بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا
ونبينا محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار
المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته، أود في هذه الليلة وفي الوقت المتاح أن اتحدث عن عدد من الموضوعات:
أولاً اليمن طبعاً بالاختصار الذي يتسع له الوقت.
ثانياً: كلمة عن العراق.
ثالثاً: تطورات سورية
رابعاً: لبنان وخصوصا موضوع القلمون والسلسلة الشرقية.
أولاً: أبدأ من اليمن. قبل 40 يوماً أعلن النظام السعودي حربه على اليمن،
تحت اسم عاصفة الحزم، وحدد لها رسمياً مجموعة من الأهداف أعلنها الناطق
الرسمي، أعلنها بيان التحالف، وأيضا الإعلام السعودي، فضائيات عاصفة الحزم
كما أسميها. المسؤولون السعوديون في مناسبات مختلفة تحدثوا عن تلك الأهداف.
بعد 26 يوماً من العدوان، يعني من تاريخ 21 نسيان 2015 أعلن التحالف
العدواني انتهاء عاصفة الحزم لأنها بحسب قوله حققت كامل أهدافها، وبالتالي
أعلن الانتقال إلى عملية جديدة سماها عملية إعادة الأمل للشعب اليمني،
والتي حدد لها أيضاً أهدافاً معينة نأتي على ذكرها بعد قليل.
منذ ذلك
الوقت ما زالت ما يسمى بعملية إعادة الأمل مستمرة، يعني العدوان ما زال
مستمراً. نحن مجدداً أمام عملية خداع وتضليل كبيرة جداً، تمارس منذ أيام،
يعني منذ إعلان انتهاء عاصفة الحزم إلى اليوم، وهذا الخداع طبعاً كبير
وخطير جداً، يجب أن نتوقف عنده قليلاً جداً في نظرة تقييمية، وبعده نختم في
الموضوع اليمني في موقف أدعو إليه.
عندما نأتي إلى العنوان الأول،
الادعاء السعودي بتحقيق كامل الأهداف، هذا أكبر خداع وتضليل يمارس منذ وقف
عاصفة الحزم نظرياً. يعني الناطق الرسمي، الإعلام السعودي، المسؤولون
السعوديون، الإعلام العربي، قوى سياسية، كتاب صحافيون، "مسّيحو جوخ" كثر،
كلهم تحدثوا وباركوا وهنأوا بالانتصار العظيم الذي حققته السعودية خلال 26
يوماً على اليمن تحت اسم عاصفة الحزم التي حققت كامل أهدافها، وهذا ما أعيد
ذكره اليوم في قمة مجلس التعاون الخليجي. يعني التأكيد على أن عاصفة الحزم
حققت كامل أهدافها.
للأسف الشديد أن هذا الموضوع في العالم العربي
وفي العالم الاسلامي وفي العالم كله، ولأن إعلام الفريق الآخر، ونحن نعترف
أن إعلام فريقنا عموماً أو الفريق المعتدى عليه في هذه الحرب ليس بقوة ولا
بامكانيات ولا بامتدادات ولا بسعة إعلام عاصفة الحزم. حسناً، هل يقبل أي
إنسان بهذا الخداع وهذا التضليل؟
أنا كمواطن عربي يحق لي أن أسأل
طالما أن المعركة باسم العرب والعروبة، دلّوني على الأهداف التي تحققت.
دلوني على كامل الأهداف التي تحققت. وليس بعد 26 يوماً من بدء العدوان بل
إلى اليوم الأربعين من بدء العدوان؟ حسناً ليس كل الأهداف، بل دلوني على
هدف واحد تحقق منذ بداية العدوان إلى انتهاء عاصفة الحزم إلى اليوم، يعني
بعد أربعين يوماً، هل أعادت السعودية أو النظام السعودي حلفاءها في الشرعية
المدعاة إلى اليمن؟ هل أعادت عبد ربه منصور إلى اليمن، إلى عدن أو إلى
صنعاء؟ هل تمكنت من منع تمدد الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى حيث يريدون
التمدد؟ هل صادرت سلاح أنصار الله كما ورد في أهداف عاصفة الحزم؟ هل تمكنت
من تحقيق أي من الأهداف التي ذكرتها، يعني بقية الأهداف، يوم الجمعة نحن
تكلمنا وغيرنا تكلم وذكرنا وعددنا ما ذكروا من أهداف، لم يتحقق شيء على
الإطلاق، هل استطاعوا في الهدف الحقيقي أن يعيدوا هيمنتهم على اليمن؟ لم
يستطيعوا. هل طردوا أو قضوا على الهيمنة الإيرانية المفترضة المدعاة
المتوهمة؟ بكل بساطة لننتهي من الخداع الأول ونقول دلوني على هدف واحد وليس
عن كامل أهداف عاصفة الحزم قد تحقق حتى الآن وليس ما قبل بدء ما سمي إعادة
الامل. طبعاً في هذه النقطة نحن أمام فشل ذريع وواضح وانتصار يمني صريح
وواضح أيضاً، وهذا الفشل السعودي سببه الأول وبالدرجة الأولى بعد فضل الله
سبحانه وتعالى هو ثبات اليمنيين وصمودهم وصلابتهم وشجاعتهم وتماسكهم
واحتضان الشعب اليمني للجيش واللجان الشعبية. هذا هو السبب، الذي منع تحقيق
أي من أهداف عاصفة الحزم، قد تكون هناك أسباب أخرى ولكنها تبقى أسباب
معينة ومساعدة. إذاً حتى هذه النقطة نحن أمام فشل وهزيمة واضحة وانتصار
يمني واضح، هنا نتكلم عن جولة ولم نتكلم بعد عن كل الحرب.
