولكتاب الله ولآل رسول الله والمستعدين للتضحية بلا حساب يتنزل النصر.
وعندما تحدثنا في بداية حرب تموز عن النصر الآتي بإذن الله، كنا على يقين لهذا السبب. وعندما نتحدث عن النصر الآتي بإذن الله في مواجهة أي حرب أو عدوان يشن على بلدنا أو على مقاومتنا لأن بين ظهرانينا أمثال ابي خليل واخوته الشهداء وأبنائه المجاهدين ورفاقه الصادقين. وهذا ما يجب ان نحرص عليه، إلى جانب العلم والخبرة والتكنولوجيا والمستوى العسكري والإمكانيات المتطورة. الأصل عندنا الطهارة، الصدق، الوفاء، الحب، الحنان، الإيمان، الإخلاص، التواضع، هذا الذي كنا نراه مجسداً في فقيدنا القائد الذي نكرمه اليوم.
أيها الإخوة والأخوات، اليوم غادرنا أبو خليل وترك بين أيدينا هذه الأمانة العظيمة، أمانة المقاومة التي تمثل بالنسبة لنا الضمانة الحقيقية والأساسية لنبقى في أرضنا التي حررناها والتي دافعنا عنها لنبقى في النبطية الفوقا، والنبطية، وبنت جبيل، ومرجعيون، والخيام، والناقورة، وفي كل هذه البلدات والمدن.
ضمانتنا الحقيقية والأساسية هي المقاومة كجزء من المعادلة الذهبية، الجيش والشعب والمقاومة، والتي يجب أن نحميها أيضاً ونحافظ عليها وعلى بلدنا وعلى شعبنا وعلى كرامتنا وعلى حياة عزيزة في هذا البلد وعلى سيادة هذا الوطن، في هذا الزمن الصعب.
يوماً بعد يوم يتأكد صوابية هذا الطريق الذي إلتحق به أبو خليل منذ البداية وصحة هذا الطريق وسلامته، وصحة هذا الخيار على المستوى الوطني والقومي والإسلامي.
طبعاً اليوم لن أتحدث عن الذكرى العاشرة لحرب تموز وإن كان هو من صُنّاع نصرها، سأترك هذا لقابل الأيام إن شاء الله في الاحتفال المركزي، المهرجان المركزي الذي سيقام في هذه المناسبة. ولكن من بوابة المقاومة أدخل إلى ما نحن فيه على مستوى المنطقة وعلى مستوى لبنان.
لماذا يتأكد صحة وصوابية هذا الخيار وأنّ المقاومة هي الضمانة الحقيقية؟ لأننا في المنطقة في وضع عربي سيء جداً، في وضع رسمي عربي سيء جداً، أسوء من أي زمن مضى. يعني إذا أخذنا المئة سنة الماضية ونأتي اليوم سوف نجد أنفسنا أمام وضع عربي رسمي ضعيف، هزيل، مشتت، ممزق، فلا أمة ولا دول ولا جامعة عربية حقيقية ولا أمن قومي عربي ولا مصير مشترك ولا مصالح مشتركة ولا أي شيء من هذا. حتى القضية المركزية، قضية فلسطين، فلسطين التي يحتلها الصهاينة والتي تُنتهك مقدساتها الإسلامية والمسيحية، فلسطين التي هجّر الصهاينة الملايين من شعبها ويزج الصهاينة بالآلاف من رجالها ونسائها في السجون، ويحاصرون قطاع غزة منذ سنوات طوال، وتهدد، وفلسطين التي يُهدد الصهاينة من خلال احتلالها وكيانهم كل دول وشعوب المنطقة. إسرائيل هذه اليوم لم تعد عدواً للوضع العربي الرسمي وفلسطين أصبحت قضية رفع عتب هزيل جداً. هذا ما عبّرت عنه دائماً في السنوات الأخيرة بيانات واجتماعات القمم العربية وآخرها القمة التي شهدنا أحداثها قبل أيام.
لكن ما نحن فيه من هذا الوضع العربي السيء على المستوى الرسمي، عندما أقول أسوء ما فيه، من آخرها من دون أن أحكي مقدمات، هو هذا التطور في الموقف السعودي الذي بدأ ينتقل من العلاقة خلف الستار أو التواصل مع الإسرائيليين في السر إلى العلن، هذا أهم تطور سيء على المستوى الرسمي العربي في الآونة الأخيرة.
وبطبيعة الحال، عندما يقوم أمير معروف من آل سعود، الأمير تركي الفيصل، بلقاءات علنية مع مسؤولين صهاينة، دبلوماسيين وأمنيين وغير ذلك، وعندما يقوم لواء متقاعد من المخابرات السعودية أيضاً بلقاءات من هذا النوع، ثم يختمها بزيارة للأراضي المحتلة ويلتقي مسؤولين إسرائيليين حكوميين ونواب في الكنيست الإسرائيلي ويُجاهر بذلك، هذا لا يمكن أن يحصل بمعزل عن موافقة الحكومة السعودية، ونحن نعرف طبيعة الحياة السياسية في السعودية، أن يصعد أحد ويُبسّط الموضوع ويقول لا ليس لديهم علم وليس لهم علاقة. هذا لا يحصل، في السعودية إذا شخص يتكلم كلمة خارج السياق أو خارج السياسة ويغرد على تويتر أو على مواقع مشابهة يُحكم عليه بالجلد ألف جلدة، ألف جلدة على جملتين، كيف إذا واحد يخالف سياسة استراتيجية وكبرى وكانت هذه سياسة المملكة.
