الشعر الوطني الفلسطيني 2: إبراهيم طوقان - فيصل الأشمر
لعل الشاعر الفلسطيني الكبير إبراهيم طوقان هو أول شاعر فلسطيني ربط الناس بين شعره وبين القضية الفلسطينية، مع العلم أن الشاعر لم يُكتب له أن يعيش ليشهد إعلان الصهاينة ما سُمّي زورًا "دولة إسرائيل" في عام النكبة، العام 1948. فالشاعر المولود في العام 1905 في نابلس، توفي في العام 1941 في القدس، فلم يُفجع بخسارة هذه المدينة المقدسة، وباقي المناطق التي استولى عليها الصهاينة لينشئوا عليها كيانهم المصطنع، ولم يرَ ما تعرض له أهله الفلسطينيون من تشريد وقتل، وتدمير للممتلكات.
عاصر الشاعر الحرب العالمية الأولى بين العامين 1914 و1918، وشهدَ تفكك الدولة العثمانية وهزيمتها، وعاصر أيضًا الانتداب البريطاني لفلسطين، هذا الانتداب الذي غض الطرف عن الهجرة الصهيونية، ودعم الصهاينة وساعدهم في الاستيلاء على فلسطين.
وعلى الرغم من أن الشاعر توفي شابًا، في السادسة والثلاثين من عمره، بعد معاناة شديدة مع المرض، فإنه يعدّ من أشهر شعراء فلسطين والعرب. تنوعت مواضيع شعره بين التجربة الذاتية والتجربة الوطنية. وقد نشر شعره في الصحف والمجلات العربية، ونُشر ديوانه بعد وفاته تحت عنوان: " ديوان إبراهيم طوقان".
اتصف شعر إبراهيم طوقان بالجزالة والقوة، متراوحًا بين المحافظة والتجديد في الصور والمعاني والأوزان الشعرية، كما اتصف بالوضوح والبعد عن التعقيد والرمزية.
يقول الدكتور إحسان عباس في طوقان: "... ربما نسي الشعراء المحدثون أن إبراهيم رائد من روادهم. لقد جرأّهم على التنويع في داخل القصيدة الكبيرة بتنويعات من نوع جديد، ومن خلال البساطة المنفّرة بوضوحها، والتي شاءها مجالًا للشعر فتح لهم الباب إلى خلق دهاليز الغموض. وعن طريق الالتزام بقضية وطنه، أعطاهم درسًا عميقًا في أن الارتباط بقضية الشعب لا بد أن تتم أولًا على مستوى التعبير الدّارج المؤثر الموحي، الذي يعني أن الشعر مظهر ضروري لتصفية المبتذل والمألوف".
عُرف الشاعر بالأناشيد الوطنية والقومية التي رددتها، ولا تزال، الإذاعات العربية إلى اليوم، وأشهرها نشيد "موطني"، ونصه:
مَوطِني!
موْطِني!
اْلجَلالُ وَالْجَمالُ وَالسَّناءُ وَالبَهاءُ
في رُباكْ
وَالحياةُ وَالنّجاةُ وَالهَناءُ وَالرَّجاءُ
في هواكْ
هلْ أراك سالماً مُنَعَّماً وغانماً مُكَرَّمـاً
هَلْ أراك في عُــلاكْ تَبْلُــغُ السِّماكْ
مَوْطِني!
مَوْطِني!
الشَّبابُ لَنْ يَكِلَّ ، هَمُّهُ أَنْ تَسْتَقِلَّ أَو يَبيدْ ،
نَسْتَقي مِنَ الرَّدى وَلَنْ نَكونَ للْعدِا كَالعَبيدْ ،
لا نُريدُ ذُلَّنا المؤبّدا وَعيشـَنا المنكَّـــدا ،
لا نُـريدُ بَلْ نُعيــدْ مجْــدَنا التّليــدْ .
مَوْطِني!
الْحُسامُ وَاليَراعُ لا الكَلامُ وَالنِّزاعُ
رَمْزُنا
مَجْدُنــا وَعَهْدُنا وواجبٌ إلى الوَفا
يَهُزُّنا
عِزُّنا!
غايةٌ تُشَرِّفُ وَرايةٌ تُرَفْرِفُ
يا هَناك في عُلاك قاهِراً عِـداك
مَوْطِني!