العنوان
الثاني: الجولة الثانية تحت عنوان عاصفة الأمل، هنا أيضاً خداع آخر للتغطية
على الفشل الذي حصل في الجولة الأولى وللتغطية أيضاً على العجز الذي بدأ
في الجولة الأولى، يعني هذا النظام ومن معه أدركوا جيداً أنهم عاجزون عن
تحقيق هذه الأهداف. حسناً، هم وضعوا أهدافاً كبيرة، أهدافاً تحتاج إلى حرب
طويلة وأيضاً إلى عملية برية واسعة، وهم لا يجرؤون على هذه العملية البرية
الواسعة، وما زالوا يبحثون عن جيوش يستأجرونها، وقد سمعنا في هذا اليوم أو
أمس أن بعض الجنود السنغاليين سيأتون ليقاتلوا في السعودية.
على كل
حال انتقلوا إلى وضع أهداف تحت عنوان عملية إعادة الامل إلى وضع أهداف تبدو
متواضعة وقابلة للتحقق. يعني هنا الخداع، الخداع هو أنهم غيّروا عنوان
العملية أو الحرب من عاصفة الحزم إلى إعادة الأمل، اعتبر أن أهداف عاصفة
الحزم كلها تحققت، وضع أهدافاً متواضعة لعملية إعادة الأمل، حتى لا يطالب
بالفشل لاحقاً لأن هذه الأهداف المتواضعة يمكن له أن يدعي أنه يحققها أو
ينجزها.
لو أتينا إلى هذه الأهداف، بالنص الذي أعلنوا فيه بدء عملية
إعادة الأمل وانتهاء عملية عاصفة الحزم، والتي سيتم خلالها العمل على تحقيق
الأهداف التالية:
1- سرعة استئناف العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن كذا والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
2- استمرار حماية المدنيين.
3- استمرار مكافحة الارهاب.
4- الاستمرار في تيسير إجلاء الرعايا الأجانب وتكثيف المساعدة الإغاثية
الطبية للشعب اليمني في المناطق المتضررة وإفساح المجال للجهود الدولية.
5- التصدي للتحركات والعمليات العسكرية للمليشيات الحوثية ومن تحالف معها
"بحسب نصه" وعدم تمكينها من استخدام الأسلحة المنهوبة من المعسكرات أو
المهرّبة من الخارج.
6- إيجاد تعاون دولي لمنع وصول الأسلحة جواً وبحراً إلى الميليشيات كذا وكذا وكذا.
هذه الأهداف لعملية إعادة الأمل.
طبعا هو ليس صادقا في إعلان هذه الأهداف وسأعود إليها بعد قليل.
هو ما زال هدفه الحقيقي هو الهدف الأول: السيطرة على اليمن، إخضاع اليمن،
إعادة اليمن إلى الهيمنة الأمريكية والسعودية، والآن يتضح أكثر أنه إن عجز
عن تحقيق إعادة الهيمنة والإخضاع سيقوم بتدمير اليمن على رأس أهله وشعبه.
هذا هو الذي يجري الآن.
على كل حال، لو عدنا إلى هذه الأهداف المعلنة
لعملية إعادة الأمل، نعم هذه أهداف يستطيع أن يدعي أنها قابلة للتحقق،
حسناً، هيا بنا لنقيم حواراً سياسياً. هم يدّعون أنهم يحمون المدنيين، يذهب
ويقصف، وما هدف القصف؟ يقول لك حماية المدنيين، مكافحة الإرهاب، والحصار
البحري والجوي لمنع وصول السلاح وهذا كان موجوداً والتصدي للتحركات وما
شاكل.
إذاً عملياً، هو نزل عن نصف الشجرة، رأس الشجرة قليلاً،
لقاعدتها، بدعوى أن تلك الأهداف هو يدعي أنها تحققت ولم يتحقق منها شيء،
ووضع أهداف، يستطيع أن يقول إنها تتحقق أو أنه يحقق فيها إنجازات، وهذا
تعبير في الحقيقة أيضاً عن الخداع الثاني، تعبير عن العجز.
الخداع
الثالث: في المسار العملي لأهداف عملية إعادة الامل هو يدعي أنه يخدم هذه
الأهداف، تعالوا لنرى حقيقة هل هو يخدم هذه الأهداف؟
حماية المدنيين
منذ بداية عملية إعادة الأمل وحتى اليوم الغارات والقصف بكل أشكاله يستهدف
البيوت والأحياء السكنية والأهداف المدنية كما كان منذ بداية الحرب.