لا، هذه بدايات، بدايات ليس بداية الاتصال، الاتصال موجود، وليس بداية العلاقة، العلاقة موجودة، وليس بداية التنسيق، التنسيق موجود، وإنما هو بداية الانتقال إلى العلن، من السر إلى العلن، وما يقوم به هذا الأمير وهذا اللواء السعوديان هو بدايات تمهيد وجس نبض، وأنا أقول لهم من الآن، ليس هناك داع أن تعذّبوا أنفسكم بجس نبض في عالم عربي وأمة عربية ووضع عربي مشتت وضائع وتائه، وأنتم الذين شاركتم في صنع هذا الواقع العربي المأساوي تستغلون جيداً الفرصة المؤاتية لنقل اتصالكم وتنسيقكم مع العدو الإسرائيلي إلى العلن.
لماذا هذا التطور سيء جداً جداً جداً؟ لأنه في العقود الماضية هناك بعض الدول أعلنت وجاهرت قبولها بإسرائيل وذهبت إلى حد إقامة اتصال مع إسرائيل وتطورت إلى حد إقامة علاقات مع إسرائيل وتطورت أكثر من ذلك إلى عقد اتفاقيات مع إسرائيل، لكن بقي عدد من الدول يُعتبر موقفها محافظاً وحريصاً ويمكن أن يسجل ذخيرة حتى لأهل المسار السلمي بين هلالين والمسار التفاوضي ومنها السعودية. يعني أنه في يوم من الأيام عندما تريد السعودية أن تعترف بإسرائيل أو تريد أن تُطبّع مع إسرائيل يتوقع أصحاب المسار التفاوضي أن يحصلوا على أثمان كبيرة لأن خطوة من هذا النوع ستكون كبيرة جداً جداً جداً لمصلحة إسرائيل.
حسناً، الذي حصل اليوم ما هو من آخرها؟ لأن هناك نقاط كثيرة نريد أن نعجّل بها، الذي حصل أنه بلا أثمان، بلا مكاسب للفلسطينيين أو للعرب، لا على المستوى الأمني ولا على المستوى السياسي ولا على مستوى الشتات الفلسطيني ولا على مستوى الحقوق الفلسطينية ولا على مستوى المقدسات في فلسطين ولا على مستوى مصير الشعب الفلسطيني، يُقدّم بالمجان، اليوم تطبيع سعودي مع إسرائيل، بالمجان، وهذا سيفتح الباب كلياً ونهائياً، يعني هذا آخر الخط.
هناك ميزة، تختلف السعودية عن غيرها، إذا غير السعودية طبّع، إذا غير السعودية أقام علاقات، إذا غير السعودية اتصل، يقولون أنه يا أخي بعد هناك دول عربية أساسية ومهمة وكبيرة، الآن هناك خصوصية بالسعودية سأقولها بعد قليل، ولديها هذه الخصوصية، لم تعترف ولم تقبل ولم تتصل ولم تُنسّق ولم تقم علاقات ولم تُتطبّع، ولكن الآن انتهى هذا الأمر، عندما تأتي السعودية التي تقدم نفسها في العالم العربي والإسلامي، تقدم نفسها بخصوصيات تختلف عن بقية الأنظمة في العالم العربي، أنها دولة الإسلام وأنها دولة الشريعة المحمدية المقدسة وأنها دولة القرآن وأنها حكومة الحرمين الشريفين وأنها المؤتمنة على أرض النبوات فتتصل وتُطبّع وتُقيم العلاقات وغداً تعترف وضمناً تُنسّق مع إسرائيل، يعني "خلص"، واليوم بدأ، الذي يُتابع بعض الإعلام السعودي بدأوا المشايخ الذين هم يفتون ليس على ضوء الكتاب والسنة وإنما يفتون على ضوء رغبات الحكّام، بدأوا الآن يطلعون الآيات والروايات وفتاوى ونقبل بإسرائيل ونتعايش مع إسرائيل ونقيم صلح مع إسرائيل وليس هناك مشكلة، و"لحّقوا" من اليوم على فتاوى وعلى دين جديد وعلى فتاوى جديدة.
هذا الخطر، وطبعاً هذه الفتاوى سوف تلقى مكاناً ما في العالمين العربي والإسلامي، والأخطر في هذا هو التحضير وهذا التضليل الثقافي والعلمي والفكري الذي سيبدأ على هذا الخط وعلى هذا المسار. الذين سبقوا إلى الاتصال بإسرائيل أو إلى الاتفاقيات مع إسرائيل أو إلى العلاقات مع إسرائيل، يمكن لم يكونوا بحاجة إلى غطاء فقهي وشرعي كما يحتاج آل سعود. ولذلك نحن سنكون أمام كارثة فقهية وثقافية في المدى القريب لأنه المطلوب تمهيد الطريق شرعاً وفقهاً وفتواً للصلح مع إسرائيل والقبول بإسرائيل والاعتراف بإسرائيل، وهذا أخطر ما تقوم به السعودية، أو ستقوم به السعودية.
