مصعب قشمر
لا يخفى على "إسرائيل" ما يجري على الجبهة الجنوبية السورية. مشهد الارتياح الذي بدا على وجوه قادة العدو من وجود "جبهة النصرة " على تماس معها لما تشكله من حالة اطمئنان لجبهتها في الجولان، وما يمكن أن تشكله من عدم استقرار لسوريا، يبدو أنه آيل الى الاندثار، ويتبدل نحو مشهد مغاير لينعكس ارتباكاً "إسرائيلياً" بعدما فتح الجيش السوري معركة استعادة السيطرة على القنيطرة وباقي المنطقة التي تخضع لسيطرة "جبهة النصرة" في الجولان. القلق الصهيوني ترجم تخوفاً من استعادة الجيش السوري للمبادرة في هذه المنطقة وخسارته المجالات الامنية التي وفرتها له المجموعات المسلحة.
محلل الشؤون العربية إيهود يعري عبّر بشكل واضح عما يعتري قادة الاحتلال من قلق، وقال إن الجيش السوري انتقل لمرحلة الهجوم مدعوماً بوحدات من حزب الله، مشيراً الى أن الهجوم يهدف الى دفع المسلحين نحو "الحدود". ولم يتأخر الصحافي عوديد غرانوت عن إظهار توتر الصهاينة حيث قال إن الجيش السوري والحرس الثوري الايراني وحزب الله سيكثفون جهدهم لإعادة السيطرة على هضبة الجولان وتفكيك ما يسمونه المنطقة الامنية "لإسرائيل".
لماذا كل هذا القلق "الاسرائيلي" من استعادة الجيش السوري السيطرة على المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين؟
العميد المتقاعد أمين حطيط يرجع القلق "الإسرائيلي" الى أمرين:
السبب الأول يتعلق مباشرة بالاستراتيجية "الاسرائيلية" التي تقوم على إنشاء حزام أمني يسطر عليه جيش "لحد سوري" متمثل بـ"جبهة النصرة". وفتح المعركة بهذه الطريقة يعني ان السوريين أقوياء ويملكون الإرادة الهجومية لإجهاض الخطط العدوانية "الإسرائيلية"، كما أن الهجوم السوري يؤدي الى إجهاض الخطة "الاسرائيلية" التي أرادت أن تجعل الجولان في غياهب النسيان، وبذلك تكون "إسرائيل" بعد أن خسرت مشروع إسقاط سوريا، فإنها تخسر مشروع الحزام الامني.
السببب الثاني برأي حطيط أن الخطة الاميركية الرابعة التي تأتي في سياق العدوان على سوريا (الخطة تقضي بدخول قوات عسكرية أردنية براً الى سوريا لمحاربة "داعش" ) ترتكز بشكل أو بآخر على وجود الجولان بيد الإرهابيين، وعندما تقدم سوريا على توجيه ضربة استباقية ضد الجماعات المسلحة، فإنها ستؤثر على احتمال نجاح الخطة الأميركية.
ويضيف حطيط أن العمل السوري اليوم وإن كان عملاً ميدانياً، إلا أنه يعتبر ضربة إستراتيجية عالية المستوى لإجهاض أحلام "إسرائيل" والخطة الاميركية.
لكن ما هي الخسارة التي تمنى بها "اسرائيل" في حال استعادة الجيش السوري المنطقة؟
يرى حطيط أن خسارة "اسرئيل" تتمثل في 3 نقاط:
1- وجود المكون السوري في حوران
2- فتح الجبهات بعد تثبيت معادلة توازن الردع التي أرساها حزب الله
3- اجتثاث "جبهة النصرة" من المنطقة.
بدوره اعتبر العميد المتقاعد الياس فرحات أن أي استعادة للجيش السوري السيطرة على الجولان من تنظيم "القاعدة" يشكل قلقاً "إسرائيلياً" لانها لا تريد للوضع ان يبقى مستقراً، كون وجود القاعدة لا يشكل خطراً عليها. أما الخسارة "الإسرائيلية" في حال استعادة الجيش السوري السيطرة على الجولان فتعني وجود جهوزية عسكرية لدولة على حدودها.
يعرف "الإسرائيليون" جيداً أن الجيش السوري يضع الجبهة الجنوبية في سلم أولوياته، كونها تشكل عاملاً إستراتيجياً، ليس أقله قطع طرق الإمداد على المسلحين، وإنهاك "جبهة النصرة"، وإفشال مخططهم بإقامة حزام أمني في الجولان.