حماية المدنيين بالمزيد من قتل المدنيين.
بل أكثر من ذلك استخدام أسلحة محرمة دولية من خلال ما كشفت عنه بعض
المنظمات الدولية عن استخدام القنابل العنقودية وهي أخطر ما يكون على
المدنيين ونحن في لبنان عشنا هذه التجربة وما زلنا نعاني منها بعد عدوان
تموز 2006.
مكافحة الإرهاب، وهذا هدف من أهداف إعادة الأمل، مكافحة
الإرهاب ما هي النتيجة؟ تقديم السلاح والذخائر للقاعدة، التحالف مع القاعدة
وميليشيات هادي، توسع القاعدة وسيطرتها على مناطق لم تكن موجودة معها في
السابق، وقصف الجيش اليمني واللجان الشعبية لمنع تقدمه باتجاه أماكن تتواجد
فيها القاعدة، هذا بالعكس، يقومون بخلاف العناوين المدعاة.
مثلاً،
تكثيف المساعدة الإغاثية. ماذا حصل حتى الآن؟ منع وصول أي مساعدة إنسانية
إغاثية من أي مكان في العالم بالمطلق بل أسوأ من ذلك اللجوء إلى ضرب
المطارات وخصوصا مطار صنعاء وتدمير مدرج المطار والحادثة المعروفة عندما
خرقت طائرة إيرانية مدنية الأجواء اليمنية وأرادت أن تنزل في صنعاء وهي
تنقل مساعدات إغاثية، قصفوا المطار حتى لا تتمكن هذه الطائرة من الهبوط.
هذا ما يسمى تسهيل وتكثيف المساعدات الإغاثية.
العملية السياسية: ما
قاموا به الآن هو تعقيد العملية السياسية وإبعاد الحوار السياسي، لأنه بدل
من انتظار المبعوث الدولي أو الأممي حتى يأتي هو ويدعو كل الأطراف للحوار
على أرض محايدة في بلد لم يشارك في العدوان على اليمن، وهذا شرط أعلنته
والتزمت به القوى الإسلامية والوطنية اليمنية الرافضة للعدوان، بدل ذلك
السعودية أوعزت إلى صاحبها عبد ربه منصور أن يدعو إلى مؤتمر للحوار خلال
أيام ربما ب17 الحالي في الرياض. هذا يعني ماذا؟ لا يريدون لهذا الحوار أن
يتشكل ولهذه الطاولة أن تتكون ولهذه العملية السياسية أن تنطلق. هذا إسمه
تعقيد وتعطيل للحوار وليس دفعاً للحوار.
الخداع الرابع هو إيهام العالم
والمجتمع الدولي أن السعودية أوقفت الحرب على اليمن. هي أعلنت وقف عاصفة
الحزم وأن ما تقوم به هو عملية لها أهداف محدودة وضيقة وما شاكل.
وهذا
ليس فقط خداعاً، إنما هو كذب وتزوير. الحرب بعد إعادة الأمل هي هي، منذ 40
يوماً لم يتغير شيء بل ازدادت عنفاً وازدادت قسوة وازدادت بشاعة وإجراماً
ولم يتغير شيء سوى العنوان والأهداف المدعاة المعلنة.
اليوم يتضح أكثر
من أي وقت مضى هدف هذا العدوان، ويتضح أيضاً أن الشعب اليمني والجيش اليمني
والقوى الوطنية في اليمن ترفض الخضوع والانصياع والعودة إلى زمن الهيمنة
ومصرة على سيادتها وحريتها واستقلال بلدها ومواجهة العدوان.
هذا واضح بعد 40 يوماً، مثلما تحدثنا قبل أسبوعين أنه لا يبدو أي علامة من علامات الانكسار. هذا ما زال قائما حتى الآن.
بل بدأت هذه القوى اليمنية الجيش اليمني واللجان الشعبية والقبائل وما
شاكل تأخذ شيئا من زمام المبادرة في المناطق الحدودية، وفي الوضع الميداني
ما زالت تتقدم وباعتراف إعلام وفضائيات عاصفة الحزم، وإلا ما معنى أن يقوم
سلاح الجو السعودي مثلا بـ 120 أو 150 غارة خلال ساعات على منطقة محددة في
عدن، كل من يعرف بالعسكر يعرفون ما مدلولات هذا.
إذاً، هناك إرادة
يمنية قاطعة وحاسمة بعدم الخضوع وعدم الاستسلام وعدم التراجع. هذا شأن
اليمنيين وإرادة اليمنيين وقرار اليمنيين. لكن يبقى شيئ آخر، هو مسؤولية
العالم ومسؤولية الدول ومسؤولية الشعوب ومنها شعوب منطقتنا أيضاً.
في
مواجهة ما يقوم به هذا العدوان على المستوى الإنساني، هذا الحصار البحري
والبري والجوي، منع وصول المواد الغذائية والأدوية والمواد الطبية والوقود
وليس فقط منع الوصول بل منع انتقال هذه المواد الغذائية أو الطبية او
الوقود داخل البلد داخل اليمن وقصف كل الأماكن التي يمكن أو يفترضون أن
فيها أدوية أو قمح أو مواد غذائية أو وقود.