وبالتالي بعد المملكة السعودية سوف تأتي أي دولة عربية ستقول، يعني بالعادي، يا أخي السعودية وعملت علاقة، والسعودية واتصلت، والسعودية وتُنسّق، والسعودية تُتطبّع، وهذه دولة الإسلام والقرآن - بادعائهم طبعاً - دولة الإسلام والقرآن والحرمين الشريفين، فلماذا تطلبون منا وتُحمّلونا ما لا يُطاق، وهذه فتاوى هيئة كبار العلماء جاهزة لتبدأ بالصدور، هذا الخطر.
طبعاً، عندما أُثير هذا الموضوع إنما أُثيره لأقول على الجميع أن يتخذ موقفاً، هذا الموضوع ليس من مواضيع المجاملات، ممكن مع الأنظمة، مع الحكومات، مع المؤسسات الدولية، واحد يُجامل هنا ويصمت هنا و"يطنش" هنا ويجد أنه ليس من مسؤوليته أو ليس من واجبه أن يعلن موقفاً هنا أو هناك، ولكن فيما يتعلق بفلسطين وبشعب فلسطين وبالمقدسات في فلسطين وبإسرائيل والقبول بها والاعتراف بها وإقامة العلاقة معها والتطبيع معها مِن من كان، هذا ليس موضع مجاملة، العلماء، الفقهاء، المثقفون، النخب، الناس العاديون، الأحزاب، القوى السياسية، هذا السلوك سواءً صدر من سعودي أو مصري أو أردني أو سوري أو لبناني أو إيراني أو باكستاني أو أفغاني أو أي إنسان يجب أن يكون موقع إدانة وموقع رفض وموقع شجب لأنه يخدم العدو الذي ينتهك المقدسات ويعتدي على شعب فلسطين وعلى شعوب المنطقة ويهدد المنطقة في كل يوم. وحتى لو كنا نعلم أن شجبنا وإدانتنا واستنكارنا لهذه الخطوات التي سوف تلحق بها خطوات كبيرة في العالم العربي على المستوى الرسمي، حتى لو كنا نعلم أن هؤلاء الحكام لا يصغون إلى أصواتنا ولكن لنسجل هذا في كتاب أعمالنا، أولاً من أجل آخرتنا، وثانياً لنقول لهؤلاء الحكام أنه ما يزال في هذه الدنيا من يفهم حقيقة هذا الصراع وعمق وماهية وأبعاد وأخطار هذا الصراع ويرفض من حكامه أن يلجأوا إلى مواقف وإلى سلوكيات من هذا النوع، هم لن يبدلوا مواقفهم ونحن أيضاً لن نبدل خياراتنا.
في لبنان خيارنا كان المقاومة وما زال، ومع المشهد العربي السيء والهزيل يزداد تمسكنا بهذا الخيار. في فلسطين الشيء ذاته. أنا شاهدت وقرأت بيانات صدرت عن حركات المقاومة الفلسطينية وفصائل المقاومة الفلسطينية وشخصيات وقيادات فلسطينية متعددة ومتنوعة، حول السلوك السعودي خارج أي مجاملة وهذا هو المطلوب، هذا هو المطلوب، لأن هذه قصة ليست قصة يشتبه فيها الأمر بين الحق والباطل. في موضوع إسرائيل وفلسطين هناك حق واضح وهناك باطل واضح والذي عنده غباشة هو مغبش والذي لا يرى هو أعمى، أما الحقيقة ناصعة واضحة كعين الشمس في رابعة النهار.
الفلسطينيون خيارهم محسوم وواضح وإذا كنا نريد، وهم في كل يوم يصنعون ويعلنون إسماً لهذا الخيار، إذا كنا اليوم نريد أن نبحث عن إسم لهذا الخيار الفلسطيني سوف نجد الشهيد محمد الفقيه في منطقة الخليل في بلدة صوريف التي دخلها الإسرائيلي بمئات الجنود، الأن بعض المعطيات كتبوها لي أنهم 750 ضابط وجندي، و33 ألية عسكرية، وفوقهم مروحيات، وطائرات الإستطلاع، لإعتقال شاب فلسطيني واحد، مقاوم فلسطيني واحد، وعجزوا عن إعتقاله لأنه قاتلهم وحيداً 7 ساعات، ولم يستطيعوا أن يقتلوه إلا بعد أن دمروا المنزل على رأسه.
محمد الفقيه هو عنوان فلسطين، هو عنوان خيارات فلسطين، وشعب فلسطين، ولذلك نحن لسنا قلقين على القناعة، والوعي، لا لدى الشعب الفلسطيني، ولا لدى الشعب اللبناني، ولا لدى الشعب السوري، والشعوب التي واجهت الصراع، وقدمت فيه، وتقدم فيه الشهداء في كل يوم.
