إنها الحرب. ليست نزهةً على شرفات شبابٍ لم تتجاوز أعمارهم العشرين، فلأول مرة يقف "شادي" و"محمد" و"يوسف" وكثيرون وجهًا لوجه في قتال عدوٍّ يتربص بهم منذ تحرير الـ 2000، في قرى تخلو من كزدرات الصبايا وحنان الوالدَيْن. وأمام دنيا الأهل والبيت والأحبّة، ما الذي يدفع هؤلاء إلى صمودٍ يغيّر مستقبل الشرق الأوسط، وينكّس رؤوس محاربين أفنوا أعمارهم في التّدرب لاحتلال الجنوب؟!
الشهيد شادي هاني سعد(19عاما) نموذجًا.
- استشهد شادي.
- من شادي؟!
- شادي سعد! ألا تعرفونه! إنّه أشهر من أن يُعرَّف!
- بلى نعرف شادي! لكن شادي استشهد؟! وهل بقي شادي في القرية ليحارب؟! وهل كان شادي في صفوف المقاومة؟!
كان مميّزًا خبر شهادة شادي سعد، على الأقل في بيئةٍ تخوض حربًا لأول مرة في "عيتا الشعب"، القرية التي يحاول الإسرائيليون بكل قوّتهم دخولها.
وقرار الصّمود ليس سهلًا. إذ خرج أهالي القرية في اليوم الثالث للعدوان في مواكب تفاديًا لمشاهد المجازر الجماعية لأنّ القذائف تتساقط كالمطر فوق البيوت، لتخلو القرية من أهلها سوى ما ندر.
كان شادي(جبريل) في مجموعة القاسم ابن الحسن، التي بقيت في وسط البلدة تمد المقاومين بالمؤن من دون أن تتمكن من الالتحاق بالصفوف الأمامية.
في يوم 3 آب 2006، كان شباب المجموعة ينتقلون من مكان إلى مكان لشعورهم بالخطر، فما عاد في عيتا مكان آمن من القصف العشوائي الذي يطال كل البيوت. وعن هذا اليوم يتحدث أحد المجاهدين الناجين:" كان شادي يعد الطعام، والبشاشة لا تفارق وجهه الطفولي، عندما سقطت على البيت مجموعة من الصواريخ. ناديت على جبريل(شادي)، سمعت أنينًا، ظننت أنّ هذا صوته، لكنه كان صوت مجاهد آخر أُصيب جراء القصف. عند ساعات الفجر الأولى تفقدنا زميلنا، فوجدنا ما يؤرق وجداننا على شاب كالبدر، كالقاسم ابن الحسن، وعلي الأكبر، رسمت منه كربلاء عيتا الشعب صورة انتصارها".