هذا الذي يجري الآن، المنظمات الدولية تتحدث عن وضع إنساني خطير وكبير وكارثي.
بالتأكيد هذا لن يفتّ في عضد اليمنيين. أنا أتحدث عن هذا الموضوع من باب
أن على العالم أن يتحمل مسؤوليته وإلا أنا أقول لهؤلاء المعتدين إن هذه
السياسة أو الاستراتيجية ـ سمّوها ما شئتم ـ والضغط على المقاومين أو
المقاتلين أو أصحاب الإرادة الحرة، الضغط عليهم من خلال قتل أهلهم وقصف
نسائهم وأطفالهم وتدمير بيوتهم، هذه سياسة فاشلة لم تؤدّ إلى مكان في
الماضي، هذه تجربة فيتنام، "شو بدنا بفيتنام"، هذه غزة، هذا لبنان في كل
حروب إسرائيل استُهدف المدنيون والناس، حوصرت غزة وما زالت محاصرة، في حرب
ال33 يوماً حوصر لبنان وضرب كل شيء، ولكن هل فتّ في عضد المقاومة؟ هل
أضعفها؟ هل أوهنها؟ هل فرض عليها أن تتراجع؟ كلا، على الإطلاق، بل دفعها
أكثر للثبات ولصنع الانتصارات.
أنا أقول لهؤلاء المعتدين إن كلما
تقومون به على المستوى الإنساني هو لن يغير من معادلة الصراع شيئاً بل
سيزيد وجوهكم قبحاً وشناعة وسيزيد الشعب اليمني قناعة بعدوانيتكم وظلمكم
وتجبركم وسيوحد هذا الشعب خلف أولئك الذين يقاتلون دفاعاً عن سيادته
واستقلاله ووحدته وكرامته.
إذاً لا أريد أن أدخل من هذه الزاوية، وإنما
من زاوية أن على العالم أن يتحمل مسؤولية على هذا الصعيد. يجب أن تعمل دول
العالم، وخصوصا الدول الإسلامية والعربية على فك هذا الحصار، على إيصال
المساعدات الطبية والغذئية ومستلزمات الحياة للشعب اليمني من خلال مجلس
الأمن الدولي، من خلال المؤسسات الدولية، من خلال خرق الحصار بأي ثمن وبأي
شكل، وهذه أيضا مسؤولية الشعوب، وأنا أدعو الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم على
هذا الصعيد، وإلا إعيد وأؤكد، رغم كل هذا الجانب الإنساني المأساوي، ما
نشهده داخل اليمن المزيد من البطولة والحماسة والثبات، حتى على المستوى
الشعبي والمدني، وأن هذه السياسة وهذه الاستراتيجية لم تؤد إلى هزيمة أي
شعب ما دام يملك الإرادة والقيادة والتصميم والعزم والشهداء.
هذا في الموضوع اليمني، أحببت أن أقاربه بهذه الحدود.
ثانياً: كلمة في موضوع العراق، بعد سيطرة داعش على الموصل وعدد من
المحافضات العراقية قبل أشهر وتهديدها لبقية المحافظات وكذلك لدول المنطقة،
الأردن والسعودية والكويت إلى آخره، أُعلن عن تأسيس تحالف دولي برئاسة
الولايات المتحدة الاميركية لمواجهة داعش. إذا كنتم تذكرون هنا على الشاشة،
لم يكن هناك احتفال، وإنما كان حديثاً مثل هذه الليلة، قلنا في ذلك اليوم
إن أميركا ليست جادة في الحرب على داعش وفي مواجهة داعش والموضوع سيأخذ
وقتاً وإن أميركا ليست مستعجلة على هذه المواجهة وإنها ستعمل على توظيف خطر
داعش وتهديد داعش وسلوك داعش، تريد أن توظف هذا كله لتنجز مشروعها في
المنطقة، وقلنا في ذلك الوقت إن مشروع أميركا في العراق وفي المنطقة هو
تقسيم هذه الدول. تستطيعون العودة إلى ذلك، كل هذا الكلام معروف، تقسيم هذه
الدول على أسس طائفية وعرقية، يعني مثل العراق، تقسّمه إلى عرب وكرد
وتقسّم العرب سنة وشيعة. وهكذا عندما نذهب إلى سوريا نقسّمها على أساس
طائفي أو على أساس عرقي. عندما نذهب إلى اليمن على أساس طائفي أو على أساس
جهوي وكذلك عندما نذهب إلى ليبيا وغيرها. قلنا إن الهدف الحقيقي لأميركا هو
إعادة تقسيم دول المنطقة على أسس طائفية وعرقية، يعني تصوروا أمامنا دول
كلها ضعيفة ومقسمة بطريقة ملتبسة، هناك من يحرض فيما بينها، يعني دول
متنازعة، يعني نحن ذاهبون في المنطقة إلى شرعنة حروب أهلية قد تستمر لمئات
السنين. هذا ما تريده أمريكا وإسرائيل لنا ولشعوبنا ولدولنا ولحكوماتنا.
