زيارة دورية لمرقد احد شهداء التحرير يقوم بها أهله وعياله:
دخلوا إلى جنة الشهداء، وإذ بفتاة، في مقتبل العمر، تجلس قرب مرقد شهيدهم تقرأ آيات من القرآن. تساءل الأهل من تكون هذه الفتاة ؟! وبدأوا يسألون بعضهم عنها.
توجهت زوجة الشهيد إلى والد زوجها وشقيقه متسائلة: هل هي من أقربائكم وأنا لا أعرفها ؟. رد الوالد (حماها): كنتُ سأسألك إن كانت من اقربائكم ؟. وكذلك قال شقيق الشهيد.
وقعت الزوجة القادمة من بعيد في حيرة: تُرى من تكون هذه الفتاة التي تجلس بكل وقار أمام مرقد زوجي، كأنه قبر عزيز عليها.
لم تألُ جهدًا . هناك بعض العاملين والمترددين إلى المكان سألتهم عنها، وكان جوابهم: إننا كثيرًا ما نجدها هنا، ونعتقد إنها ربما تكون ابنة الشهيد!
تفاجأت الزوجة، فهي تربي ابنتهما بأشفار العيون، فهل يُعقل أن يكون لابنتها أخت لا تعرفها ؟!.
استجمعت الزوجة كل قوتها وتوجهت إلى الفتاة. بابتسامة خجولة ألقت عليها السلام. ردت الفتاة التحية، وكان يبدو عليها الحزن والعز في آن .
قالت الزوجة: عزيزتي هل أنت من أقرباء الشهيد؟ تفاجات الفتاة بالسؤال وردت: لماذا تسألين يا سيدتي؟
الزوجة: هو زوجي ولم يسبق أن تعرّفت إليك.
فأجابتها الفتاة والخجل يلعثم كلماتها: أنا آسفة .... انا ... لا ... حسنًا سأخبرك يا سيدتي من أنا.
ردت الزوجة وقلبها يرتجف: أجل أرجوك أخبريني...
أنا ....
أنا ابنة مجاهد غاب عني منذ مدة طويلة، وما زال حيًا يُرزق مع كثيرين يصح فيهم أنهم القول إنهم ينتظرون "وما بدلوا تبديلًا" في ساحات الجهاد المقدس. كان والدي قد أوصاني قبل ذهابه في مهمته الأخيرة أن لا أقطع زيارة ضريح شهيدكم، وقراءة القرآن عنده...
تبسمت الزوجة، وقد انفرجت أساريرها: يا بنيتي أعاد الله والدك سالمًا غانمًا. والدك عزيز غاب عنه عزيزه فأرسلكِ لكي لا يقصّر معه. نحن بخير طالما رفاق درب الشهداء كأبيكِ...