زينب صالح
"جهاد عماد مغنية" اسمٌ ليس جديداً على مسمعي، ليس لإنّه نجل القائد الكبير، بل لأنّه لمع في حياته كصفحة شمسٍ ترسم خطوطاً من صورة الأسطورة "عماد مغنية".
كانت المرة الأولى التي سمعت فيها ذلك الاسم في قاعة مسجد القائم، أثناء توزيع جوائز مسابقة الشّهيد مرتضى مطهري، المسابقة التي يفوز فيها من بين آلاف المتبارين، صاحب البديهة، والذكاء العملي السريع، ومن أبحر في فكر الشهيد المطهّري. عندها، وقفنا جميعاً، وصفّقنا بحرارةٍ كبيرةٍ وتأثّر عالٍ، تأثر بسماع اسم الشاب الجامعي الذي يُعيد فينا وبيننا وإلينا روح والده الشهيد، مَن يتّم برحيله قلوب العارفين بجميله..
"جهاد عماد مغنية" يعني أنّ عماد مغنية بيننا ومعنا، وأنّ نجله كشبابنا، يكتسبون العلم ليتقنوا أكثر فنّ المقاومة والانتقام.. لنا.. ومن أجلنا.
احترمنا ذاك الاسم وخجلنا منه، فكلّنا يعرف أنّ جهاد لم يعش يوماً كما نعيش جميعاً مع آبائنا..
جهاد حُرِمَ مواقف كثيرةً يقول فيها الطفل فخوراً أمام أصدقائه "هذا أبي".. حُرِم جلسات ودٍّ كثيرةٍ من أجل أن ننعم نحن بالهناء والطمأنينة مع آبائنا. استفاق أياماً كثيرةً عند الصباح دون أن يوصله والده الى المدرسة، أو يصطحبه منها، وأيقن كما أطفال المجاهدين العظماء، بأنّ والده يختلف عن باقي الآباء، وأنّ عليه مراعاة ذلك الاختلاف، برحابة صدر وبراءة، من أجل الوطن..
عاش حياةً ملؤها قواعدُ لم نعرفها نحن يوماً، لأنّ والده كان مَن أسّس لنا قواعد السلام والكرامة.
خجلنا منك يا جهاد في ذلك الوقت وأنت تتسلم جائزتك لتكون لنا قدوةً، في السلوك والمثابرة واكتساب الثقافة. خجلنا منك رابحاً لا يملك أباً ليعانقه فرحاً، وليس له لوصاله سوى روضةٍ صمّاء لا تجيد لغة الشوق والعناق.. فكنّا نعرف يا جهاد، أنّنا نعيش ونقتات عزّتنا من خبز حرمانك وصبرك وإيمانك..
والآن أيها الشهيد، بعد سنواتٍ من ذلك النّهار، ترينا نفسك مجاهداً في ريعان الشباب، في الصفوف الأكثر خطراً، تتجوّل في ربوعٍ تؤمّن لنا المزيد من قواعد الكرامة..
لكنّ نهارنا اليوم مختلفٌ عن ذلك النّهار، فنحن لن نخجل منك، بل سنبتسم ملء عين جراحٍ أنتم أزهارها..
سنفرح لأنّك وأخيراً داويت حرماناً أخجلنا، بلقاءٍ أبديٍّ سرمديٍّ، مع أبٍ وقائدٍ وشهيدٍ نهفو جميعاً الى نظرةٍ منه واليه..
فهنيئاً لك الشهادة..