هذا ما قلناه في بداية أحداث داعش والموصل.
اليوم يكشف الأميركيون عن
نواياهم. اليوم وصلوا إلى المحل الذي يخوّلهم أن ينفذوا. أول خطوة على طريق
شرعنة تقسيم العراق وتحويله إلى تقسيم رسمي هو ما يعمل عليه الكونغرس
الأميركي الآن في إصدار قانون يأمر أو يطلب أو يجيز للحكومة الاميركية أن
تسلّح مكوّنات عراقية بمعزل عن الحكومة العراقية المركزية. يعني صاروا
كأنهم يتصرفون مع الحكومة العراقية أنها للشيعة وهناك مكوّن سني نريد أن
نتعاطى معه كأميركيين بشكل مباشر، وهناك مكوّن كردي سنتعاطى معه بشكل
مباشر. يعني لم يعد هناك بلد واحد ولا حكومة مركزية.
هذا كما فهمه
الجميع هو بداية. حسناً، ما هو الداعي لهذه الحجة التي يتم اعتمادها الآن؟
هل هي حجة منطقية ؟ كلا، على الإطلاق. من بداية الأحداث المتعلقة بالموصل
وداعش كلنا يتذكر أن المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف عندما دعت
إلى الجهاد الدفاعي ومواجهة داعش لم تدعُ للدفاع عن مناطق دون مناطق أو
محافظات دون محافظات أو مكوّن دون مكوّن وإنما دعت للدفاع عن كل العراق، عن
كل الشعب العراقي، عن كل الأرض العراقية وعن السيادة العراقية بدون أي
تمييز.
الحكومة العراقية أيضاً مارست على هذا الأساس، القوات العراقية،
الحشد الشعبي، قتالهم ليس على أساس عرقي ولا على أساس طائفي وليس على أساس
مناطقي، والشاهد محافظة صلاح الدين المصنّفة بحسب التصنيفات المؤسفة أنها
محافظة سنية. هناك لطالما سقط شهداء من الجيش العراقي وقوات الأمن والحشد
الشعبي.
إذاً في العراق العراقيون لا يتصرفون على أساس هذه محافظتنا
وهذه محافظتكم و"كل واحد يقلّع شوكه بيده". لا، ليس كذلك، المرجعية العليا
والحكومة والمجلس النيابي والقوى السياسية الأساسية في البلد هي لا تتصرف
على هذا الأساس.
إذاً ليس هناك حجة للأميركيين حتى يذهبوا ويعطوا
سلاحاً لمكوّنات عراقية بشكل مباشر. الأسوأ من ذلك أن الاميركيين لا يفون
بإلتزاماتهم حتى البيع والشراء مع الحكومة العراقية فيما يتعلق بالسلاح
والذخائر المطلوبة. اذاً هناك محاولة أميركية لتعجيز الحكومة العراقية
وتعجيز القوات العراقية عن مواجهة خطر داعش في الأنبار وفي الموصل واستغلال
هذا الأمر لفتح علاقة مباشرة وإيجاد حجة لتسليح مباشر لمكونات عراقية تعني
الوصول إلى مرحلة التقسيم.
هذا الأمر على درجة عالية جداً من
الخطورة. مبكراً أعلنت أيضاً المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف
موقفها الواضح والصريح من هذه الخطوة الأميركية الخطيرة والرافضة لكل هذه
الإجراءات وهذه الخطوات وطالبت الجميع باتخاذ الموقف التاريخي والمناسب،
وكذلك الحكومة العراقية ومجلس النواب العراقي، قيادات علمائية وسياسية
وتيارات وأحزاب عراقية عديدة وبعضها كان عالي السقف أيضاً.
حسناً، هل
الأمر على هذا المستوى من الخطورة؟ نعم، يمكن أن يقول أحد أنك تتحدث بشأن
عراقي، نحن غير العراقيين ما هي مسؤوليتنا بهذا الموضوع؟ مسؤوليتنا أن نرفض
أيضاً هذه الخطوة، لأن الموضوع ليس موضوعاً عراقياً، بمعزل عن المنطقة.
الموضوع لا يبدأ بالعراق وينتهي بالعراق.
يا شعوب منطقتنا، يا حكومات
منطقتنا، أيتها الأجيال الحاضرة التي تواكب هذه التحديات، عليكم أن تعرفوا
أن هذه الخطوة تؤسس لمرحلة خطيرة جداً جداً جداً. ما يحضّر له من خلال هذه
الخطوة إذا انطلقت، يعني أننا ذاهبون إلى تقسيم العراق، سيلحق به تقسيم
سوريا، وتقسيم اليمن، وتقسيم دول أخرى. وأنا هنا يجب أن أحذر حتى الدول
المتواطئة مع الولايات المتحدة الاميركية على تقسيم العراق أو سوريا أو
اليمن، سيصل إليها التقسيم حتما، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.
لذلك جيلنا لا يجوز أن يسكت على هذا الأمر.
