28 تموز: اليوم الثامن عشر
انتقلت المقاومة الإسلامية إلى مرحلة ما بعد حيفا التي أعلنها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، وأطلقت للمرة الأولى صاروخاً من طراز "خيبر 1" مستهدفاً مدينة العفولة التي تبعد 47 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. كما قصفوا مدينتي عكا وصفد وقاعدة دالتون الاستخبارية وشريط المستعمرات الشمالية.
وميدانياً، حققت المقاومة الإسلامية انجازاً نوعياً تمثل في محاصرة تجمع إسرائيلي عند الطرف الجنوبي لبلدة مارون الراس، وقصفته بقذائف الهاون والصواريخ الموجهة قبل أن ينقض عليه المجاهدون، فيما تواصلت المواجهات العنيفة على مثلث بنت جبيل - عيترون - مارون الراس مع قوتين إسرائيليتين ما اضطر جنود العدو إلى التقهقر والانسحاب من مدينة بنت جبيل بعدما تكبد خسائر فادحة في الجنود والدبابات والمدرعات، هذا فضلاً عن إسقاط طائرة استطلاع بدون طيار سقطت في منطقة جبل الباروك.
لم تجد قيادة الاحتلال بعد انهزام جنودها أمام المقاومين إلا أن تعاود اعتماد سياسة استهدفا المدنيين، فارتكبت أربعة مجازر في كل من بلدات حداثا وكفرجوز وياطر ودير قانون النهر، حيث دمّرت الغارات الجوية المنازل فوق رؤوس قاطنيها ما أدى إلى استشهاد حوالي عشرين مواطناً.
وشهدت منطقة البقاع الغربي أعنف هجوم جوي منذ بداية العدوان، فطوال ثلاث ساعات لم تهدأ الغارات بمعدل غارة كل خمس دقائق، وسجل ما يزيد على ثلاثين غارة استهدفت تلال ميدون وعين التينة ومرتفعات الجبور وأبو راشد ومحيط بلدة مشغرة ووادي يحمر.
وجه مجاهدو المقاومة الاسلامية رسالة إلى الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله جاء فيها: "نحن ثابتون هنا على امتداد حدود فلسطين وفي كل بقعة من جنوب العزة والكرامة والإباء. ما زلنا الوعد الذي قطعت، كالرعد فوق رؤوس الصهاينة. نحن يا سيدنا سلاح الشيخ راغب. نحن يا سيدنا وصية السيد عباس. نحن يا قائدنا على عهدنا وقسمنا لكم وللشهداء. نحن وعدكم الصادق. نحن حرية سمير القنطار. نحن حرية نسيم نسر ويحيى سكاف ومحمد فران وكل الأسرى. نحن التحرير لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا وكل شبر من أرض لبناننا العزيز. نحن الفداء لشعب لبنان الأبي والعظيم. نحن الدم الذي يحمي ويدافع عن الوطن.. كل الوطن. نحن عشاق الحسين. نحن المفاجآت. نحن النصر الآتي.. بإذن الله تعالى".
قائد القوة الدولية العاملة في جنوب لبنان آلان بيلليغريني قال في حديث لصحيفة "تايمز" اللندنية: "لا يمكن هزم حزب الله عسكرياً.. بعد أكثر من أسبوعين من المعارك العنيفة لا يزال حزب الله قوياً، ووحده الحل السياسي هو الكفيل بحسم مسألة سلاح الحزب".
وكشفت صحيفة "تايمز" أن الطائرتين اللتين كانت محملتين بالقنابل الذكية وهبطتا في مطار بريطاني، كانتا مدنيتين، وأضافت: "طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة تسليمها قمراً اصطناعياً وصواريخ موجهة باللايزر".
رسالة المجاهدين
رد سماحة الامين العام
أكد حزب الله على لسان عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن "حزب الله أبدى مرونة حفاظاً على الوحدة الوطنية بموافقته على خطة لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة لإنهاء الحرب".
الرئيس نبيه بري انتقد الموقف العربي داعياً الحكام العرب إلى التنبه إلى "أن ما يحصل في جنوب لبنان هو آخر بيارق الأمل في سبيل سلام شامل في المنطقة. فإذا ضيعت هذه الفرصة فالبديل الأكيد هو حروب متتالية في الشرق الأوسط، لا بل انقلابات متتالية".
الرئيس سليم الحص علّق على موقف الرئيس المصري بقوله: "لم نطلب ولن نطلب من الرئيس مبارك أن يحارب دفاعاً عن لبنان، فلبنان كفيل بنفسه، ولكننا كنا نتوقع كلمة وليس حرباً، دفاعاً عن الطفل اللبناني الذي يقتل بأسلحة الدمار الماحق التي يستخدمها العدو الإسرائيلي، والتي يتزوّد بها من الدولة العظمى أميركا التي يحرص الرئيس المصري على رضاها".
اعتبر مفتي مصر الشيخ علي جمعة أن العدوان الإسرائيلي على لبنان "يبيح للبنانيين الدفاع عن وطنهم"، مشيراً إلى أن "حزب الله يدافع عن بلاده، وما يقوم به ليس إرهاباً".
النائب وليد جنبلاط قال إن حزب الله "استطاع كسر شوكة إسرائيل.. ولكن إلى من سيهدي السيد حسن نصر الله هذا النصر؟ للدولة اللبنانية أم للنظام السوري أو للجمهورية الإسلامية الإيرانية كي تحسن شروط التفاوض على الركام اللبناني؟".
شدد الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الحكومة البريطانية طوني بلير في واشنطن على أن "الهدف هو موجز الفصل السابع من النظام الداخلي لمجلس الأمن، ووضع حد للعنف، وإعطاء تفويض لقوة متعددة الجنسيات، وهذه لحظة أساسية وجوهرية في تاريخ الشرق الأوسط". وقال بوش: "هناك معاناة كبيرة في لبنان لأن حزب الله اعتدى على إسرائيل، وهناك الكثير من المعاناة في الأراضي الفلسطينية لأن حماس تحاول أن تعيق تقدم الديمقراطية". وقال بلير إن "الهدف ليس فقط وقف الاعتداءات الحالية في لبنان وإسرائيل، بل اعتماد استراتيجية للمنطقة كلها، تسمح لحكومة لبنان بالسيطرة على كامل أراضيها، وتسمح للبنان بأن يكون ديمقراطياً كما يريده شعبه".