وئام أحمد
لقد تنوعت الشخصيات التي برزت في أفلام الدفاع المقدس الإيرانية أو أفلام الجبهة وذلك يعود الى أن من المهمات التي قامت عليها هذه السينما هو تشجيع الشباب على المشاركة في الجهاد. من هنا فقد تنوعت الشخصيات التي شاركت في هذه الحرب المفروضة، حيث نرى في العديد من الأفلام أن أناساً عاديين يحملون البنادق وينطلقون نحو الجبهة. ففي فيلم "كيلومتر بنج" (الكيلومتر الخامس) للمخرج حجة الله يوسفي سنة 1983 كان عمال السكة الحديدية يعشقون المشاركة في الجبهة، وفي فيلم "رهايى" (الخلاص) لرسول صدر عاملي سنة 1983 ذهب شاب الى الجبهة متطوعاً ففقد رجله فعاد الى بيته. أما الرجل المشتاق للجبهة في فيلم "ما ايستاده ايم" ( نحن واقفون) لأكبر حر سنة 1984 فحضر الى الجبهة من دون رضى زوجته، وبعد أن جرح وجد زوجته مشغولة بشؤون الحرب في الجبهة الخلفية. وحتى طفل من إحدى العشائر العربية في فيلم "سرباز كوجك" (الجندي الصغير) لسعيد بخشعليان سنة 1984 فقد التحق بالجنود. وفي النهاية حتى الذي لم يكن يرغب بالمشاركة في الجبهة، مثل الجندي في فيلم "ديار عاشقان" (ديار العاشقين) لحسن كاربخش سنة 1983 الذي شغل نفسه في المطبخ بعد حضوره الى الجبهة فقد تحول الى جندي حقيقي.
هناك نوع آخر من شخصيات هذه الأفلام وهو الذي يبدو وكأنه ليس له أي علاقة بعالم المدينة، ويعتاد على الجبهات كما لو أنه في بيته. لا نعرف شيئاً عن ماضيه وعن عائلته، ولا يتحدث كثيراً، ويبتسم ابتسامات كاريزمانية. إنه إنسان عادي لا يتمتع بقدرات خارقة كما في الأفلام الأميركية. يبقى على حدة ولكنه في الوقت نفسه يصبح بطلاً كبيراً كأصحاب القدرات الخارقة.
هذا النوع من الأبطال ظهر في فيلمي "ديده بان" (الحارس) سنة 1988 و"مهاجر" (المهاجر) سنة 1990 لإبراهيم حاتمي كيا. يحمل البطل في فيلم الحارس آلة تصوير بدل السلاح، وفي المهاجر يحمل جهاز تحكم بطائرة صغيرة.
هناك نماذج أخرى لهذا النوع من الأبطال، منها فيلم "نينوا" لرسول ملا قلى بور سنة 1984، و"آواى غيب" (نداء الغيب) لسعيد حاجي ميري سنة 1984، و"انسان وأسلحة" (الإنسان والسلاح) لمجتبى راعي سنة 1988، و"وروزنه" ( المنقذ) لجمال شورجه سنة 1989، و"جشم شيشه اى" (العين الزجاجية) لحسين قاسمي جامي سنة 1991 .
في سينما الدفاع المقدس لا يختلف الناس عن بعضهم بعضاً كثيراً، إن كان من ناحية الشكل الخارجي أو من ناحية الأخلاق والتعامل، ولا يوجد تأكيد على الدرجات والرتب العسكرية، أو تحكم القائد بالجنود، ويتمتع الأبطال بوجوه هادئة وقلوب شجاعة ومطمئنة.
قال كاتب سينمائي معبراً عن هذه الحالة:" إن اجتماع الجنود في الفيلم، لا يحدث تغييراً كبيراً في الناحية الدرامية للفيلم. ويعتبر الشخص الواحد كالجميع، والجميع كالشخص نفسه، وفي ذلك نوع من المجاملة أو عدم إيجاد الفواصل بين آراء الأشخاص وتصرفاتهم، ما أدى الى أن تشبه الأفلام بعضها بعضاً"...
لكن هناك بعض الأفلام غير الحربية التي تستعمل الحرب والأوضاع الحربية السائدة في البلد لتكون خلفية لها، من أبرزها فيلم "باشو غريبه كوجك" (باشو الغريب الصغير) للمخرج بهرام بيضائي الذي أخرجه سنة 1986. وهو عن قصة طفل يدعى باشو يعيش في جنوب إيران، حيث مركز الحرب، وبعد قصف جوي للمنطقة، وبعدما قتل والداه تحت القصف، ركب سراً شاحنة وهرب من مسقط رأسه، وعندما فتح ستار الشاحنة وجد نفسه في شمال البلد، ولجأ الى مزرعة تعود الى امرأة تدير المزرعة في غياب زوجها الذي يشارك في الحرب. وبالرغم من أن المرأة تتحدث باللغة الفارسية باللهجة الشمالية الكيلانية، يتحدث الطفل باللغة الجنوبية العربية، فلا يفهمان كلام بعضهما بعضاً وهكذا نشأت علاقة عاطفية بينهما، وقررت المرأة على إثرها تبني الطفل، وقامت بذلك بعدما أبرقت الى زوجها برسالة تخبره عن قرارها، ورغم معارضته بدأ باشو حياته في بيت المرأة، فبدأ يساعدها في أعمال المزرعة، وعندما يعود الزوج يقبل به فرداً من العائلة.
في الخلاصة فإن هذا الفيلم يتطرق الى موضوع وجود القوميات والثقافات المتعددة والتعامل فيما بينها ولزوم تعاونها في أيام الأزمة في البلد مثل الحرب.