لاحظوا في السابق، والآن
يقال المنطق نفسه الذي كان لما بدأت العصابات اليهودية السيطرة على فلسطين.
هذا شأن عراقي، أنت لبناني "شوخصّك"، أو هذا شأن يمني أنت عراقي ما
علاقتك، أو هذا شأن سوري أنت مصري ما علاقتك؟
هذا خطأ قاتل. هذه
المنطقة مصيرها واحد، تاريخها واحد، مستقبلها واحد، حاضرها واحد، تحدياتها
وأخطارها واحدة. لا يجوز أن يرتكب جيلنا الأخطاء نفسها التي ارتكبها الجيل
أو الاجيال التي استسلمت وتراجعت وضعفت وتخاذلت وسلّمت فلسطين لإسرائيل.
الذي يعاني من إسرائيل اليوم ليس الجيل الذي استسلم وتخاذل، إنما أجيال
وأجيال وأجيال، وما زلنا حتى الآن نعاني، وأولادنا وأحفادنا وأولاد أحفادنا
سيبقون في المعاناة إن لم نتحمل نحن المسؤولية كذلك في هذا المشروع
التقسيمي الخطير الذي يريد أن يُدخل المنطقة في حروب الدول العرقية والقوى
الطائفية لمئات السنين.
أين سيكون مصير شعوب هذه المنطقة، كرامتهم
وعزّتهم ورزقهم ومعاشهم – لأنه دائما يقولون لي أنت تتحدث بالكرامة والعزة
ولا نراك تتحدث عن الأكل والشرب والمعاشات - هل سيبقى شيء لشعوب هذه
المنطقة في ظل الحروب؟
حسناً اليوم كم يوجد من المهجرين واللاجئين
والجائعين والاقتصادات التي تدمر، وكم يوجد فرص حياة تدمر وتضيع. أصل وشرط
اساسي لأي تنمية، لأي وضع اقتصادي سليم، لأي حياة معقولة وكريمة هو الأمن
والاستقرار، الأمن الحقيقي والاستقرار الحقيقي. هذا ما يراد أن تُسلبه هذه
المنطقة من خلال تقسيمها إلى دول متحاربة لتبقى امريكا هي الحكم، وأسرائيل
هي المسيطرة.
إذاً ما ندعو إليه اليوم هو عدم الاستهانة بهذه الخطوة،
يجب التصدي لها على كل صعيد ومنعها، يجب وأد هذه الفتنة، هذا المشروع في
مهده. إذا تم قطع الطريق على هذه الخطوة يمكن قطع الطريق على خطوات أخرى.
ثالثاً: في موضوع سوريا.
في موضوع سوريا سوف أتكلم قليلاً بشفافية زائدة في بعض الأمثلة التي سوف أضربها.
في الآونة الأخيرة وبعد سقوط مدينة جسر الشغور في محافظة أدلب بيد
المجموعات المسلحة، شهدنا وشهد السوريون واللبنانيون والمنطقة عموماً موجة
من الشائعات والضخ الإعلامي على الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة،
مقالات، أخبار، تركيبات، وأيضاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
كلها
حرب نفسية شعواء، وتعلمون أن في هذه المنطقة، منذ سنوات طويلة، هناك غرف
سوداء هي تدير حرباً نفسية، وتتجدد هذه الحرب النفسية لتستفيد من أي فرصة
أو ثغرة أو حادث يمكن التسلل من خلاله لشنّ موجات من الحرب النفسية على
الناس.
طبعاً بعض هذه الشائعات ركزت أيضاً على جوانب وأبعاد طائفية،
وكل الغرض والذي كان يقال والذي كان هدفهم والذي يعبرون عنه والذي تحدثوا
عنه في الإعلام وبعض المقالات ما يلي: انه بعد مدينة جسر الشغور ـ نحن
سنحاول أن نكون واقعيين وأريد أن أتحدث بشفافية ـ وقبلها كانت قد سقطت
مدينة أدلب في يد المسلحيين، يعني انتهى النظام، يعني هذه هي أيامه الأخيرة
وأسابيعه الاخيرة. هذا الذي كانوا يعملون عليه وأنا اختصره من أجل التعليق
عليه، لا أريد أن أكون جزءاً من الحرب النفسية، الجيش السوري فقد قدرته
على المواجهة ويتهاوى، بعضهم قال أيضاً في سياق هذه الحرب إن حلفاء سوريا
تخلوا عنها، ايران باعتها في النووي، روسيا أيضاً لا أدري أين باعتها،
حلفاء سوريا يتخلون عنها، الوضع داخل سوريا أيضاً بالشائعات والأكاذيب وضع
صعب، والناس تفكر إلى أين سوف تهرب وإلى أين سوف تذهب وإلى أين سوف تلتجئ.
