كثر هم السينمائيون والمخرجون الإيرانيون الذين اهتموا بسينما الحرب، فأنتجوا وأخرجوا أفلاماً عن الحرب والدفاع المقدس. ولدينا أسماء كثيرة في هذا النوع من الأفلام، ولكن، قلائل هم الذين قاموا بتركيز أعمالهم على سينما الدفاع المقدس، واستطاعوا أن يتركوا بصمة خالدة في هذا المجال. لهذا قمنا باختيار اسمين بارزين من المخرجين الذين ركزوا أعمالهم السينمائية على الجبهة فبرزت أفلامهم في داخل وخارج إيران وهما إبراهيم حاتمي كيا ورسول ملا قلي بور علماً أن هناك أسماء أخرى كبيرة مثل كمال تبريزى، جمال شورجه، شهريار بحراني وغيرهم..
• إبراهيم حاتمي كيا:
ولد سنة 1961 في طهران، في عائلة أصلها من محافظة آذربيجان الواقعة في شمال غربي إيران. درس السينما في فرع كتابة السيناريو في جامعة "هنر" (الفن) في طهران، وبدأ نشاطه السينمائي منذ سنة 1980 مع كتابة السيناريو وإخراج أفلامه القصيرة عن الجبهة والحرب، ومهد السبيل أمام نفسه لإخراج أفلامه السينمائية الطويلة.
يعتبر حاتمي كيا من المخرجين الملتزمين بسينما الحرب الى حد كبير، وهو يعتبر أبرز مخرج سينمائي في هذا المجال، وكانت مشاركته في الحرب هي التي جعلته يهتم بشكل مركز بإخراج أفلام عن الحرب المفروضة وأحداثها وتبعاتها.
في حديث له عن أهمية سينما الدفاع المقدس في إيران بعد الثورة يقول: " لم ينجز عمل ضخم عن هوية الثورة في الإنتاجات الفنية خصوصاً في السينما. وفي سينما الحرب فقط يمكن رؤية هوية النظام، وإنني – عدا سينما الحرب- لا أرى إلا فروع السينما، مثل السينما الاجتماعية والسياسية المتعلقة بهذه النهضة..”
ويقول في احد حواراته الصحافية عن أفلامه: "..حاولت أن أراعي حقوق الأفكار المختلفة في ظاهرها، وإن كانت مراعاة الحق أمراً نسبياً. لقد حاولت، حتى في أفلامي عن الحرب، ألا أقوم بتحقير الجندي العراقي كعدو. هذه الميزة ليست تكتيكاً بالنسبة إليّ، إنها شيء في نفسيتي الشخصية. لا أستطيع ككاتب سيناريو أن أخلق شخصية من أجل تحقيرها.. إنني أحترم بعض شخصيات السيناريو، وأعطي جانباً من الحق لهم، لكنني لا أحب بعض الشخصيات الأخرى، وأتعاطف معها".
وقد حاول أيضاً إعطاء دور مهم للمرأة في أفلام الجبهة، ويقول عن ذلك: " أصر دائماً على أن أرفع دور المرأة في الجبهة، من مجرد صنع الجندي لإرساله الى الجبهات وخياطة الثياب للمناضلين في مركز قوات التعبئة في المساجد، ولأجعلها شريكة في الحرب".
أخرج حاتمي كيا سنة 1985 فيلمه الطويل الأول "هويت" (الهوية) للقناة الثانية للتلفزيون الإيراني، وتطرق فيه الى الأمور الاجتماعية في تلك الأيام التي سيطرت عليها الأحداث السياسية، أي في السنوات الأولى بعد الثورة. حاول فيه أن يعطي نظرة واقعية عن الانتماءات السياسية في تلك الفترة المليئة بالاضطرابات، لكنه تعرض لبعض الانتقادات أيضاً باعتباره يمثل وجهة نظر من طرف واحد. وقد كان الفيلم تمهيداً لإخراج أفلام تحتوي على أفكار إجتماعية جديدة.
كان فيلم الراصد تجربة حاتمي كيا الثانية في صناعة الأفلام سنة 1988 . وهو يعتبر تجربة جيدة عن الحرب. تتالت بعده الأفلام الحربية فكان فيلم المهاجر سنة 1989 ومن ثم وصل نيكان (وصال الصالحين) سنة 1991 الذي استطاع فيه أن ينقل الأحاسيس السائدة في محيط الحرب والجبهات الى الحياة اليومية في المدينة.
وبعد ذلك كان فيلم (از كرخه تا راين) سنة 1992 الذي يعتبره الكثيرون من أفضل أعمال حاتمي كيا لأنه يتطرق الى تبعات الحرب من زوايا مختلفة.
سنة 1993 أخرح فيلم (الرماد الأخضر) الذي كان تجربة مختلفة في السينما الإيرانية حيث يتحدث عن حب في فضاء حربي في بوسنيا بين مراسل إيراني وفتاة من بوسنيا.
بعد سنتين أي عام 1995 أخرج "رائحة قميص يوسف"، " برج مينو" وفي عام 1999 كان تألق أفلام حاتمي كيا مع فيلم (الوكالة الزجاجية) حيث قوبل بترحيب كبير من المشاهدين.
وقد تتابعت أفلامه التي تنوعت بين نكهة الجبهة مع معالجة قضايا اجتماعية إنسانية مثل: الارتفاع المنخفض، اللون الأرجواني، باسم الأب، الدعوة..
حصل حاتمي كيا على جوائز من مهرجانات مختلفة خصوصاً في مهرجان الفجر الدولي، كما أخرج مسلسلات. وقد تميز ب كونه كاتب سيناريوهات أفلامه.
آخر إبداعات المخرج كيا كان فيلم "چ" الذي يتناول حقبة من حياة المهندس الشهيد مصطفى شمران في جهاده الى جانب الشعب الإيراني الكردي...