غزة - محمد جهاد
لقّبه جهاز المخابرات الصهيوني "برأس الأفعى" لقدرته الفائقة على النجاة من عدد كبير من محاولات الاغتيال التي نفذتها الطائرات الصهيونية بمعلومات من جهاز الموساد الصهيوني لترؤسه وحدة الكومندوس في كتائب القسام الذراع المسلحة لحركة حماس.
واتهمته إسرائيل بالضلوع بأسر الجندي الصهيوني غلعاد شاليط في عملية الوهم المتبدد التي نفذتها كتائب القسام بمشاركة أجنحة مسلحة أخرى في 25 يونيو / حزيران 2006.
إنه الشهيد رائد العطار، أحد ابرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام، الذراع المسلحة لحركة حماس.
خلفية مختصرة
رائد صبحي العطار "أبو أيمن" المولود في عام 1974 في مخيم رفح للاجئين. متزوج وأب لولدين، وهو احد ابرز المطلوبين لجهاز الشاباك الصهيوني باعتباره العقل المدبر للعديد من العمليات الاستشهادية التي نفذت داخل الخط الأخضر فضلاً عن قيادته لكتائب القسام في رفح وعضوية المجلس الأعلى لكتائب القسام.
فالعطار الذي بدأت مطاردته من قبل عناصر الموساد في سن مبكرة إبان الانتفاضة الأولى عام 1987 لانضمامه إلى حركة حماس وذراعها المسلحة، لم تفلح إسرائيل في الوصول إليه على مدار سنوات طويلة حيث نقلت صحفية معاريف الصهيونية عن أحد قادة الشاباك قوله "إن الجيش حاول تسع مرات أسره أو قتله لكن لم ننجح بسبب حذره"، مشدداً على أن الشاباك كان في عدد من المرات قريباً من الوصول إليه إلا أن جميع تلك المحاولات كانت تفشل في اللحظات الأخيرة.
الحكم بالإعدام
في ابريل / نيسان عام 1995 أصدرت إحدى محاكم السلطة الفلسطينية حكماً على العطار بالسجن لمدة سنتين، وكانت التهمة "التدريب على أسلحة غير مشروعة". وفي عام 1999 أصدرت محكمة تابعة للسلطة الفلسطينية حكماً على العطار بالإعدام لاتهامه بالتسبب بمقتل نقيب في الشرطة الفلسطينية يدعى "رفعت جودة" الذي لقي حذفه أثناء مطاردة ثلاثة من أعضاء حماس كان بينهم رائد العطار، وحدثت احتجاجات شعبية واسعة على خلفية حكم الإعدام بحق العطار ما استدعى تدخل الراحل ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية آنذاك مع قيادات مجتمعية وألغى حكم الإعدام الصادر بحقه.
يقول إبراهيم حمد الضابط في السلطة والذي كان شاهداً على تلك الأحداث:"عندما تم إصدار حكم الإعدام على رائد العطار شهدت مدينة رفح مسقط رأسه مظاهرات واحتجاجات جابت شوارع المحافظة ما استدعى تدخل الرئيس عرفات بشكل شخصي لتهدئة الأوضاع".
مسيرته الجهادية
يعتبر الشهيد العطار من أبرز القادة العسكريين والمسؤول بشكل مباشر عن العديد من العمليات الفدائية وإعداد وتجهيز مقاتلي القسام، حيث كان العطار مسؤول لواء رفح العسكري فضلاً عن ترؤسه لوحدة الكوماندوس في القسام وكذلك عضوية المجلس الأعلى لكتائب القسام كما ذكرنا من قبل. وكانت هذه المهام التي يشغلها العطار كفيلة بأن يتصدر اسمه قائمة المطلوبين لأجهزة المخابرات الصهيونية.
وعرف الشهيد طريق السجون في دولة الاحتلال الصهيوني في العام 1991 حيث اعتقل عدة اشهر بتهمة الانضمام للعمل الجماهيري لحركة حماس في سجن انصار واحد على شاطئ البحر في غزة، ثم سجن النقب، قبل ان يواصل طريقه النضالي ويصبح كل سكان غزة على معرفة بالشاب الصغير الذي تحول الى رمز من رموز المقاومة.