يعني تصوير غريب عجيب، مثلاً من الأكاذيب أنهم قالوا إن الساحل السوري أصبح
على قاب قوسيين أو أدنى من السقوط، وبالتالي (هم ذكروا هنا الموضوع
الطائفي) فإن أعداداً هائلة من العلويين يأتون أو يزحفون من الساحل السوري
باتجاه الحدود اللبنانية وأن الحكومة اللبنانية ستمنعهم من الدخول وحزب
الله يضغط على الحكومة اللبنانية للسماح لهم للدخول إلى لبنان. يعني الكذب
ببلاش – الكذب ببلاش. أو مثلاً إن بعض الشائعات التي أشيعت أن النظام في
سوريا طلب من العلويين على سبيل المثال في دمشق وفي منطقة معينة من دمشق أن
يغادروا أو يخرجوا من دمشق وهذا ليس له أي أساس من الصحة.
إذاً ما
كنا أمامه وما نحن أمامه الآن هو حرب نفسية تريد أن تنال من إرادة السوريين
ومن عزيمتهم ومن صمودهم، وتريد أن تحقق بالأكاذيب وبالشائعات وبالحرب
النفسية ما عجزوا عن تحقيقة خلال حرب كونية على سوريا منذ أربع سنوات.
طبعاً هذا النوع من الشائعات ينفع في بعض الأحيان، مثلاً في الموصل، في
صلاح الدين، هذه التجربة، تجربة داعش في العراق نفعت، أي أن جزءاً كبيراً
من الحرب كان حرباً دعائية وحرباً نفسية.
أولاً: يجب أن نعقب على هذا
الموضوع. يجب أن لا يصغي أحد لهذه الأكاذيب ولهذه الشائعات ولهذه الحرب
النفسية. هذا بالعنوان العريض. يجب أن ندرك جميعاً وبالخصوص كسوريين
وكلبنانيين أن هذا الذي يقال هذا كله في الحقيقة حرب نفسية وهو ليس يجديد،
نحن منذ أربع سنوات نسمع أن النظام انتهى والناس تريد أن تستسلم والناس
تريد أن تهرب والناس – الناس والناس، مع العلم أنه عندما كنا نسمع هذا
الكلام قبل أربع سنوات كانت الظروف أصعب وأقسى مما كانت عليه الآن الظروف
داخل سوريا، المعارك داخل سوريا، في دمشق، في حلب، في حمص، داخل المدن، في
كثير من المناطق، الوضع الإقليمي، الوضع الدولي.. الآن الأمور مختلفة
كثيراً، تحولات وتطورات دولية وإقليمية وداخلية في سوريا وأيضاً حصلت خلال
هذه السنوات تجعلنا بعيدين جداً عن هذه التكهنات.
مثلا مما قيل ومن أجل أن أجيب عليها واحدةً واحدة:
1- ما يقال عن الموقف الإيراني غير صحيح، وقيل أيام عندما خطب سماحة
الامام الخامنئي دام ظله تحدث عن هذا الموضوع بالتحديد وقال نحن نفاوض على
النووي وليس هناك شيء غبر النووي، وحتى ونحن نفاوض على النووي نحن حريصون
جداً على مصالح حلفائنا ولن يكون هناك شيء على حساب حلفاءنا. هذا الكلام
فارغ أن إيران تخلت عن سوريا أو في وارد التخلي عن سوريا
2- روسيا
كذلك، في الحد الأدنى أنا لا أعرف بروسيا كما أعرف في إيران، لكن لا يوجد
أي مؤشر ولو صغير جداً يقول لنا إن القيادة الروسية مثلاً هي في وارد أو
بدات تتخلى عن الوضع في سوريا.
نعم ما يحصل أحياناً في الميدان علينا
أن نبحث عن أسبابه الميدانية. سقطت إدلب، يجب أن نبحث لماذا سقطت إدلب، وضع
المسلحين، وضع الجيش، وضع القوات، هل هناك خلل في الإدارة، في القيادة، في
اللوجستي، سقطت جسر الشغور لماذا؟ فلنفتش عن الأسباب الميدانية، لا نأخذها
بسرعة على الدولي والإقليمي والحلفاء والوضع الداخلي وإرادة النظام
والجيش. كيف هذا النظام يتهاوى وهذا الجيش ينهار وهو يقاتل في جبهات كثيرة
ويصمد في جبهات كثيرة ويحقق إنجازات يومية أحياناً، كيف يعني؟ كيف نجمع بين
القولين؟ الصحيح عندما يحصل أي خلل في أي مكان أن نذهب لندقق في الأسباب
التي أدت إلى هذا الخلل أو إلى هذه الثغرة والعمل على معالجتها وعدم
تكرارها.
في أي حرب أيها الإخوة والأخوات يوجد جولات، من يربح الجولة
لا يعني أنه ربح الحرب ولطلما ربح الجيش السوري والدفاع الوطني والدفاع
الشعبي والقوات الشعبية وحلفاء سوريا جولات منذ أربع سنوات إلى اليوم ولكن
لم يدّعوا أنهم ربحوا الحرب. وقد يخسر الإنسان جولة، هذا لا يعني أنه خسر
الحرب، لطالما ربح الجيش السوري ومن معه خلال السنوات الماضية جولات طويلة
وعريضة وكبيرة. لذلك الآن أقصى ما يمكن أن يقولوه ولهم أن يقولوا إن هناك
جولة في مكان ما خسرها هذا الفريق، ربحها هذا الفريق، لكن أن يُبنى على هذه
الجولة أو تلك الجولة نتائج متسرعة ويتم استغلالها في هذه الحرب النفسية
هو أمر بعيد عن الواقع، ولطالما هؤلاء الذين شنّوا الحروب النفسية، لطالما
خيّبوا جمهورهم وأتباعهم وخيّبوا أنفسهم وخابت آمالهم عندما كان المشهد
الميداني يتغير في جولات أخرى وهو يتغير الآن في العديد من الجولات وسيتغير
إن شاء الله.