ولكن نعم، من حقنا أن نقلق على ثقافة الأمة المترامية الأطراف التي سيقومون بتضليلها، خلال الأسابيع، والأشهر، والسنوات المقبلة والآتية، نحن إذا أمام هذا الإنحدار في الموقف الرسمي العربي، وأمام هذا التطور السلبي في السلوك السعودي، للأسف الشديد السعودية ـ قلتُ قبل أشهر، واليوم أعُيد وأؤكد وأقول ـ ما زالت مصرة على مواصلة الحروب في كل الساحات، وعلى رفض كل الأيدي الممدودة، يد تمتد للحوار من اليمن يقال لها عليك أن تستسلمي، يد للحوار تمتد من البحرين يقال لها عليك أن تُلغي نفسك ووجودك، يد تمتد للحوار من سوريا فيتم وضع شروط ناقضة لأساس هذه المعركة، يد تمتد من إيران فتواصل الحرب على إيران، هذا الواقع الحالي الذي لديه شيء ثاني فليقوله.
أين السعودية كرقم أساسي وجزء أساسي من معادلة الصراع القائم الأن في المنطقة، هي تقوم بفتح باب، نعم، هي تفتح باب فقط مع الإسرائيلي، فقط مع الاسرائيلي، وتبادر بإتجاه الإسرائيلي، وبلا شروط مسبقة، وبلا أثمان تجنيها وتجبيها أبداً.
اما مع اليمني شروط للإستسلام، مع البحريني شروط للإلغاء، مع إيران شروط للإذلال، مع سوريا شروط لتحقق بالسياسة ما عجزت أن تحققه بالقتال، ومليارات الدولارات، والالاف الأطنان من السلاح والذخيرة، وعشرات الالاف التكفيرين الذين جاءت بهم من العالم، هذا السلوك الذي نواجهه وخصوصاً في الأونة الأخيرة.
بالمقابل، إيران كل يوم تقول نحن جاهزين، نريد حوار، ونريد تفاوض، ونريد، ونريد، ولكن هذا السعودي لا يرى شيء أمامه، والأن سأختم بهذه النقطة كيف هو لا يرى أمامه.
على المستوى اليمني تستمر الحرب، العدوان، القصف، الهجوم على المناطق المختلفة، والتي إنتهت قبل أيام في إحدى نكباتها، ومجازرها، في بلدة "الشراري" في اليمن على أيدي الدواعش، وعلى أيدي التكفيرين، تحت غطاء ما يسمى بـ"الحكومة اليمنية الشرعية"، حيث نفذت مجازر بحق الناس، والمدنيين، في تلك البلدة، الأن البعض يحاول ان "يقيسها".
بالعراق، عندما أخذوا الفلوجة فتحوا الأبواب لكل المدنيين ليخرجوا بخير، وسلام، وأنشأوا لهم مخيمات، تقوم القيامة بأن المياه لم تكف، الأكل لم يكف، والدواء لم يكف، ولكن خرج الناس بأمن، وسلام، وحٌوفظ عليهم.
اليوم في سوريا، في حلب، يقال للمدنيين هذه البوابات مفتوحة تفضلوا أخرجوا، بل حتى للمسلحين هذه البوابات مفتوحة تفضلوا أخرجوا.
أما في اليمن، في هذه البلدة التي كانت خارج النزاع، والصراع، حوصرت، وقوتلت، وقتل الكثير من أهلها، ومصير بقيتهم ما زال مجهولاً، من رجال، ونساء، وأطفال، نعم، لأن هذه هي الثقافة، ثقافة المملكة العربية السعودية، ثقافة الوهابية، ثقافة داعش، ثقافة القاعدة، والنصرة، ولو اصبح إسمها "جبهة فتح الشام" هي هذه الثقافة. قتل، ذبح، إبادة، وإقامة المجازر، وعدم إعطاء اي فرص للحياة، أو اي فرصة للمصالحة، هذا الذي يحصل في اليمن، ويحصل في أماكن أخرى.
بالبحرين، أسقطوا الجنسية عن سماحة أية الله الشيخ عيسى قاسم، وأرادوا ترحيله من البلد، إحتشد الناس المخلصون، الوفيون، الفدائيون، من أهل البحرين، العاشقون، وبصدورهم العارية، وأيديهم العزلاء، إحتشدوا حول بيته، حتى الأن منعوا السلطة من إرتكاب حماقة، أو القيام بإعتقال سماحة الشيخ، ومضى إلى الأن أسابيع في هذا الحر الشديد، نحن هنا لا نتحدث عن لبنان، نتحدث عن البحرين، عن الحر الشديد في هذه الأيام في الليل، وفي النهار.
بماذا خرجوا ببدعة جديدة؟ بأن سماحة الشيخ ـ يريدون أن يركبون له تهمة ـ بأنه يقوم بغسيل الأموال، أنظروا طوال التاريخ، العلماء والمراجع يأخذون زكاة من الناس، وينفقونها على الفقراء، يأخذون خمس وينفقونها على الفقراء، يأخذون الصدقات وينفقونها على الفقراء، والمساكين، والمحتاجين، والمديونين، وغيرهم، طوال التاريخ. الأن آل خليفة صدر لديهم قانون جديد، وشرع جديد، وبدعة جديدة، بأن سماحة الشيخ، وغداً اي عالم في البحرين، وهذه السنة السيئة، والبدعة البشعة، ممكن أن يعمموها أيضاً في بقية العالم العربي والإسلامي، بأنه إذا أخذت خمس، أو زكاة، أو صدقة، أو مال شرعي، من اي مواطن لتنفقه على الفقراء، أو على المساكين، أصبح هذا غسيل أموال.