يقول أبو بلال احد المقربين من الشهيد العطار:"إن رائد العطار كان دائم التفكير والعمل على تطوير قدرات المقاومة العسكرية وتجهيز المقاتلين بدورات تدريبية قاسية لأنه كان يدرك أنه في أي وقت قد تعمل "إسرائيل" على شن حرب على القطاع".
وأضاف:" كان يؤمن بالعمل المسلح كخيار وحيد أمام الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه ودحر الاحتلال، فرائد العطار كانت لديه صفة الحنكة في التخطيط بشكل علمي ومدروس لخريطة العمل العسكري في كتائب القسام".
العطار وشاليط
يعتبر العطار العقل المدبر لعملية الوهم المتبدد البطولية التي نفذتها مجموعة من المقاومين في فجر يوم الأحد الموافق لتاريخ 25 يونيو / حزيران لعام 2006 حيث تمكنت المجموعة من أسر الجندي شاليط لتوجه "إسرائيل" مسؤولية اعتقاله للعطار حيث اتهمته عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، بأنه (أي العطار) "المسؤول عن جميع الأنشطة العسكرية لحماس في رفح".
وأردفت الصحيفة في حينه:"العطار أحد أقوى رجال حماس فهو مسؤول منطقة رفح بأكملها والتي توجد فيها الأنفاق التي مدت حماس بالمعدات والمواد اللازمة لبناء القوة العسكرية".
نصفه الآخر
عندما تتحدث عن الشهيد رائد العطار فلا بد أن تذكر وبطريقة عفوية محمد أبو شمالة، نصفه الآخر ورفيق دربه. فلا يخفى على احد مدى العلاقة الوطيدة التي جمعت الشهيدين، فمحمد أبو شمالة قائد كتائب القسام في المحافظات الجنوبية في قطاع غزة والعطار كانا كالشخص وظله لا يفارق أحدهما الآخر، فقد بدَأا الطريق معاً وأبى أحدهما أن يفارق الحياة دون الآخر.
رائد الأب
رائد العطار، ولاعتبارات أمنية وبسبب المطاردة المستمرة من قبل "إسرائيل"، لم يكن يرى أبناءه وزوجته إلا في أوقات متباعدة، وأكدت زوجته "أن رائد كان يعيش حياة المطاردة والتنقل بين أماكن كثيرة ولم نكن نراه إلا في أوقات محددة ونادرة ".
وتابعت :"صحيح انه قليلا ما كنا نراه إلا أن روحه وعقله دائماً كانا حاضرين ولا يغيبان عنا أبدا".
اليوم الأخير
خلال الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة، والتي استمرت قرابة 52 يوماً وراح ضحيتها أكثر من 2000 شهيد والآلاف من الجرحى وتدمير الآلاف من الوحدات السكنية، تمكنت الطائرات الصهيونية مما فشلت فيه على مدار أعوام وحققت حلما كاًن يراودها باغتيال الشهيد رائد العطار ورفيقي دربه الشهيد محمد أبو شمالة والشهيد محمد برهوم في يوم 21 أغسطس / آب 2014 جراء استهداف الطائرات الصهيونية البيت الذي كان موجوداً فيه والمكون من خمسة طوابق في حي تل السلطان في رفح بتسعة صواريخ لترقى روح محمد العطار إلى السماء .
يقول شهود عيان :"في هذه الليلة كانت أصوات الطائرات المحلقة في السماء مرتفعة. ثم سمعنا أصوات دوي انفجارات هزت تل السلطان، وهرعنا إلى مكان القصف ووجدنا البيت مدمراً بشكل كامل وأدركنا أن في البيت رجلاً مطلوباً على مستوى كبير، ولم نكن نعرف انه رائد العطار ومحمد أبو شمالة حتى أعلنت وسائل الإعلام عن ذلك، وأذاعت نبأ استشهاد القائد العطار ورفيقيه".
وشكل خبر استشهاد العطار وابو شمالة صدمة ليس في مدينة رفح وحدها بل في كل فلسطين وفي اوساط كل محبي المقاومة. لكن العزاء انهما سقطا شهيدين كما احبا .. شهدين في الطريق نحو فلسطين