إذاً الموضوع هذه حدوده ولا يجوز أن يتأثر أحد في هذا
الأمر، طبعاً بلبنان نحن عندنا أناس عجولين كثيراً لهم من أربع سنين
مستعجلين وما زالوا مستعجلين وبسرعة أن يهنئوا بعضهم وبعد ذلك يكتشفون أن
هذا عرس كاذب، لا يوجد عريس ولا عروس ويضحكون على بعضهم.
بكل الأحوال، يجب أن ننتبه إلى هذا الأمر وأن نعي هذه الجوانب كلها.
فيما يتعلق بحزب الله أيضاً أود أن أقول في هذه الليلة لأهلنا وشعبنا
العزيز في سوريا: نحن كنا معكم وسنبقى معكم وإلى جانبكم وأياً تكن التطورات
وحيث يجب أن نكون كنا وحيث يجب أن نكون سنكون، وفي الآونة الأخيرة أيضاً
ذهبنا إلى أماكن لم نتواجد فيها خلال السنوات الماضية. نحن نعتقد أن هذه
المعركة هي ليست معركة الشعب السوري، هذا قلناه منذ بداية دخولنا في هذه
المعركة، نحن لم ندخل لأسباب عاطفية ولا لأسباب شخصية ولا لأسباب فئوية أو
طائفية أو حزبية، نحن دخلنا بناء على تشخيص واضح لم يتغير بل تؤكده وتؤيده
الشواهد كل يوم، وهو الدفاع عنا وعن سوريا وعن لبنان وعن كل المنطقة..
كذلك في مواجهة هذا التهديد لو كنا نريد أن ننتظر الاجماع لكانت هذه
الجماعات المسلحة الآن في الكثير من المناطق اللبنانية، دون أن أدخل في
أسماء.. وبالتالي هذا الموضوع نحن إن شاء الله سنذهب إلى معالجته ونتحمل
هذه المسؤولية وهذه التضحيات. هناك من يقول الآن أنتم من الذي كلفكم؟
نحن إذا كان لا يريد أحد أن يواجه الخطر ويقف بوجه التهديد ولا يريد أن
يدفع الخطر عن بلده عن شعبه وعن أهله ولا يريد أن يحرك ساكناً، هذا شأنه،
لكن هذا هو تكليف إنساني وأخلاقي ووطني وديني ومن يتخلف عن هذا التكليف إذا
كان يستطيع أن يقوم به فهو يتحمل كل هذا الجانب في المسؤولية، نعم هناك من
يقف معنا ويؤدي هذا التكليف على المستوى السياسي أو الإعلامي أو المساندة
الاعلامية والمساندة الشعبية أو التأييد، وكل هذا طبعاً مشكور ومطلوب ونحن
ممنونون فيه.
نحن في هذا الأمر ندفع ضريبة الدم ليحيا الناس بأمن وإستقرار وكرامة، ولا أريد أن أدخل الآن بجدل "من جاء بالثاني وأدخل الثاني" .
المنطقة كلها، عندما نضع العصبيات جانباً، نحاول أن نكون موضوعيين، نعود
ونجري قراءة للمنطقة من أربع سنين ونيّف لليوم، الكل يعرف ويكتشف، حتى
الذين جاؤوا بهذه الجماعات المسلحة إلى المنطقة ليسقطوا أنظمة وليغيروا
معادلات، أعتقد أنهم الآن فهموا واكتشفوا أن هذه الجماعات هي خارج السيطرة
وأنها سحر ينقلب على الساحر وأنه ليس لديها قيم وضوابط ولا قانون ولا حتى
شريعة، ولديها فهم منحرف ومتوحش للإسلام، وانها تشكل تهديداً للجميع. إلى
أن يقتنع هؤلاء، نحن الذين اقتنعنا منذ مدة طويلة سنتحمل مسؤوليتنا ونقدم
التضحيات في إطار هذه المسؤولية، متوكلين على الله سبحانه وتعالى، واثقين
بنصره عز وجل وتأييده لنا، وما النصر إلا من عند الله..
في كل معارك
الشرف الذي يدافع فيها عن الأوطان وعن الشعوب وعن الكرامات وعن الحريات وعن
المقدسات، عندما نؤدي هذا الواجب ونصغي لنداء الله، من الطبيعي جداً أن
يفي الله بوعده وهو الذي يصدق وعده بأن يمنّ على عباده المؤمنين المجاهدين
بالنصر في كل الساحات.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...