شهدت جادة الشهيد السيد هادي نصرالله أمس الأحد زحمة سير خانقة، لكن، دون تذمّر يُذكر لأهالي المنطقة. ما السبب؟ على مرأى أعينهم ألوان وصور و سيارات "مفخخة" بالورود. هذا يوقف سيارته و يسأل عن الحدث، و تلك تهمس لزوجها: "بكرا ولادنا رح يعيشو هون". وذاك عامل أُنهك في عمله ينتظر نهاية أسبوع تشبه ذاك المهرجان العفوي "جسر اللون". الذي يقول عنه مدير منتدى ألوان محمد علوش إنه بعد التفجيرات الإرهابية التي استهدفت المدنيين الأبرياء، في الضاحية وغيرها، كان لا بد من فسحة للتعبير عن إرادة الحياة والفرح.
يضيف علوش: "نشاطنا نُظم في الهواء الطلق بمشاركة فنانين في مختلف المجالات:رسم -شعر- تصوير - موسيقى- نحت... وقد جاؤوا من كل لبنان. ولا شك أنه يحمل رسالة ما هي باختصار تأكيد على ضرورة التواصل الدائم بين كل أطياف المجتمع اللبناني، ليعبروا عن التصميم على الحياة الجامعة المشتركة، بالفرح وبالألوان، رغم كل المخاطر والتهديد. ويشمل النشاط أيضًا جانبًا تكريميًا للشهداء الأبرياء الذين قضوا في تلك التفجيرات، من خلال لوحات تخلّد ذكراهم تفنن عشرات الفنانين التشكيليين في تزيين جدران الضاحية بها.
هذا فضلًا على مشاركة للشاعر محمد بنوت، ولموسيقيين كعبد اللطيف عبد الله وخضر رجب، وعشرات المصورين وفناني الغرافيك وغيرهم، وقد بلغوا حوالي 45 مشاركًا.
وقد افتتح المنتدى بالنشيد الوطني اللبناني، ونشيد خاص بشهداء الضاحية الجنوبية. كذلك كانت كلمات لكل من رئيس بلدية حارة حريك زياد واكد، وسفيرة السلام وحقوق الانسان ريهام البيطار، ومحمد البندر باسم منتدى "ألوان". ثم اختارت كل مجموعة زاوية قد أعدّتها مقرًا لها لتنشر ألوانها على الجدران، فتنوعت الرسومات بين طائر محلق بطريقة الكولاج، أو لوحة لطفل تحاول محاكاة إحساسه الداخلي، كأنه يريد أن يقول: ما رأينا إلا جميلًا. ومن أجواء السياسة كان لا بد من جدارية تخلّد معادلة: الشعب و الجيش و المقاومة "القاعدة الذهبية".
في زاوية أخرى أُفرد جناح للتصوير الفوتوغرافي عرض فيه الزميل المصوّر في جريدة البلد، فضل عيتاني، صورًا أبرزت حجم الإرهاب الذي تعرضت له الضاحية.
وكان للقسم الإعلامي في بيروت مساهمة خاصة، فهم إضافة إلى مواكبتهم اللوجستية والعملية لمختلف مراحل النشاط، ساهم فنانوهم كالأستاذ أحمد عبد الله والأستاذ علي كنعان بلوحات مميزة، حيث جسّدا صورة واقعية للطفل الجريح الذي اشتهرت صورته بعد تفجير الرويس يمدّ يده من بين الركام وقد تلوّتنت بالدم، واضعين على ملامح وجهه الطفولية علامات الاستفهام، عن وحشية أولئك الذين حاولوا أن يقتلوا بسمته إلى الأبد.
في مشهدية أخرى كانت سيارة مهشمة في أحد الإنفجارت تتهادى مزينة بالورود، على وقع عزف حي، لينتهي النشاط الفني غير المسبوق في الضاحية، وقد أدلى كل فنان بما يعده صرخته الخاصة باللحن واللون والفن.
والجدير ذكره أن منتدى ألوان تأسس في بداية العام 2012، وقد نظم العديد من الأنشطة الأدبية والفنية والموسيقية، هادفًا إلى التفاعل والتواصل وتشجيع الفن، ودعم الحركة الثقافية في الضاحية الجنوبية خاصة، وفي لبنان عامة".