زينب صالح
رغم اختلاف جنسيّات الشّيعة الوافدين من كل بلاد العالم الى الأماكن المقدسة في العراق في مناسبة الأربعين وغيرها، للبنانيّ هيبةٌ وامتيازٌ عند العراقيّين، سواءٌ عند حواجز ونقاط التفتيش، أو في الفنادق والأسواق، لأنّه من بلد المقاومة، بلد "السّيد حسن نصر الله".
الشعب الذّي هزم "إسرائيل"
"أنتم هزمتم إسرائيل ونحن بعد لم نهزم عصابات داعش". بهذه العبارة حيّا أحد التجّار العراقيين مجموعةً من اللبنانيين كانوا قد مرّوا الى محلّه التجاري. عبارةٌ تختصر نظرة الشّعب العراقيّ الى أهل لبنان وخاصةً الجنوبيين منهم.
"يميّزنا العراقيّون من أشكالنا وطريقة لباسنا وفولاراتنا التي تحمل اسم لبنان. وحينما يروننا يحيّوننا لأنّنا أهل المقاومة ومن هزم إسرائيل"، تقول ن. ب. التي كانت في زيارة الى الأماكن المقدّسة في العراق. وتضيف: "سألني تاجرٌ عراقيٌّ عن مكان سكني، وعندما أخبرته أنّني من الجنوب، طلب منّي وصف شعوري بصفتي جارةً للكيان الصهيونيّ، قائلاً إنه لا يتخيّل شعور مجاورة إسرائيل. وأضاف أنّنا نحن اللبنانيين نتمتّع بشجاعةٍ كبيرةٍ تبهرهم، وتثير إعجابهم بنا".
أنتم الشرف والكرامة!
في ذروة الازدحام عند نقاط التفتيش عند المقامات، للبناني أو اللبنانية استثناءٌ يرسم البسمة على وجوه المفتشين، ترافقها عبارة "أهلاً وسهلاً باللبنانيين"، والسبب: "أنتم شعب المقاومة، من بلد السيد حسن نصر الله، صانع كرامة العرب."
يجمع الزوار اللبنانيون على فرحة الشعب العراقيّ بالضيوف اللبنانيين، فتقول ميساء أحمد واصفةً المشهد: "يشعر العراقيون بالسعادة عندما يروننا، ويهتفون: أنتم الشرف والكرامة، هنيئاً لكم بالسيد حسن نصر الله". وتقول، بعد زيارتها للعراق الشهر المنصرم: "بعد دخول داعش الى العراق، أصبح العراقيون يشعرون بالقرب منّا، وصاروا يؤيدون خيار المقاومة أكثر من السابق، خاصةً وأننا وإياهم نمر في مرحلةٍ واحدة، لأنّ عدوّنا واحدٌ. ولفتني أمرٌ في داخل المقام، أن النساء العراقيات يدعون للمقاومة اللبنانية والمقاومين اللبنانيين كما يدعون للمقاومة العراقية وشبابهن، إذ يشعرن بأنّ شبابنا هم حماة الشعب العربي والإسلامي." وتضيف ممازحةً: " نتمتع بامتيازاتٍ هناك لأنّنا لبنانيات، فأحياناً نمر من دون تفتيش لثقتهم بنا، ويطلبون منا أن نوصل سلامهم الى السيد نصر الله كأنّنا نراه كل يوم، قائلين: المقاومة وحزب الله هم فخر العرب."
تؤكد آراء العراقيين على أنّ مرحلة ما بعد "داعش" تختلف عمّا قبلها. إذ حرّكت العصابات التكفيرية التي هدّدت مقام السيدة زينب ابنة أمير المؤمنين(ع) حسّ الجهاد عند الشباب العراقي الذّي تطوّع للجهاد الى جانب السوريين واللبنانيين في الشام في المرحلة الماضية، الأمر الذّي سمح بالتعرّف أكثر إلى الشباب اللبناني المقاوم.
"مذ بدأت مرحلة الجهاد في سوريا ضدّ التّكفيريّين للدّفاع عن مقام السّيدة زينب، بدأ الشّباب بالذّهاب الى هناك للجهاد، وعند الحديث عن المقاومة، لا يستطيع أحدٌ تجاهل دور وجدارة المقاومة اللبنانية".
في طريقه الى مقام الإمامين الكاظميّين عليهما السلام، رافق أحمد لبنانيّين لإرشادهم الى الطريق المختصرة، بعيداً عن الزحام. أحمد كان عائداً من دورةٍ تدريبيةٍ تؤهله للانضمام الى صفوف المقاومة العراقية ضد داعش. قال "كنّا للتوّ في دورة تدريبيةٍ، وعند الحديث عن حرب العصابات والقتال، تتّجه الأنظار نحو المقاومة في لبنان، فاللّبنانيون أبدوا مهارة وجدارة في القتال وحرب العصابات، إن ضدّ إسرائيل أو العصابات التكفيرية".
من جهةٍ أخرى، يرى "حيدر الشويلي" أن دخول "داعش" على الساحة العربية، أحدث تغيراً نوعياً في اهتمامات الشعب، إذ "من لم يكن يهتم لأخبار المقاومة صار يتابعها، ومن كان ضدّها صار معها"، مشيراً الى أنّ أغلبية الشيعة في العراق هم من مؤيّدي المقاومة اللبنانية.
ويطرح الرجل العراقي مسألة ضعف الإعلام الشّيعي وتقصيره في تسليط الضوء على المقاومة قائلاً: " لم يسمح لنا الإعلام في التعرف إلى المقاومة، وهو يتحمل مسؤولية كبيرةً في نظرة الشعب الى هذه المسألة، فالإعلام الشيعي هو الأضعف في مقابل قنواتٍ أخرى معادية، إذ نحتاج الى قناةٍ منفتحةٍ ذات خطابٍ خارجيٍّ". بدوره غسّان الحارس، يتحدّث عن الحاجة الى إعلامٍ موضوعيًّ وجريء لنقل وتوضيح صورة المقاومة قائلاً: "نحن نطمح لأن يتمتّع إعلام المقاومة بقوةٍ عالية وشجاعةٍ لكي تتّضح للعالم والأمّة أهداف هذه المقاومة التي تقاتل داعش، إذ إنّ 90% من حرب داعش هو تضخيمٌ اعلاميٌّ لتلك العصابات. فمع كل الجهود التي تبذلها قناة المنار-التي نتابعها- فهي وحدها لا تكفي، وسط هذا التزاحم من قبل القنوات الإعلامية العربية على إغراء الشباب وشدّ أنظارهم واهتمامهم عن المقاومة، وتشويه صورتها".
بدوره أحمد رضا المؤمن، يقول: "إنّ النظرة العراقية للمقاومة اللبنانية هي كنظرة التوأم لأخيه أو أكثر، ولكنّ طبيعة الظروف والتحديات السياسية جعلت الاصطفاف طائفياً، بحيث نجد التفاعل والتأييد لفصائل المقاومة اللبنانية والعراقية أغلبه في الوسط الشيعي".