المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

"الصاعق الصامت" – سحر غدار الحسيني






ودّع الأرض بصدره و رأسه و يمينه، وأبى "حسين"* إلّا أن يواسي الحسين(ع) في جراحه، ثم ارتفع شهيدًا. إنّه والدي، الشهيد حسين غدّار، المعروف بـ "مُسعِف". شهيد اسمه يذكره قادة المقاومة اليوم، إذ تخرّج من مدرسته مئات المجاهدين . ١٣/١٢/١٩٩٢، تاريخ عبّده بدمه، فكان الوعد مفعولًا. كان والدي أحد رجالات المقاومة الأوائل، الذين حرصوا على تكريس النفس والروح لخدمة هذا النهج المقدّس. لم يتوانَ عن تقديم كل ما يمكنه تقديمه، كي تسمو شعلة المقاومة أكثر وأكثر.
أنا لم أعهده ولا أذكره. كل ما أرويه لكم هو حديث من والدتي ومن أصدقاء الجهاد؛ فهو السبّاق بينهم لاختبار أيّ جديد. فكان أوّل من أطلق عروض النينجا في يوم القدس في لبنان، كمدرب في وحدة الهندسة. كذلك كان له العديد من الفقرات الخاصة به في يوم القدس.
والدي هو من المخترعين لأنواع عبوات بسيطة، إذ كانت ميزانية المقاومة لا تغطي أمورًا كثيرة هي بحاجة إليها، فكان يحضّر العبوة الأساسيّة، ويحضّر على نسقها عبوات من مواد موجودة ومتوفرة. كل ذلك في سبيل خدمة المقاومة وتخفيف الأعباء، فكان كل من يعرفونه يُدهشون من اختراعاته في هذا المجال. كان مبدعًا، وفق ما ينقل أصدقاؤه.
"الصاعق الصامت". لقب أطلقه عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، أثناء كلمته في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد والدي. حينها قال السيّد: "المقاومة خسرت أخًا، روحُه مقدامة ودمه ينبض باسم النهج... رحمك الله أيّها الشهيد مسعف، هنيئًا لك ما نلت".




والدي... ألم الفراق صعب ودربه طويل، إلاّ أنّ العزّ بلقب أبناء الشهيد ليس بعده عزّ. هو المقدام هو السبّاق هو رجل المهمات الصعبة هو صاحب اختصاص "الخطأ الأوّل هو الخطأ الأخير". هو خرّيج مدرسة الحسين(ع) بكلّ معانيها، من نشأته وحتى استشهاده، فكان جسده المتناثر مصداقًا لنهجه... هو صاحب الوصية الراسخة : "إلى من يريد أن ينزلني حفرتي أن يفتح يديّ، إن كانتا موجودتين، حتى يعلم أصحاب الجاه والمال والقصور بأني لم آخذ معي شيئًا من هذه الدنيا. وافتحوا عينيّ، إن كانتا موجودتين، حتى يعلم كل الناس بأني اخترت هذا الطريق بملء إرادتي وعلى بصيرة، ولم أكن مغمض العينين، وقولوا لهم السبب في هذه الأشياء.
(١٣/١/١٩٨٨) كبرنا وذكراك طيف ربّته أمّنا بين أضلعنا، واليوم حسين طفلي يكبر وهو يعلم بأنّ أرقى ما يمكن أن يكون (متل جدو اللي بالجنّة). صوري معك تتكلم الكثير الكثير عن عطفك و حنانك عن فرحتك بي و بأخي الكبير(محمد). والدي كنت مثال الأب المتفاني، ومثال الزوج المخلص والجار الخدوم. كنت كل هذا، فالسماء تعرف من تختار، تنتقي رجالات ليسوا كأيّ رجال، فإنّها تريد النخبة في أحضانها وأنت من النخبة الحق ...
اعذرني لأنّ معجمي بك قليل. سنتان اثنان تلك التي شاء الله أن يجمعني بك فيهما، لكنهما كانتا كفيلتين بأن أمضي ابنة لأطهر الرجال، ابنة شهيد أبيّ. هنيئًا لنا ما أعطيتنا: فخرًا ليس مثله فخر، عزًا ليس مثله عز. أسألك الشفاعة يوم الشفاعة. دامت روحك لي الحارسة، ونهجك لي الدستور، ودمك الوصية. برأسك المتناثر وصدرك الممزق ويمينك المهشمة، أقسم أن أحفظ العهد والنهج وأبقى على خطاك سائرة.


*الشهيد حسين حسن غدار – مواليد الباشورة 1964 – استشهد في 13/12/1992 أثناء تنفيذه مهمة جهادية.
11-تشرين الثاني-2014

تعليقات الزوار

استبيان