يتفق الجميع - لا العارفون في الشأن العبري فحسب- على أنَّ "الأخلاق" والسياسة أمران لا يجتمعان في الدولة العبرية، حيث إن كثيراً من رجال السياسة الصهاينة هم قتلة، مجرمون ويتباهون بذلك حتى، فأغلبهم قادمون من وحدات الجيش القتالية الفاعلة على الجبهات، ولديهم سجلات كثيرة توحي بذلك (آرييل شارون، بنياميين نتنياهو، ايهودا باراك، مناحيم بيغن، وسواهم من روؤساء الوزارة الصهاينة). ذلك أن قتلهم "لأعداء" الدولة يعظمهم في عيون الشعب الصهيوني، حتى الأمور اللاأخلاقية كالتي قامت بها الوزيرة السابقة تسيبي ليفني إبان عملها في المخابرات الصهيونية (الموساد) يمكنها أن تمر بلا عاقبة، حيث نظر إليها مواطنو الدولة العبرية على أنّها "جزءٌ من العمل لأجل الدولة"، لذلك كان استقبالهم لها بكل رحابة صدر حينما قررت العمل في الشأن العام، حتى إنهم وافقوا على حصولها على كثيرٍ من مناصب سياسية رفيعة كالنيابة والوزارة (وإن رفضوا توليها لحقيبة رئاسة الوزراء أكثر من مرة).
إذاً باختصار يمكن لأي "لا أخلاقي" و"مجرم" حتى أن يتولى أرفع المناصب في كيان الاحتلال دون أن يرف له (أو لأي أحدٍ آخر) أي جفن. لكن ما سنتحدث عنه هذه المرة ليس له أي علاقة البتة بالعمل "لصالح الدولة" بل هذه المرة لصالح "المنفعة الخاصة". وعلى ما يبدو أن حزب الليكود قد أدخل إلى الكنيست ولأول مرة رجلاً يمكن القول عنه إنه "مجرم" حقيقي ولمصالحه الذاتية فحسب.
دخل أورن حزّان، والذي لم يكتفِ بحصوله على منصب نائب في الكنيست، بل إنه وصل إلى منصب "نائب رئيس الكنيست" (فضلاً عن رئاسته للجنة الخارجية والأمن في الكنيست)، إلى دائرة الضوء السيئة قبل أيام حينما عرضت القناة العبرية الثانية تقريراً لمراسلها عاميت سيغال يتناول فيه الحياة الشخصية لحزّان قبل وصوله إلى الكنيست وإبان عمله "الخاص" حينما كان يعيش في بلغاريا. أظهر التقرير أن الرجل كان يعمل في الدعارة، المخدرات، وحتى بيع الأسلحة. حزان بدوره حاول أن يهرب تماماً من هذه الاتهامات وتشدق أنه سيرفع دعوة على القناة الثانية، والمراسل سيغال، مشيراً الى أنه كان يعمل كمدير لفندق "ساني بيتش" (الشاطئ المشمس) وليس أبداً "مديراً عاماً" لكازينو "غولد" كما أشير.
لكن التقرير قدّم أكثر من ذلك بكثير، فأحد السائحين الصهاينة أورد أنه اشترى من الرجل شخصياً نوعاً من المخدرات الشهيرة (يعرف باسم كريستال ميث)، فضلاً عن أنه (أي حزّان) -وبحسب التقرير ذاته- كان يستدعي الفتيات كي يشاركن "زبائنه" في حفلات السمر والسهر الخاصة بهم، وكان يوفرهن لمن يحتاج مقابل "سعرٍ خاص". وكانت إحدى الشخصيات التي ظهرت في التقرير قد أوضحت أن حزّان كان "الرجل الكبير" وأنه كان مسؤولاً عن أمورٍ كثيرة لا يمكن الحديث عنها علانية، في إشارة إلى أنّه كان فعلياً ضالعاً في كثيرٍ من الأمور البعيدة عن القانون. التقرير أشار علانية إلى أنَّ حزّان كان يدير عدة دورٍ للقمار في بلغاريا، فضلاً عن العمل في أمورٍ ترتبط بالدعارة وتعاطي المخدرات. وعقب عرض التقرير توجهت ميخال روزين من حزب ميريتس اليساري بطلبٍ إلى رئيس الكنيست يولي إدلشتاين لتنحية حزّان عن منصبه مطالبةً بإجراء تحقيق حول ما ورد في التقرير وما إذا كان فعلياً ضالعاً في الأمور التي وردت. حزب الليكود بدوره حاول التنصل - كعادته في هذه القضايا - من الموضوع بالقول إنهم لا يعرفون شيئاً عن "ماضي" الرجل، وإنه مثل ماضي أيٍ من رجال الأعمال، قد يكون عرضةً للشائعات المغرضة التي يمكن أن يلفقها له أعداؤه. لكن الحزب وضمن لعبته السياسية الخاصة، أشار إلى أنَّه في حال ثبت الأمر فإنه (أي حزان) سيكون "عاراً" على الكنيست، وإنه سيبدأ بالمباشرة بالتحقيق بالأمر لأن الموضوع لا يحتمل السكوت عنه ولا التقصير فيه.