هذا لا ينطلي على الناس، محاولة تشويه صورة سماحة الشيخ عيسى قاسم، صورته أنصع، وأنور، وأجمل، من أن يتمكن هؤلاء أصحاب الوجوه المظلمة، وأصحاب العقول الظالمة، من أن تنال منه، ولذلك اليوم أعُلن من قبل المعارضة في البحرين، وجهات عديدة في البحرين، يوم تضامن مع سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم والعلماء والشعب المظلوم في البحرين.
أنا وانتم في هذه المناسبة أيضاً نعلن وقوفنا، وتضامننا إلى جانب هذا الشعب وإلى جانب هذا القائد.
في سوريا، عندما نستمع إلى وزير الخارجية السعودي وهو يتحدث عن المنطقة، وهو يتحدث عن سوريا، هذه نغمة هو حاملها أينما ذهب، وبأي مؤتمر صحفي، نصب نفسه ولياً، وحاكماً بإسم الشعب السوري، لا يوجد حل إلا بأن يرحل الرئيس الاسد، إما بالسياسة وإما بالقتال، يعني أنت تقرر بالنيابة عن الشعب السوري، يوجد تسوية سياسية يُعمل عليها، ويوجد مفاوضات، وهناك كلام عن إنتخابات رئاسية، والشعب السوري ينتخب من يشاء، كلا، هو ليس لديه، لأنه هو لا يؤمن بشيء إسمه إنتخاب.
يجب أن تروا مدى حجم عقل هؤلاء، العنجهية لا تدعهم يرون، يخرج وزير الخارجية السعودي ويخاطب روسيا ويقول إذا تخليتم عن الرئيس الأسد، سنعطيكم حصة محترمة في المنطقة، حقاً إنه شيء مضحك، حقاً إنها مهزله، حقاً إنها "نكتة"، لماذا؟ هل انت الأن مسيطر على المنطقة، وتقبض عليها بيدك كلها، وتقوم بتوزيع الحصص؟ حصة لروسيا، وحصة لأميركا، وحصة فلان، وحصة لأخر، أنت معتوه، أنت مجنون.
اي شخص يفهم قليلاً بالسياسة بالمنطقة يعلم بأنك أنت لست في موقع من يوزع الحصص، ومن يعقد الصفقات، ومن يقيم المساومات، ومن يفرض الشروط، أنت لست هكذا، وليس ملوكك هكذا، وليس أمراءك هكذا، وهذه الساحات والميادين كلها تقول هذا الشيء.
لأخذ نتيجة عملية وأنتقل الى الشأن المحلي ـ أريد أن اتحدث قليلاً بالشأن المحلي بكلمتين ـ اليوم من خلال وقائع ما يقارب سنة ونصف في اليمن تقول للسعودي لا تستطيع أن تنتصر بهكذا حرب، ولا تستطيع أن تفرض شروطك أمام صمود اليمنيين، وثبات البحرينيين، وإنتصارات العراقيين، وإنجازات السوريين، وخصوصاً الإنجازات الأخيرة، هذا الذي حصل في حلب على درجة عالية في الأهمية، أهميته لا ترتبط فقط بالأزمة السورية، أهميته ترتبط ايضاً بالوضع الإقليمي، وبالمعادلات الإقليمية، وبالمشاريع الإقليمية، وبالأحلام الإمبراطورية الإقليمية.
الذي سقط قبل أيام في حلب هو أحلام إمبراطورية، ومشاريع إمبراطورية، أمام صمود حركات المقاومة، أمام صمود هذه الشعوب، وأمام إزدياد الوعي ايضاً، الوعي في المنطقة وفي العالم، هل يظن هذا الوزير، وحكامه، وملوكه، وأمراءه، انهم قادرون بأن يستمروا بالكذب على شعوب العالم، وعلى الرأي العام العالمي؟
ألم يبدأ العالم يكتشف بوضوح بأنه الذي يقتل كاهن عمره 80 سنة في الكنيسة، هذا صحيح ابن داعش ولكن ثقافة هذا من عندكم؟ الذي يهجم في نيس ويجزر في العالم، الذي يقتل في المانيا ولا تفرق معه من يقتل، المهم بأنه يقتل اناس مسلمين، مسيحيين، لا يهم، الذي يفجر تظاهرة خرجت لتطالب بالكهرباء في كابول، وليس لديها اي علاقة بالسياسة، ويقتل 80 شهيداً و250 جريح، الذي يرتكب جريمة بمستوى جريمة الكرادة في بغداد، 300 شهيد في لحظة واحدة، رجال، ونساء، وكبار، وصغار، يتفحمون، الذي يذبح الطفل الفلسطيني في حلب، كل العالم بات يعرف بأن هذه ثقافتكم الوهابية، وبأن هذه مدارسكم، وهذه مناهج التعليم الخاصة بكم، وهذه مشايخكم، وهذا إعلامكم، وهذا تلفزيوناتكم، قنواتكم المكفرة.
