من مجاهد إلى شهيد3 – براق العروج
الشهيد محمد علي حمادة "أبو خليل"
كثيرة هي الأمور التي تجعلني حزينًا يا أبا خليل*.
آهٍ لهذا القلب الضعيف كيف يضطرب، من كثرة الأنين وكيف يحرقه الحنين!
ولكنني حزين أيضًا لأنني لم أذكر كل حرف نطقتَه في تلك الساعات العجيبة. أنا إلى الآن لم أفهم لماذا شاء الله تعالى أن يتكرر لقائي بك في أواخر أيام حيات؟! مع أننا افترقنا لفترة طويلة قبل ذاك ؟ ومع أنني أدرك بعضًا من عظمتكم أيها المصطفون لهذا الزمن المليء بالأدوار والأسرار، إلا أنني أتحسر لعجزي عن الاستنارة بنوركم، والارتواء من عذب فيضكم وفضلكم.
ما تَذكره تلك الذاكرة الواهنة المنهكة الضعيفة، لمّا رأيتك بعد طول غياب:
جلسة أولها وختامها بسمة ومسك، ملأى بحديث الروح والملكوت. قد استشهدت بها وباسمك ( جعلتها شاهدًا في بعض أحاديثي ) قبل رحيلك فكيف بعد الرحيل؟!
قد سألتني، وأنا المتهم بالتفسير والتأويل، عن رؤية رأيتَ فيها صديقك الشهيد، الشهيد خليل ضيا، فحاولت كعادتي أن أتهرب، ولكنني أخفقت أمام إصرارك.
الشهيد خليل ضيا
حدثتني عن الطلب الذي طلبه منك، فكان دقيقًا كما طلب: طلب الشهيد من أبي خليل أن يسدد مبلغًا معينًا كان دينًا للطبيب الفلاني، وعندما ذهب أبو خليل الى الطبيب وجد أن المبلغ المطلوب كان كما قال الشهيد تمامًا. أما عن الرحلة الشاقة التي رافقتَه بها في المنام، تبين بعد أسئلة عدة أنها مواجهة من المواجهات الصعبة التي جمعتكما قبل استشهاده. حدثتني كيف صحبك هذا الشهيد ليريك الجنة، فلما أراك قصورها قلت معترضًا، بفكاهتك المعهودة، إنها شبيهة بقصور الدنيا !وعندما أراك حقولها وربوعها اعترضت بأنها شبيهة بالتي تُبث على قناة المنار!
حدثتني أنه أخذك وأراك جموع الشهداء، فنظرتهم لتجد فيهم الشيب والشباب، فقلتَ له: غريب! فأنا أعلم أن أهل الجنة كلهم من الشباب! (شرحتُ لك حينها أنه ربما مرجع ذلك الى أن تلك الجنة هي جنة البرزخ وليست جنة الأخرة).
قال لك: يا أبا خليل لا تلتهوا بالظواهر واعلموا أن: " هؤلاء الشهداء مقامهم هاهنا كمقام أصحاب الامام الحسين (ع)".
حدثتني عن تفاصيل أخرى لا ينبغي ذكرها هاهنا، وعندما ذكرتَ لي أمرًا فهمتُ منه أنك ستلحق به، أي بالشهيد خليل ضيا. تغاضيت عن تفسيره وقلت لك: أنا عادة لا أفسر هذه الأمور. لم أدرك يومها أن سكوتي لن ينفع أبدًا في منعك من الالتحاق بمن عشقت. ولم أتوقع أن عروجك سيكون قريبًا إلى هذا الحد.
ومع أنني في الفترة الأخيرة تعودت على فقد الأحباء، إلا أن وقع خبر استشهادك كان له أثر بالغ في قلبي، دام لأيام وما زال. هو ربما ما دفعني الى كتابة هذه الكلمات، التي أخجل بها لأنها لم ولن تفي شيئا من حقكم، ولكن ما شاء الله أن يكون كان، وهو ولي النعمة والإحسان.
أخوك " براق العروج"
*الشهيد علي محمد حمادة " أبو خليل ": استشهد في 13-4-2014.