يا صديقي كنت هناك أرقب ضوء الغرفة مبتسمًا. ما جف العشق منذ السحر. للفجر أسمع ترتيل ودعاء، دموع و مناجاة، و فيض كتاب الرحمن، خلتها لهنيهة خيمة في كربلاء و أنت عابس.
قام الصبح فقمت. نسيت صلاتي وأخذني خشوعك: عينان ذابلتان أسكرتهما لوعة الحنين. صوت ملائكي كأنه الساعةَ وُلد. حبيبات نور زينت أنامل القنوت. عقيق تخمر. ولها وفيه اسم أم الأتقياء: فاطمة.
هويتَ للسجود وعينيّ معك. هل لمن رآك تصلي أن تخونه عيناه لحظات. خرجت من دنيانا مهاجرًا إلى ملكوت الخالق. سبحان الله. صلاة وسلام على المصطفى وآله، وكلام لا يتقنه الا المفتون. أطال سجودًا، والنور يتهافت بين كفيه. أنهى، سبح، زار وعاهد إمامه. لبس هامة حربه، حسينيًا يمضي وتمضي الرائعات بقربه. سمعته يتمتم ويحدث نفسه: اليوم مسيرنا إلى كربلاء. هل تعلمين كنه ذاك المكان: أرض طهرها الإله، يسكنها الحسين.
أما الحسين فلا أعلم من يكون، هو إمامي لكنني جاهل عن وصفه، قاصر عن فهم معانيه، يكفيني ذاك القلب، فهو دليلي إلى الحسين، يأخذني مبصرًا بضياء حبه إلى موانئ السكينة، و يناغي روحي بلسمًا نديًا. سنمضي الى هناك، ولن نعود. جاحد من يزور مولاه بغير ثوب الفداء. سنفنى في الحسين ويزهر دمي شجيرات تزين دروب عامل، وحنينًا يتعلق بأعتاب المقام معفرًا بغبار الزائرين، و سنبقى في نور الفناء في الحسين، ابتسامة تداوي، ولو القليل، من حزن زين العابدين و سبي الحوراء.
مضى جواد و لم يعد. يقال إن جسده بقي هناك، لا يريد فراق المحبوب، وصوت يُسمعُ كلَ حين من مقام ارتقائه : "والحب إذا تقدّس"...