مشروعكم ليس له مستقبل، السعودية، وحكام السعودية، أمام فرصة ليعودوا، ويتداركوا، كل الموقف في المنطقة، ما دام اليمني يقول جاهز بأن أفاوض، والبحريني جاهز بأن يفاوض، والسوري، والعراقي، والإيراني، وغيرهم، تعالوا وفاوضوا، لا تتكبروا، لا تأخذكم العنجهية، ولا يعميكم الحقد، لديكم فرصة بأن تكونوا شركاء بمعالجة أوضاع المنطقة أو يطلع لكم حصة، تكونوا شركاء ويطلع لكم حصة.
اما إذا أصريتم على مواصلة هذا النهج، وهذه الحروب، بكل ثقة، وبكل يقين، وبكل إيمان، أقول لكم ستهزمون، مشروع آل سعود في المنطقة سيهزم وسيلحق به العار، هذا إذا بقي فيما بعد نظام إسمه نظام آل سعود.
لكن هذا يجب أن يتدارك، وبأيديهم هم يجب أن يتدارك، كل المعطيات من كل الميادين تقول أن المنطقة تسير في هذا الاتجاه، وحتى الكبار الذين تراهنون عليهم، وتخمنون بأنكم تستطيعون بأموالكم أن تشتروا دولاً وقوى كبرى، غداً هذه الدول وهذه القوى الكبرى عندما تصطدم بمصالحها، ستقول لكم اعقلوا، واقعدوا، واهدأوا، وسينتهي التوظيف، كما إنتهى أو كاد أن ينتهي توظيف داعش، والنصرة، في معركة المنطقة.
في الشأن اللبناني كلمتان:
اولاً نحن نطالب الحكومة اللبنانية بأن تبادر وبأن تتخذ موقفاً مما يجري الأن في بلدة الغجر، لأننا نتكلم عن "أبو خليل"، واخوة أبو خليل، الذين قدموا دماءهم، وشبابهم، وحياتهم، من أجل ان تعود كل حبة رمل من أرض لبنان العزيزة والغالية نقول للحكومة اللبنانية، هناك أرض لبنانية إذا كنتم نسيتموها فلتتذكروها، نحن دائماً كان عملنا أن نذكركم، اسمها الجزء اللبناني من الغجر، هذه أرضكم، هذه تحت سيادتكم، الغريب ان الاسرائيلي اليوم يقوم باجراءات ويعود ليثبت هيمنته وسيطرته على الجزء اللبناني من الغجر. في لبنان لم يقم احد بفتح فمه ! لا يوجد شيء، خير ان شاء الله، وأرض لبنانية، ونصف ضيعة، أين المشكلة؟! فليهيمن الاسرائيلي وليقوم بما يريد.
يمكن قامت بلدية هنا أو بلدية هناك بتدبير ما، سواءً كان صحيحاً أو خاطئاً دقيقاً أو ليس بدقيق، قامت الدنيا في لبنان وفي الاعلام ووسائل الاعلام ومقالات وانترنت والخ...
قرية لبنانية تحت السيادة اللبنانية تعيد اسرائيل هيمنتها عليها بالمقابل لا يفتح أحد فمه، أين السياديين ؟ واذا تكلمنا نحن بالموضوع يفسر على اننا نريد ان نفتعل مشكل، ويُقال يريدون ان يقوموا بربط نزاع.
يا اخي هذه أرض لبنانية او ليست أرض لبنانية؟ يا اخي اختلفوا على مزارع شبعا، لكن الاسرائيلي معترف أن هذه أرض لبنانية، والامم المتحدة معترفة بأن هذه أرض لبنانية، ليست موضع نزاع، "وينكن".
الحكومة مطالبة بأن تتحرك بهذه النقطة.
ثانياً، وان كان هو له علاقة بالمنطقة ولكنه شأن لبناني، الذي حصل في الأيام القليلة الماضية على هامش القمة العربية في موريتانيا، بالنسبة لموريتانيا بالاعلام اللبناني وبعض المواقف كان مسيئاً، ونحن ندعو الحكومة اللبنانية الى معالجته. موريتانيا بلد عربي وبلد مسلم وبلد عزيز، نحن الشعب اللبناني نكنّ لموريتانيا وأهلها كل المودة والاحترام والتقدير ولا ننسى لهم مواقفهم الى جانب المقاومة على طول الخط، ومنها في حرب تموز، ومن أساء في لبنان من سياسيين او إعلاميين أو مؤسسات أو جهات رسمية الى موريتانيا يجب عليهم أن يبادروا ويعتذروا ويعبّروا عن الاحترام والتقدير لهذا البلد الشقيق ولهذا الشعب العزيز.
ثالثاً، يوجد مجموعة من الملفات اليوم، أصبحت ضاغطة جدا ولا يجوز للحكومة اللبنانية ولا للمسؤولين ولا للقوى السياسية الموجودة في الحكومة اللبنانية، ان تبقى تتهرب من المسؤولية بحجة ان المفتاح هو انتخاب رئيس. صحيح، ولكن عندما كان يوجد رئيس ولم يكن هناك جدية، كنا نواجه نفس المعاناة.
