من اليمين: محمد مهدي، علي الرضا، فؤاد
اتفقوا على العبور مذ كانوا صغارًا، ومن يصل أولًا يمهّد الطريق لعبور الآخَرَيْن من بعده.
في الحياة، توحّدت أرواحهم في إطار صورةٍ واحدةٍ ضمّتهم معًا قبل حرب تموز 2006: الشّهيد علي الرضا حسّان اللقيس*، الشهيد فؤاد سعيد مرتضى* عن يمينه، والشهيد محمد مهدي أحمد مرتضى* عن شماله. واليوم، اكتملت الصورة مجدّدًا، وكما أرادوا: في الجنان.
وما بين الدنيا، وبين حيث حطّوا طيورًا في سماء الآخرة، سطّروا لذكرياتهم قصصًا، وزيّنوا الرحيل بكثير الدماء. وبعض الكلمات التي نسترق بعضًا منها.
-1-
لم تكتمل استدارة القمر في ربيعه عندما ألحّ على والده الشّهيد حسّان اللّقيس بأن يتصدّى للعدوان في طليعة المواجهات الأمامية إبّان حرب تموز 2006، لكنّ الوالد كان يرفض معللًا:عملك يا ولدي هنا، وهنا تكليفك.
وعندما اشتدّت بـ"علي الرّضا" الرغبة في التّصدي المباشر، قال له والده: لا يجب أن تكون في المواجهات المباشرة حتى تستشهد. فكلّ مياديننا هي ساحات قتالهم، اطلب من ربك الشّهادة، وعندما تختارك، لن تضلّ اليك الطريق.
ابتسم علي بهدوء، بعد أن اطمأنّ من كلام والده، ليمسي بعد أيّامٍ أضحيةً فدت روح الأب القائد عندما أخفقت "إسرائيل" في اغتيال أحد أهمّ مرعبيها في حربها على لبنان، إذ قتلت الولد عوضًا عن أبيه. هكذا ارتفع علي الرّضا إلى الجنان قبل أن يتم سنيه العشرين، بعد قصفٍ إسرائيليٍّ مكثّف فوق نقطته.
-2-
مرّت السنوات، وأثير الشوق يزيد المدى اتّساعًا لصديق العمر "علي الرّضا"، الشهيد الذي عاد اسمه يتردد في بيت صديقه " السيد محمد مهدي مرتضى"، عبر تسمية الأخير مولوده بنفس الاسم.
كبر "علي الرضا" الصّغير وكبرت معه الحكايا عن الأيام العابرة، وهو بعد طفلٌ لم يتجاوز الخامسة من عمره. فذات يومٍ، وبينما " السيد محمد مهدي" يمشي مع ولده "علي الرضا" في جنّة الشّهداء في بعلبك، توقّف قرب روضة الشهيد اللقيس، وقال لطفله : "هذا قبر صديق عمري "علي الرضا" يا ولدي، وبقربه سيكون منزلي الجديد. وأنت عندما تكبر ستزورنا وستخبرنا عنك القصص، ولا تنس بأنك أيضًا ستكون شهيدًا، وستنام قربنا".
بعد أيامٍ، جاء محمد مهدي، للمرة الأخيرة في حياته، لا لمعانقة ولده علي الرضا، بل علي الرضا الطفل كان من ألقى على والده تحية الوداع: "مبروك بيتك الجديد يا أبي".
هكذا، بقي "فؤاد" وحيدًا، إذ نزل محمد مهدي شهيدًا الى روضته، بقرب روضة الشهيد علي الرّضا اللّقيس، كما كان قد أوصى.
فؤاد ...
-3-
للسّيد فؤاد سعيد مرتضى فلسفته الخاصة في العبادات والواجبات الجهادية، وكان دائمًا يقول إنّ "الشهادة هي نتيجةٌ نصل اليها لا مطلبًا". ولكن، قبل يومين من شهادته، قال في سهرةٍ مع إخوته وأصدقائه إنه غيّر رأيه في الموضوع قائلًا: " يصل الإنسان إلى الشهادة عندما يبلغ كماله الخاص، فلكل إنسانٍ نوع من الكمال يختلف عن الآخر، وعندما يصل إليه يستطيع طلب الشهادة". ثم أخبر الحاضرين بأنه قد طلبها من فترةٍ وجيزة.
في عيد الأضحى المبارك، عندما شنّ التكفيريون هجومًا على قرى البقاع، كان السّيد فؤاد في طليعة المتصدّين، ليكون مع زملائه الشهداء، أضاحيَ العيد، للبنان وأهله.
هكذا اكتلمت الصورة، وجمع الله شمل الأصدقاء... شهداء.
الشهيد المجاهد محمد مهدي احمد مرتضى، مواليد بعلبك 1984 استشهد أثناء أدائه واجبه الجهادي بتاريخ 20/05/2013.
الشهيد المجاهد علي الرضا حسان اللقيس، مواليد بعلبك 1986 - استشهد في 0808/2006..
الشهيد المجاهد فؤاد سعيد مرتضى، مواليد بعلبك 1985 – استشهد في 06/10/2014.