هناك مجموعة ملفات، خصوصا في هذه الايام، خطيرة وضاغطة ولا يمكن السكوت عليها ويجب التصرف باتجاهها بمسؤولية كببرة جدا:
أولاً، تلوث مياه الليطاني وبحيرة القرعون، هذه قصة لا تعني ضيعة أو ضيعتين أو منطقة أو منطقتين، هذه قصة وطنية تعني كل المناطق. تعرفون للأسف الشديد، طيّفوا البلد عندنا، أصبح هناك كهرباء للشيعة وكهرباء للسنة واخرى للمسيحيين والدروز، والمياه كذلك والنفط والغاز والامن، الخ...
الآن صادف أن مياه نهر الليطاني يشرب منه الشيعة والسنة والدروز والمسيحيين، ويزرع منه الشيعة والسنة والدروز والمسيحيين، كل الطوائف، مسؤولية وطنية، حسنا، وهي تطال مئات الالاف من اللبنانيين، رجال ونساء ومرضى واطفال، تطالهم في صحتهم، يمكن ان تعرضهم الى امراض خطيرة جدا، في حياتهم وفقرهم وزراعتهم، وقد تؤدي الى موت كثيرين.
إذا كان هذا الموضوع يعالج فقط عبر تشكيل لجنة، واللجان مقبرة المشاريع، نحن أمام كارثة حقيقية.
نحن من جهتنا سنطالب بقية القوى السياسية بأن يكون الصوت عالياً في مجلس الوزراء وخارجه. اللجنة الوزارية يجب ان تتابع هذا الامر بجدية عالية جداً، ويجب اتخاذ اجراءات، وليس مسموحا ان يغطى اي احد من الاحزاب السياسية اي احد، اذا كان المطلوب اغلاق مرامل يجب ان تغلق، اذا كان المطلوب اغلاق مصانع يجب ان تغلق، اذا المطلوب اجراءات حاسمة من بلديات يجب ان تتخذ، ولا يقوم احد بتغطية احد. هذا مصير مئات الالاف من اللبنانيين، وانا ايضا في الوقت الذي ادعو الحكومة اللبنانية واللجنة الوزارية الى اجراءات صارمة حقيقية، أدعو إلى عدم استغلال هذا الموضوع للانتقام من أحد أو الاعتداء على أحد سواءً كان صاحب مصلحة أو مرملة، وإنما أن تكون المعالجة جدية وواقعية وموضوعية.
هذه الاجراءات هي التي تمنع التلوث وتحمي الناس. يجب ان تتخذ هذه الاجراءت واي تهاون فيها هو شراكة في القتل. فليعرف المسؤولين والناس، الناس على امتداد خط الليطاني وصولا الى البحر وعلى اطرافه، ايضا لديهم وعليهم، ولا يقولن احد ان هذه هي مسؤولية الحكومة ونحن لا دخل لنا، عليهم مسؤولية انسانية واخلاقية وشرعية ودينية واخروية ويوم القيامة ستسألون لانه هذا سبب واضح ومعلن وسيؤدي الى الاضرار بمئات الالاف من الاشخاص. وهذا ملف يجب ان يتابع بقوة وبجدية وبالحاح، لا يتحمل الروتين ولا يتحمل التنبلة وقلة الخاصية والقاء المسؤولية، هذا يرميها على ذاك، وهذه الوزارة ترميها الى تلك الوزارة، هذه مسؤولية الحكومة مجتمعة والقوى السياسية الموجودة في الحكومة ومسؤولية الناس ان تتفاعل وان تتعاون.
ملف آخر ايضا ضاغط بقوة في هذه الايام، حتى لو انشغلنا باليمن وبسوريا وبالعراق وحلب والبحرين، يوجد ملفات ضاغطة جداً منها اليوم ملف الماء، هذا لبنان بلد المياه الذي تذهب مياهه في البحر. كثير من البلدات اليوم عطشى، بعض المدن عطشى، بعض الضواحي تعاني معاناة قاسية وصعبة. هذه مسؤولية الحكومة، هذه ليست مسؤولية الاحزاب خارج الحكومة، بمعزل عن الحكومة ماذا تستطيع ان تقوم به الاحزاب؟ الحكومة مسؤولة يجب ان تتعاطى بشكل فوري ووطني ومسؤولية انسانية استثنائية في هذه المرحلة، ولدينا موضوع المياه والكهرباء.
من الواضح انه في كل العالم يتكلمون عن سنة من أصعب السنوات على مستوى الطقس والطبيعة، حسنا، يا اخي لا يوجد ولو اجراءات او تدابير، نحن لا نتكلم عن حلول جذرية نحن نتكلم عن تخفيف معاناة وتخفيف آلام.
في ملفات الفساد، يمكن هناك من يقول انه ليس من المناسب فتح هكذا ملفات في هذا الوقت. يوجد ملفات مفتوحة، يوجد ملف الانترنت غيرالشرعي، لماذا هذا التمييع وهذا التزييف، في الوقت الذي يقال فيه الان اننا نريد ان نناقش الوضع المالي في الحكومة وهناك من يحضّر من الان، طبعاّ بعض الجهات السياسية، تفكر كيف ترفع الضريبة على القيمة المضافة، كيف تزيد الرسوم وما شاكل، نحن لا يمكن ان نوافق بزيادة قرش على الضريبة، قرش واحد، مهما كانت المبررات والاعذار والاسباب، لانه يوجد أماكن اخرى باستطاعتكم ان تجلبوا منها مال، لا تأتون منها بالمال. هذا ملف الانترنت لوحده، وانا لا اضع على ذمتي ولكن هناك من قال ب ال 300 مليون، واخرون قالوا 400 مليون و600 مليون وبعضهم قال مليار دولار. حسنا، اذا انت بجدية قضائية او سياسية او حكومية او برلمانية، تستطيع ان تسترد مليار دولار للخزينة اللبنانية، اليس هذا أفضل من ان تأتي لتضع علينا نحن الفقراء رسوم جديدة وضرائب جديدة.
لا يمكن بل لا يجوز في هذا البلد ان يزاد قرش واحد على ضريبة قبل ان تفتح ملفات الفساد ويستعاد المال العام والمنهوب، والا هذا ظلم وهذا تأمين مال لسرقات جديدة ولفساد جديد ولنهب جديد. هل هناك من يضع مياهه في خزان مثقوب؟ هذه الدولة ليس فقط خزانها مثقوب، وأيضا ليس لديها ارضية. نحن لا نقبل أي زيادة. الان يوجد ضرائب ويوجد رسوم موجودة لم نختلف، لكن أي زيادة مرفوضة، اذهبوا وعالجوا ملف الفساد، هذا ملف الانترنت غير الشرعي بين أيديكم، فلتضبطوه ولتمكسوا به فيما تستردون من جهة وفيما تحصلون عليه. عندما يعمل على هذا الملف قانونياً بشكل جيد سوف يدخل ملايين بل مئات ملايين الدولارات الى الخزينة اللبنانية. الحكومة اللبنانية معنية اليوم، انا لا اريد ان نفتح كل الملفات ولكن يوجد ملفات ضاغطة لا تتحمل اي تأجيل، من المسؤول؟ الحكومة اللبنانية مسؤولة ويجب ان تتحمل المسؤولية ولا تستطيع ان تتهاون، طبعا لا يجوز ان يأتي احدنا ويقول رئيس الحكومة وحده هو المسؤول، لا، كل الحكومة، كل مكوناتها، كل كتلها، كل أحزابها وعلى رأسهم رئيس الحكومة لأنه هو يستطيع أن يفرض الأولويات على النقاش ويستطيع أن يدفع الأمور باتجاه أخذ نتائج والخروج من ساعات المناكفة والجدال و"اللت" الذي ليس له طائل، لأنّ هناك بلد يعاني بما لا يمكن السكوت عليه أيً تكن الأحداث والتطورات التي تحصل في الإقليم.
أيها الأخوة والأخوات، نحن اليوم إذ نُكرّم قائدنا الجهادي وأخانا الحبيب وعزيزنا الكبير الحاج اسماعيل زهري، إنما نُكرّم من خلاله كل أخوانه الذين مضوا والذين قضوا والذين توفاهم الله والذين ذهبوا إليه شهداء ونُعاهد أرواحهم، أن أمانتكم أيها الأحبة، أيها القادة، أيها المجاهدون، أيها الشهداء، أيها الجرحى، وأن أمانة أهلكم وعائلاتكم، هي في أيدي بقية إخوانكم من من عاهد الله ومن من ينتظر ولن يبدلوا، لم يبدلوا في يوم من الأيام، ولن يبدلوا تبديلا.
في الذكرى العاشرة لحرب تموز 33 يوماً تشهد أحداثها أن في هذه المسيرة ومعها في لبنان رجال ونساء وكبار وصغار وفي الطوائف كلها وقادة وزعماء وعلماء يصرون ويثبتون ويصمدون حتى في أصعب الأيام وأعتى المواجهات كما حصل في حرب تموز وآت صبرهم وصمودهم نصراً كالنصر الذي نحتفل به هذه الأيام.
هذه الأمانة يا أبا خليل عند أهل الأمانة إن شاء الله، افرح في الدار الذي انتقلت إليه ونحن نعرف إيمانك وعبادتك وخلوصك وتقواك وطهارتك ولا نزكي على الله أحداً ولكننا نثق بوعد الله للمؤمنين الصالحين المجاهدين وبما أعد لهؤلاء المخلصين عنده. وكن على ثقة أن أبناءك وإخوانك وأبناء إخوتك ورفاقك وكل أحبائك وأن أهلك سيواصلون دربك حتى النصر، حتى النصر، حتى النصر الآتي إن شاء الله ولن يتحقق على أيديهم إلا المزيد من العز والكرامة والحرية والتحرير لهذا الشعب ولهذا البلد ولهذه الأمة ولهذه المقدسات.
رحم الله فقيدنا، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته وحشره مع الأنبياء والأولياء والشهداء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.